حبر محافظ. أبين!!

كنتُ منذ عام أو أكثر قد توقفت عن مهاجمة محافظة أبين، محافظتي الأبية، اللواء أبو بكر حسين سالم، حتى لا تصدق توقعات الحاشية التي تحيط به أنني مدفوع من أطراف معادية للكتابة عنه لمصلحة جهات أخرى تهدف إلى النيل منه، أو لغرض في نفس يعقوب.
توقفت طوال هذه الفترة، وظننت أن حال المحافظ سيغدو أفضل، وأنه سينطلق للعمل ميدانيًا في المحافظة التي ظلت لعقود تبكي حالها وتشتكي جراحها لكل عابر سبيل، آملة أن يلوح في الأفق المخضب بلون الدماء ضوءٌ يمنح الأمل بأن أبين ما زالت قادرة على النهوض والعطاء ومداواة جراحها الغائرة، لكن خابت توقعاتي، وباتت المحافظة تسير نحو هاوية الفقر والدمار.
عصر اليوم، وبينما كنا نسير مشيًا على الأقدام في شوارع مديرية لودر، إحدى أكبر مديريات المحافظة، سألني أخي ناصر : "ما الذي يجعل لودر بهذا الحال، يا ماهر، وهي تملك من الإيرادات ما يكفيها للنهوض بنفسها وتحسين مظهرها الخارجي، بدءًا من خطوط المدخل الرئيسي التي لا تكاد تخلو من الحفر، وصولًا إلى الشوارع الداخلية والمجاري الممتدة على طول المديرية؟"
ثم تابع متسائلًا: "هل يعقل، يا ماهر، أن تكون لودر ليست في حسبان محافظ أبين، اللواء أبو بكر حسين سالم، حتى يوجه بإصلاح حال المديرية والاهتمام بها، مع العلم أنها ذات أهمية كبرى في المحافظة، وهي المديرية الوحيدة التي تضم سوقًا يجمع كل الأصناف؟"
وهل؟ وهل؟ وهل؟...
توقفت برهة، ثم قلت له: "يا ناصر، للأسف الشديد، فشل أبو بكر حسين سالم فشلًا ذريعًا في قيادة دفة المحافظة، وهي الوحيدة التي ما زالت تئن منذ خروج مليشيات الحوثي إبان 2015."
استمررت متحدثًا: "هل تعلم، يا ناصر، أن إيرادات أبين تكفي لأن تجعلها نموذجًا لا مثيل له في المحافظات المحررة؟ لدينا بحر، ولدينا أسماك، ولدينا زراعة، ولدينا مياه، ولدينا كل شيء، نعم، كل شيء! لكن أين القيادة الصحيحة؟ أين الذين همهم الأول والأخير المحافظة وأبناؤها؟"
"يا ناصر، للأسف الشديد، قيادة أبين، ممثلة بهرم السلطة المحلية، مكتفية بمقايل القات، ولقاءات واهية، وحديث تخزين لا يسمن ولا يغني من جوع."
"هل تعلم، يا ناصر، أن هناك مسؤولين في أبين يتقاسمون الإيرادات أو ما يسمونها "تحسين"، والتي يدخل جزء كبير منها عبر نقاط تتبع قيادات محسوبة على الدولة الشرعية؟"
يؤسفني أن أقول لك إن توجيهات المحافظ أو قراراته، إن اتخذت لصالح الناس، تكون مجرد حبر على ورق، لا أقل ولا أكثر، ودعني أضع لك نموذجًا على حديثي هذا: قبل عام من اليوم، شكونا للمحافظ مشكلة طلاب أبين في سكن بعدن، بعد أن طالبهم مالك السكن بدفع الإيجار، وهم لا يستطيعون تحمل ذلك.
أخذ المحافظ الشكوى ووجه لمدير المالية بصرف إيجار السكن، مع العلم أن حياة الطلاب العلمية قد تتوقف بسبب عجزهم عن السداد.
وحتى اليوم، لم يُدفع الإيجار، ولم تُنفذ توجيهات المحافظ، التي كانت مجرد حبر على ورق.
كيف لك أن تأمل خيرًا وأتفه الأشياء، كسكن الطلاب، لم تقم السلطة المحلية في المحافظة بواجبها تجاهها؟
أخي، نحن في أبين معاقَبون بالسلطة المحلية منذ سنوات طويلة، وربما أننا اقترفنا ذنبًا حتى تكون محافظتنا بين أيدٍ لا ترحم، ولا تخاف، ولا حتى تستحي لتقوم بواجبها.
طريق واحد عند مدخل المحافظة تجد فيه مئات الحفر والمطبات، وأشجارًا على يمينك وشمالك، كأنك دخلت غابة تسكنها الوحوش.
إضاءة في شارع عام، وبشكل يليق بأبين، لا توجد، وحتى الكهرباء تزور أبناء هذه المحافظة أيام المناسبات فقط، وتحل كضيف خفيف لساعات لا غير.
أعلم يقينًا أن هناك أبواقًا هزيلة ورخيصة، تبحث عن مصلحتها، ستخرج لتكذب ما أقول، وربما تتهمني، كما في المرات السابقة، أنني أهاجم السلطة المحلية لمصلحة شخصية، لكن هذا لا يهمني بتاتًا، فحال أبين يُدمى له القلب، ومن لديه مثقال ذرة من الشك، فليزر المحافظة بنفسه ويتأكد من حبر المحافظ.