شياطين خُرس

طالعت خلال هذا الأسبوع اكثر من موضوع ومنشور ينتقدون طروحات الاخوة د عبدالناصر الوالي والاستاذ فضل الجعدي (مع حفظ الألقاب)، ومع ان طروحاتهما تتصف بالشجاعة وكشف مكامن الخلل الا ان هناك اقلام (نحترم اصحابها) يريدون للوالي والجعدي ولغيرهم ان ينضمون الى طابور (الشياطين الخُرس) وما اكثرهم في هذا الواقع البائس.
الطابور الطويل من اجهزة الشرعية المختلفة (برلمان ومجلس شورى وحكومة - اكبر من حكومات دول عظمى - وسيل جرار من الوكلاء في الداخل وفي بلاد النزوح السياحي ومجلس رئاسي، وكثير من العفش المصاحب) كل هذا الجيش المهول، في معظمه، عبارة عن شياطين خرس.
لا نسمع عن هذا الغثاء الا عن صراعهم على المناصب والمخصصات المالية وفي احيان اخرى حين يحدث خطاء هنا او هناك في محافظات الجنوب، اذ لا يفوتون فرصة في سوق (المتاجرة السياسية الرخيصة) كما حدث مع واقعة القبض على الشيخ محمد الكازمي التي تنكرها فطرة المجتمع الجنوبي قبل ان ينطق النخاسون.
لم نسمع ان برلمان البركاني او مجلس شورى بن دغر او باقي (البشكة) تحدث او قدم تصور او تواصل مع اطراف اقليمية او دولية لمعالجة المعاناة التي تطحن الناس، فما نسمعه عنهم هو استثمارات خارجية او حفلات اعراس أسطورية لأولادهم تضاهي حفلات اعراس الملوك والسلاطين، دون حتى حمرة خجل تراعي مشاعر الناس في الداخل الذين لا يجدون طعاما يسد جوع اطفالهم، شمالا وجنوبا.
ومن واقع معرفتي الشخصية بالاخوة، الوالي والجعدي، فأن ما يكتونه، من وجهة نظري، يمثل رسائل سياسية تتجاوز الجغرافيا وليس شكى وبكى كما يظن البعض، اذ يعلم جميع المهتمين ان الصراع في بلادنا يتجاوز تأثيره حدود اليمن والجنوب، فالامن القومي لمحيطنا العربي من جهة ومصالح العالم حيث يمر ٢٠% من نفط وتجارة العالم من جهة اخرى يعني ان القضية ليست شأنا محليا خالصا بما في ذلك كفاءة الشريك المحلي الذي يصنع الاستقرار ويضمن مصالح بلده ويحمي مصالح الاخرين، وعلى ذلك فأن الحديث عن خطوات احادية من الجانب الجنوبي فقط سيصطدم بهذه المصالح ولن يكتب له النجاح، مع احترامنا البالغ لرؤى من ينادون به.
معاناة الناس القاتلة تؤذي مشاعر كل من لديه ذرة من ضمير، والسكوت عنها خيانة في حق الانسانية وقدرنا ان لدينا عناصر سلطة تبلدت مشاعرهم وفقدوا صفة الشهامة، فلماذا يصر بنو جلدتنا، قبل خصومنا، على إسكات الأصوات الشجاعة؟.
ختاما، هذا ليس دفاعا عن الجعدي والوالي فلديهما من القدرات ما يمكنهما من الدفاع عن رؤاهم، ولكنها نصيحة لي ولكل زملاء الكلمة ان يعصرون ما يكتبونه في اذهانهم (قبل ان يسيّلونه مدادا على الورق).
عدن
٢٨ يونيو ٢٠٢٥م