عفو أبين وعدالة المهرة.. مشهدان متباينان يجسدان القيم الإنسانية في اليمن

(الأول) غرفة الأخبار:
شهدت محافظتا أبين والمهرة خلال 24 الماضية حدثين بارزين أعادا إلى الواجهة النقاش حول قيم (التسامح والعدالة) في المجتمع اليمني، حيث اختار أولياء دم في أبين العفو والتنازل عن القصاص في حادث مأساوي، فيما أصر أولياء دم آخرون في المهرة على تنفيذ حكم الإعدام قصاصًا بحق الجاني في جريمة قتل متعمدة.
عفو أبين
في أبين، تنازل أولياء دم ضحايا حادث سير مروع في منطقة جعار عن حقهم الشرعي في القصاص بعد أن فقدت أسرة كاملة مكونة من أب وثلاثة من أبنائه، إثر اصطدام دراجتهم النارية بسيارة يقودها القائد عبدالرحمن الشنيني، قائد قوات مكافحة الإرهاب بالمحافظة.
المأساة التي هزّت وجدان الأهالي تحولت إلى مناسبة للتأمل في قيم التسامح، بعد أن أعلن ذوو الضحايا التنازل الكامل دون مقابل مادي، في خطوة وُصفت بالإنسانية والنادرة، بحضور شخصيات قبلية ودينية بارزة جمعت العائلتين وسط أجواء من التضامن والدعاء.
عدالة المهرة
في المقابل، شهدت محافظة المهرة تنفيذ حكم الإعدام قصاصًا وتعزيرًا بحق المدان سالم سعيد محمد الحريزي، بعد إدانته بقتل الشقيقين سعيد محمد عنبر الحريزي وعلي صالح سعيد علي عمدًا وعدوانًا في جريمة أثارت صدمة واسعة.
النيابة العامة أوضحت أن الحكم جرى تنفيذه بعد استكمال كافة الإجراءات القضائية، بدءًا من المحكمة الابتدائية مرورًا بالاستئناف والعليا وصولًا إلى المصادقة النهائية من رئاسة مجلس القيادة الرئاسي.
ورغم مساعي النيابة العامة لحث أولياء الدم على العفو أو القبول بالدية، تمسك ذوو الضحايا بحقهم الشرعي في القصاص، ليُنفذ الحكم في السجن المركزي بالغيضة بحضور رسمي وشعبي كبير، وسط إجراءات أمنية مشددة.
بين قيم التسامح والعدالة
مشهدان متناقضان، أحدهما يعكس التسامح والصفح في لحظة مأساوية، والآخر يجسد العدالة والقصاص ردعًا للجريمة وحفظًا للنظام العام. وبين العفو والقصاص، يبقى المجتمع اليمني شاهدًا على تنوع القيم التي تتجلى في المواقف الصعبة، حيث يلتقي القانون بالشريعة، وتلتقي العدالة بالتسامح.