المحرمي والبحسني في مواجهة الزبيدي.. انقسام حاد في (الرئاسي) يُهدد تماسه

يبقى مستقبل مجلس القيادة الرئاسي مرتبطاً بمدى قدرة أعضائه على تجاوز الخلافات والاتفاق على آلية واضحة لتقاسم الصلاحيات، وفي غياب ذلك، يظل خطر الانقسام والتعطيل قائماً، ما ينعكس سلباً على مسار العملية السياسية...

المحرمي والبحسني في مواجهة الزبيدي.. انقسام حاد في (الرئاسي) يُهدد تماسه

تقرير (الأول) المحرر السياسي:

أثارت القرارات الأخيرة التي أصدرها نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، اللواء عيدروس الزبيدي، بشأن تعيين وكلاء لمحافظات ووزارات ومؤسسات حكومية، جدلاً واسعاً داخل الأوساط السياسية، في ظل تأكيدات مسؤولين حكوميين أن مثل هذه التعيينات لا تتم إلا بقرارات جمهورية وبالتوافق داخل المجلس.

قرارات مثيرة للجدل
شملت قرارات الزبيدي تعيين نائب لوزير الإعلام، ووكلاء لوزارة الصناعة والتجارة، إلى جانب وكلاء لمحافظات عدن وشبوة والمهرة وأبين والضالع وسقطرى، فضلاً عن تعيين رئيس للهيئة العامة لمصلحة الأراضي والتخطيط العمراني ونواب لشركة النفط. هذه الخطوات وُصفت بأنها أحادية وتجاوزت مبدأ المسؤولية الجماعية المنصوص عليها في قرار نقل السلطة.

ردود فعل متباينة
المحرمي: اعتبر عضو مجلس القيادة الرئاسي، اللواء عبدالرحمن المحرمي، أن القرارات الفردية ساهمت في الانقسام داخل المجلس، محذراً من تأثيرها على العملية السياسية والاستقرار. ودعا إلى الالتزام بالتفويض الذي منح المجلس صلاحيات جماعية.
البحسني: بدوره، شدد اللواء فرج البحسني على أن غياب لائحة عمل واضحة للمجلس سمح بفراغ استغلته "قوى خفية"، مؤكداً أن الوقت قد حان لتوزيع المهام بوضوح وتجاوز المماطلة. واعتبر أن المجاملات لم تعد مجدية أمام تحديات المرحلة.
الغيثي: من جانبه، دعا رئيس هيئة التشاور والمصالحة، محمد الغيثي، إلى حوار جاد ينهي حالة الجمود ويضع آلية تشاركية لصناعة القرار، مؤكداً أن تجاوز التحديات الراهنة يتطلب توافقاً صادقاً.
الأمم المتحدة: المبعوث الأممي هانس غروندبرغ أكد أمام مجلس الأمن أن القرارات الأحادية نادراً ما تسهم في الحلول، بل تعقّد المشهد وتطيل أمد النزاع، داعياً إلى إبقاء قنوات الحوار مفتوحة باعتباره السبيل الوحيد لتجاوز التوترات.

الرئيس العليمي وصمت مؤسسات الدولة العليا
يقف رئيس مجلس القيادة الرئاسي، الدكتور رشاد العليمي، أمام موقف بالغ الصعوبة، فهو بين مطرقة إقرار القرارات بشكل رسمي، ما قد يُعد بداية لتقويض الشرعية الدستورية ويفتح الباب أمام فوضى سياسية، وبين سندان رفضها بما يعني خسارة شريك سياسي مهم داخل المجلس، هذه الخسارة قد تنعكس بشكل مباشر في تقوية جماعة الحوثيين وإعادة الشرعية إلى نقطة الصفر.
وما زاد المشهد تعقيداً الموقف السلبي لـ(مجلس النواب) و(مجلس الشورى) و(رئاسة الوزراء) و(الأحزاب السياسية)، التي لم تُبدِ حتى الآن موقفاً واضحاً أو تصدر بياناً حازماً يدين أو يرفض القرارات، هذا الغياب عن المشهد يعزز حالة الجمود السياسي ويفاقم أزمة الثقة بين القوى المؤيدة للشرعية.

قراءة في المشهد
تظهر المواقف المعلنة انقساماً واضحاً داخل مجلس القيادة الرئاسي بين من يرفضون القرارات الأحادية ويطالبون بآلية تشاركية، وبين الانتقالي الذي يسعى لتبرير خطواته باعتبارها استجابة للواقع القائم، ويعكس ذلك سباقاً على النفوذ داخل مؤسسات الدولة في ظل هشاشة التوافق السياسي، وهذا يخلق عدة سيناريوهات محتملة.

السيناريوهات المحتملة:
تصعيد داخلي: استمرار القرارات الفردية قد يؤدي إلى تآكل الثقة داخل المجلس وتزايد الانقسامات.
تسوية توافقية: إمكانية التوصل إلى لائحة عمل تنظم صناعة القرار بشكل جماعي، وهو ما قد يعيد الثقة ويمنح المجلس فاعلية أكبر.
تدخل خارجي: في حال فشل الأطراف في التوافق، قد يضطر التحالف أو الأمم المتحدة للتدخل لفرض إصلاحات أو إعادة هيكلة.
يبقى مستقبل مجلس القيادة الرئاسي مرتبطاً بمدى قدرة أعضائه على تجاوز الخلافات والاتفاق على آلية واضحة لتقاسم الصلاحيات، وفي غياب ذلك، يظل خطر الانقسام والتعطيل قائماً، ما ينعكس سلباً على مسار العملية السياسية وجهود تحقيق الاستقرار في البلاد.