هل تعبر صحافتنا اليوم عن نبض الشارع؟

مسعود عمشوش

الصحافة الحقة صوت الشارع، وتحرص على التقاط نبضه ونقل هموم المواطنين، سواء كانت متعلقة بالحياة اليومية، أو المشاكل السياسية والاجتماعية، أو الظواهر السلبية. وهي لذلك "مرآة المجتمع" وتعكس قضاياه، وهي كذلك أداة لنقل آراء الناس وتطلعاتهم، ومنبر للتعبير عن مشاعرهم وأحلامهم.

ويفترض أن تكون الصحافة، السلطة السادسة، جسرًا بين الجمهور والقضايا التي تشغل الشارع، وتمارس دور الرقيب الذي يتصدى لمختلف مظاهر الفساد في القطاعين العام والخاص. وفي هذا العصر، عصر الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، على الصحفيين، لكسب ثقة الجمهور، الحرص على التفاعل المباشر مع الأحداث بسرعة والاتكاء على مصادر موثوقة وصادقة كيلا تتيح مجال للصحافة الصفراء المضللة إمكانية تقديم الأحداث بطريقة مغلوطة وتوجيه الجمهور باتجاه مصالح الممولين، أو التركيز على الأخبار التافهة والفضائح والترفيه لإرضاء شهية بعض شرائح الجمهور، على حساب القضايا الجادة والمهمة. 

ولا شك في أن الصحافة التي تريد أن تعبر بأمانة عن هموم الشارع تواجه تحديات مهنية وسياسية واقتصادية وتتطلب تكاتفًا من أجل استعادة المعنى الأصيل للصحافة. فاليوم يواجه الصحفيون العديد من التحديات المرتبطة بمطالبة الجمهور في الشارع بالتعبير عن همومه بمصداقية، وتوصيل الخبر والمعلومات إليه بسرعة ودقة، لاسيما في ظل وجود عدد كبير من الصحفيين والذباب الالكتروني الذين يكتبون باستمرار في المواقع والصحف التابعة لأصحاب النفوذ المالي والسياسي، ومهمتهم الأولى تكمن في تسريب أخبار ومعلومات مضللة بهدف خلق رأي عام مساند لتلك الجهات الممولة.

ومن جهة أخرى هناك ضغوطات سياسية ومالية تواجه الصحفيين الذين يسعون للتعبير عن هموم الشارع. وجميعنا نتذكر المتاعب الجمة التي تعرض لها الشهيد هشام باشراحيل الذي جعل من صحيفة (الأيام) منبرا صادقا للشارع، وفتح مكتبه بشكل يومي لاستقبال شكاوى الناس ومتابعتها ونقلها للجهات المعنية.

ومن التحديات الأخرى التي تواجه الصحافة اليوم وتحد من تناولها لهموم الشارع: الضغوط التجارية؛ فالممولون والمعلنون يلزمون الصحفيين بالتركيز على مصالحهم السياسية والمالية ،، وهذا يؤثر كثيرا في مهنيتها واستقلاليتها. لهذا نلاحظ أن كثيرا من الصحف والمواقع أصبحت اليوم تركز على الإعلانات والموضوعات التجارية والترفيهية والرياضية.

كما أن هناك اليوم صحفا ومواقع إعلامية تهمل تماما ما ينتظره عامة الناس، أي الشارع، وتختار الاكتفاء بالتعبير عن وجهة نظر الجهة التي تصدرها أو تمولها، وتهمل تغطية الأحداث والمعلومات التي تتعارض معها وإن كانت مهمة. وهو ما يتعارض مع رسالة الصحافة ومصداقيتها، وما يطلبه الجمهور من أمانة.

لذلك نعود ونقول: هل تعبر صحافتنا اليوم عن نبض الشارع؟