هل لدى كبار مسؤولينا إدارات مراسيم وعلاقات عامة فعّالة؟

مسعود عمشوش

من المعلوم أن كبار المسؤولين، وبشكل خاص الرسميين، يخضعون عند أداء مهامهم المختلفة، لاسيما تلك التي تتم مع أطراف أجنبية، لعدد من القواعد والتقاليد، المكتوبة أو المتعارف عليها. ويحرص فريق المراسيم بإدارة العلاقات العامة، التي يشرف عليها عادة أفراد متخصصون وذوو خبرة عالية، على تنظيم تصرفات المسؤول المناسبة التي يجب أن تتم وفق لقواعد اللياقة والمجاملات والدبلوماسية، وأن تراعي القيم الخاصة بكل دولة ومجتمع.

وتتجاوز مهام قسم المراسيم في العلاقات العامة تحديد لباس المسؤول ومظهره وطريقة كلامه، لتشمل ترتيب استقباله للزوار والوفود، وتنظيم سير المواكب واختيار المترجمين والمصورين. والمراسيم أداة حاسمة لكسب ثقة الجمهور والاحترام والتقدير نجاح المحادثات واللقاءات والأعمال والمشاريع والتعاملات مع الآخرين.

وتكتسب مهام فريق المراسيم بالعلاقات العامة التابعة لرئاسة أي دولة أو حكومة طابعا دبلوماسيا. فهذا الفريق يقوم بدور محوري في عمل الرئاسة وإدارة العلاقات الخارجية. وغالبًا ما يكون عمله غير ظاهر وشبه سري، إذ يتم خلف الكواليس لضمان الامتثال للقواعد وأمن الفعاليات، وسمعة المسؤول الدولية. فالمراسيم الرئاسية ليست مجرد إجراء شكلي، بل أنها مكون أساسي لإدارة العلاقات العامة التي يقع ضمنها مكتب الرئاسة. فهي تشرف على تنظيم أنشطة رئيس الدولة والحكومة، سواءً كانت تتعلق بالسفر أو الاحتفالات الرسمية أو الاجتماعات الدولية. وتضمن الامتثال للأعراف الدبلوماسية، ويعزز صورة الرئيس والبلاد، ويحافظ على التنظيم مثالي لتصرفات الرئيس.

وتتولى إدارة المراسيم الرئاسية التنسيق في حال استقبال المسؤول الحكومي لوفود اجنبية، وتنسق مع فريق المراسيم الخاص بالضيف وتحدد التفاصيل المتعلقة بالزيارة ومعرفة العادات المفضلة للضيف فيما يتعلق بالضيافة ونحوها وتحدد فئة كبار المسؤولين في الدولة. ويحرص أعضاء المراسيم على أن تتوافق جميع التفاصيل مع معايير البروتوكول الدولية المتعارف عليها. وخلال الزيارات الرسمية، ينظم فريق المراسيم استقبال الضيوف، ويشرف على ترتيب الخطب، وتبادل الهدايا، والتصريحات والتغطيات الصحفية والصور المرفقة بها .

وعلى المستوى الوطني، يُشرف فريق المراسيم على الأنشطة الداخلية للرئيس، ويُنسّق تنظيم الاحتفالات الوطنية، والرسمية كحفلات تنصيب الوزراء وكبار المسؤولين، والاحتفالات التذكارية وحفلات التنصيب. ويضمن الفريق حسن سير كل فعالية، ويضمن سيرها في أجواء منظمة ورسمية.

وبالنسبة لما يحدث في بلادناد يمكننا القول إن علي عبد الله صالح قد جعل من إدارة المراسيم الرئاسية أداة للإفساد وشراء الذمم بواسطة توزيع الظروف وربطات القات، بمناسبة وبدون مناسبة. 

ويمكن أن نشير هنا إلى أن الدكتور وهيب عزيبان، أستاذ العلاقات العامة وعميد كلية الإعلام بجامعة، قد نشر مؤخرا كتابا شاملا عن العلاقات العامة في بلادنا. وفي الثامن من شهر أكتوبر الماضي (٢٠٢٤) نشرنا مقالا طويلا لتقديمه بعنوان (عميد كلية الإعلام بجامعة عدن ينشر كتابا عن العلاقات العامة). وقد ذكرنا فيه أن المؤلف سعى كتابه، الذي يقع في ٣٩٣ صفحة موزعة على اثني عشر فصلا، إلى الجمع بين التقديم التنظيري والتاريخ (أو التطوير) والتطبيق، هذا من جهة. ومن جهة أخرى حرص د. عزيبان في كتابه على ربط العلاقات العامة بتكنولوجيا الاتصال التي أصبحت اليوم الوسيلة الأولى لتنفيذ معظم المهام التي بات يؤديها هذا المجال الإعلامي الحيوي. كما تحدث د. عزيبان في مقدمة كتابه عن أهمية العلاقات العامة في مختلف المؤسسات ودور الاتصال في نجاحها، قائلا: "هناك تلازم بين الإدارة العامة والعلاقات العامة، حيث تعد العلاقات العامة إحدى وظائف الإدارة، لكونها نشاطاً يسعى لكسب وتأييد الجماهير نحو أهداف وسياسات وإنجازات المؤسسة، وخلق جو من الألفة والتعاون بينها وبين جمهورها، من خلال مجموعة من الأنشطة الاتصالية والأعمال المخططة تهدف في الأساس إلى تحسين وبناء علاقات قوية ومتميزة بين المؤسسة وجمهورها من جهة، والمؤسسة والمجتمع المحلي الذي تعيش فيه من ناحية أخرى. وهذا كله يعتمد في الأساس على وجود سياسة سليمة وإعلام صادق على نطاق واسع. وعلى ذلك تقوم العلاقات العامة بالكثير من العمليات التواصلية من أجل التفاهم بين المؤسسة وجمهورها بشقيه الداخلي والخارجي، حيث أن كسب ثقة الجمهور ورضاء لا يمكن أن تتحقق إلا بوتائر مستمرة من الأعمال التواصلية التي تسعى من خلالها إلى تزويده بالمعلومات وكذا استقبالها منه والعمل على تطويرها، وتلبية احتياجاته واكتشاف رغباته وتحديد الخطوات المطلوبة لاستيعابها.