للتحالف ولرعاة العملية السياسية.. ترحيل الحلول يزيد الأزمة عمقًا وتعقيدًا
بينما الأوضاع ذاهبة نحو الانهيار الكامل وبسرعة دراماتيكية، تبقى الحلول والمعالجات معلقة على ذمة أصحاب القرار الفعلي في الشأن اليمني – إقليميًا ودوليًا – الذين لا يزالون يتمسكون ببقاء مجلس القيادة الرئاسي دون تغيير أو تعديل، بما في ذلك البحث جديًا عن صيغة قيادية بديلة تتناسب مع الظروف الراهنة وتخرج البلاد منها بأقل الخسائر.
بعد أن أثبت "مجلس الثمانية" فشله، وأصبح عاجزًا حتى عن قيادة نفسه؛ فالقيادة التي لا تستطيع قيادة نفسها ليس بمقدورها أن تقود غيرها. لقد اكتفى المعنيون بالتوافق على رئيس وزراء جديد للحكومة دون تغيير في قوامها؛ وهي حالة تعكس عدم الجدية في الإصلاح أو التغيير.
فما الذي ينتظره التحالف والرباعية ورعاة عملية السلام أكثر من ذلك حتى يقتنعوا بأن (الشرعية) قد سقطت عنها صفتها عمليًا؟ وأن الناس ينظرون إليها كخصم أول وسبب رئيسي لمأساتهم، وأن من يحافظ عليها أو يقف معها – بغض النظر عن الدوافع والمبررات – فهو في نظرهم العدو الأكبر لآمالهم وطموحاتهم ومستقبلهم.
ربما أن في أجندتهم المجدولة — زمنًا وأهدافًا ومسارات — ما يجعلهم متمسكين ببقاء هذه (الشرعية) بما هي عليه من فساد وعجز حتى تكمل ما رُسم لها، أو ما يزال مطلوبًا منها القيام به؛ لتكتمل بذلك دائرة الجحيم المضروبة حول الناس وتلقي بهم في النهاية إلى المجهول.
مثل هذا التأجيل والتمهّل في الحل بالنسبة للشعب في الجنوب ولقضيته الوطنية أمر مرفوض؛ مع علم بعض الأطراف — إن لم تكن جميعها — بأن قضية الجنوب عصيّة على الشطب، أو أن القفز عليها غير ممكن كما قد يتصور البعض. وهذا ما يمثل مصدر تساؤلات مشروعة للجنوبيين حول طبيعة الموقف الحقيقي لدى كل الأطراف تجاه قضيتهم.
أفيدوا الناس أيها الأشقاء والأصدقاء؛ فمن مصلحة الشعب معرفة الحقيقة إن كانت هناك مصلحة أصلًا في بقاء هذه الظروف الكارثية؛ قبل أن تنفجر الأوضاع في وجه الكل ويخسر الجميع.
ومن ناحية أخرى، هل ما زالت (الشرعية) تعتقد أن مصيرها ما زال بيد التحالف والرباعية وأنهم وحدهم من يستطيع حمايتها؟ أم أن الشعب الذي تعتقد — واهمة — أنه تمثله هو وحده من بيده قرار إزاحتها من المشهد؟ عليها وعلى داعميها ألا تنخدعوا باستكانة الشعب المؤقتة وطول صبره الذي قد بلغ أقصى مدى؛ فالتجارب قريبة وماثلة أمام الجميع.
المارد الجنوبي حين ينهض للتخلص من أوجاعه وأوضاعه البائسة، ومنطلقًا نحو أهدافه النبيلة، لا يحدد موعدًا لذلك ولا يستأذن أحدًا.