احذروا فيها إنّ.
أكتوبر مجيد وسنستعيد الكرامة. لا يخلط الماء بالزيت.
خمسة وثلاثون عامًا من المعاناة والألم والقهر والجوع والمرض دون سبب، فقط لأننا كنا طيبين جدًا. ثلاث محاولات عسكرية كبرى لإخضاع الجنوب بالقوة واحتلاله لم تفلح، لكنها أطلَت زمن المعاناة وخسِرنا خيرة رجالنا وأثمن خيراتنا. فيها إنّ.
كتموا أنفاس شعبنا بقفل كبير من الداخل، فقمنا بمقاومتهم بالكلمة، ثم بالحجة بلا حياء، ثم بالأجساد العارية فتجبّروا، فإذا عقلناها وتوكلنا فكان النصر المبين فكسرنا القفل من الداخل، فإذا هناك قفل آخر من الخارج. سنفتحه بإذن الله بالحكمة والعقل والصبر طال الزمن أو قصر. ولو فيها إنّ.
أرضنا بيدنا وثروتنا تحت أيدينا وهي وفيرة ونحن نموت من الجوع والمرض. فيها إنّ.
شعب متعلم مثقف واعٍ يعرف حقوقه؛ أغضبهم فعملوا على تجهيله. تحمّل المعلمون والأساتذة حقارة الرواتب وعادوا من احتجاجهم السلمي على مضض، وبإخلاص ووطنية، فقطعوا الرواتب عقابًا لهم. (جوع كلبك يتبعك). يؤذوننا في الحاضر ويريدون أن يؤذوا مستقبل أولادنا. فيها إنّ.
لا مصافي تعمل ولا ميناء يعمل ولا مطار يعمل، ولا نفط أو غاز يُصدّر، ولا صناعة تُشجَّع، ولا زراعة تُطوَّر، ونحن لسنا محاصرين! ومنتصرون ولسنا مهزومين!! وأحرار ولسنا مُحتَلّين؟
عشر سنوات منذ التحرير الثاني لعدن والجنوب؛ لماذا؟ لا أجد جوابًا. فيها إنّ.
نحن مقتنعون أن "صبر سنة خير من حرب يوم واحد". ولكن نخشى أن ينقرض شعبنا ولن نجد من نقول له "اصبر". ربما هذا هو الهدف: الأرض والثروة، ولا حاجة للشعب. فيها إنّ.
لك الله يا غزّة؛ نحن في الجنوب فقط من نعرف حجم معاناتكم وحجم القهر والبؤس، ولكن أنتم عدوكم واضح ومعروف ولا خيار لكم، ونحن؟! يا الله. فيها إنّ.
من أجل المشروع العربي والمصلحة العربية الكبرى دخلنا في تحالف مع أشقائنا من القوى الوطنية الشمالية على أمل تحرير صنعاء والتخلص من الانقلاب، فإذا بنا نتعارك على تعيين إمام مسجد في أحد أزقة عدن أو مدير إدارة في إحدى مؤسسات الجنوب وتستنفر الدنيا! فيها إنّ.
أكتوبر مجيد، وبعد اثنان وستون عامًا منذ التحرير، أقول بصراحة: نحن لسنا في حال أفضل، ونحن نستطيع ويجب أن نكون في حال أفضل. فيها إنّ.
نسيج اجتماعي متجانس، ولو حاولوا إثارة الفتن من عدن إلى حضرموت إلى المهرة إلى سقطرى، سنقضِي الفتن وسنجد حلًّا وصيغة للتعايش في جنوبنا الحبيب كما نريده ونرضاه نحن بدون وصاية أو إملاء. يتحدثون معنا بصيغٍ توهمنا زورًا أن الشمال واحد موحد عند الحديث عن الوحدة المشؤومة، ويطلبون منا قليلًا من الصبر حتى يذهب الحوثي. فيها إنّ.
ويتحدّثون بالتدليس الفاضح عن "دول" و"أقطار" و"أمصار" و"ولايات" الجنوب وأن علينا توحيدها أولًا قبل الحديث عن استعادة الدولة الجنوبية الحرة ذات السيادة بحدود عام 1990؛ احتقار واستهزاء واضح مفضوح. يروّجون بهتانًا لغرض في نفس يعقوب أن هناك حوالي 20 مليون شمالي على قلب رجل واحد، وأن حوالي 9 مليون جنوبي مختلفون وما إلى ذلك. فيها إِإنّ.
أعتذر عن نفسي لشعبنا عن هذا الوضع البائس، وأعتذر لِمَا لم أستطع أن أفعله أو أصَرّح به أكثر من هذا. ألم أقل لكم "فيها إنّ"؟
أكتوبر مجيد، وكل عام وأنتم بخير. ستزول الـ"إنّ" وسيأتي النصر. تحياتي.
أ. د. عبدالناصر الوالي
٧ أكتوبر ٢٠٢٥ م