ظاهرة تدهور التعليم الأسباب والحلول

مسعود عمشوش

لا يختلف اليوم اثنان حول حقيقة أن مستوى التعليم في بلادنا قد تدنى بشكل خطير خلال الأربعة عقود الماضية، وفي جميع المستويات: الأساسي والثانوي والجامعي. فاليوم ليس نادرا أن يكتشف ولي الأمر أن ابنه الذي أكمل المستوى السادس لا يعرف يقرأ ولا يكتب. وكثيرا ما نسمع أن مستوى خريج الثانوية في سبعينيات القرن الماضي يفوق مستوى خريج الجامعة اليوم.

لذلك علينا التسليم بأن هناك خللا كبيرا في التعليم في بلادنا. وهناك عوامل عدة لهذه الظاهرة. منها ما يرتبط بتخفيض الميزانية ونقص التمويل المخصص للتعليم، وهو أمر فرضه اقتصاد العولمة الذي يحد من الانفاق على التعليم المجاني. 

وقد أدى غياب تمويل التعليم إلى نفور الطلبة الجيدين من اختيار الالتحاق بكليات التربية والالتحاق بسلك التدريس، وكذلك بروز ضعف كبير في تأهيل المعلمين القادرين على استخدام طرق تدريس الحديثة في هذا العالم الذي شهد تطورا كبيرا في المناهج ووسائل الاتصال الرقمية. ومن المؤكد أن المناهج الدراسية لم تعد مناسبة أو غير محدثة، ولا تلبي احتياجات الطلاب، إضافة إلى ضعف في البنية التحتية، ونقص في التجهيزات.

ومن ناحية أخرى فاقمت الأزمات والحروب التي شهدتها بلادنا من سنة ١٩٩٠ الظروف المادية لمعظم الأسر التي لم تعد قادرة على توفير متطلبات التعليم المتعددة ملابس أجهزة مواصلات كتب.. الخ. وكذلك المتابعة اللازمة لأولادها الذين أصبحوا ضحية إدمان الإنترنت وألعاب الفيديو، والقنوات الفضائية. وقد أدى طغيان ثقافة الصورة إلى إبعاد الكبار والصغار عن الكتاب والقراءة والكتابة.

وتعد ظاهرة تفشي الغش من العوامل التي ساعدت على تدني المستوى التعليمي بلادنا. وهي ظاهرة تحتاج إلى اعتماد سياسات جديدة في تقييم التلاميذ والطلبة. ربما يكون أفضلها اعتماد النتائج التراكمية للمستويين الأساسي والثانوي لدخول الجامعات.واعتماد النتائج التراكمية فقط في الجامعة.

ومن أهم التحديات التي تواجه التعليم اليوم: طغيان السطحية وثقافة القشور، وهي ظاهرة فاقمها ظهور كثير من المؤسسات التعليمية الافتراضية التي تمنح شهادات علمية مختلفة بمقابل، وجزء كبير منها لا يقدم للطالب غير رؤوس أقلام حول التخصص. وفي الحقيقة أن كثيرا من الكليات والجامعات في بلادنا، تمارس نهج التسطيح، وتشجع المدرسين على اعتماد الملازم وكلفتة المناهج بأي طريقة وفي أسابيع محدودة.

وفي نهاية هذه السطور نذكر أن تدني المستوى التعليمي يعد اليوم موضوعا شائكا وصعبا، وهو من أهم التحديات التي تواجه الحكومات والآباء والأمهات والمعلمين على حدٍّ سواء، ولتجاوزه ينبغي تظافر جهود الجميع، الإداراة والأهل والمعلم، ولا يمكن حل هذه المشكلة إلا بأساليب تربوية مهنية راقية.