مستدلًا (الجنوب لم يكن يوماً كتلة سياسية واحدة).. نائب مدير قناتي (العربية) و(الحدث) ينتقد التطورات الأخيرة في حضرموت
(الأول) متابعة خاصة:
يرى الكاتب زيد بن كمي أنَّ الأحداث الجارية في حضرموت لا يمكن فهمها بمعزل عن تاريخ طويل من التشكّل السياسي والاجتماعي في جنوب اليمن، مستنداً إلى أطروحات المؤرخ جون ويليس، يؤكد الكاتب أن الجنوب لم يكن يوماً كتلة سياسية واحدة، بل "فضاء واسع من الشَّبكات المحلية والمراكز المتعددة"، مما يجعل أي محاولة لفرض السيطرة عَنْوَةً على محافظة بحجم حضرموت مجرد "اصطدام بتاريخ لا يقبل الهيمنة المفاجئة".
التحركات الأحادية تجاوز للتوازنات
يشير الكاتب إلى أن التحركات الأحادية التي قام بها المجلس الانتقالي الجنوبي مؤخراً هي محاولة لخلق واقع يتجاوز المجتمع المحلي وتوازناته، متجاهلاً الطبيعة الخاصة لحضرموت التي حافظت على مسافة سياسية من مراكز التوتر التقليدية.
هذا ما يفسر، بحسب الكاتب، الموقف الحازم الذي أظهرته المملكة العربية السعودية، التي أعلنت رفضها القاطع لسيطرة المجلس الانتقالي، واعتبرتها خرقاً مباشراً للمرحلة الانتقالية وتقويضاً لسلطة الحكومة الشرعية.
الإصرار السعودي لقطع الطريق أمام الفوضى
لهذا، جاء الإصرار السعودي على انسحاب قوات المجلس الانتقالي من محافظتي حضرموت والمهرة، وعودة الأوضاع إلى ما كانت عليه، وتسليم المواقع لقوات درع الوطن. ويؤكد الكاتب أن هذا الإصرار ليس مجرد إجراء عسكري، بل محاولة استراتيجية لقطع الطريق أمام تكرار نماذج الانفلات التي شهدها اليمن خلال العقد الماضي، ولمنع انزلاق حضرموت إلى فوضى لا طاقة لها بها.
كما تشدد الرياض على أن القضية الجنوبية قضية عادلة لا يمكن تجاوزها، لكنها لا يمكن أن تُختزل في شخص أو فصيل واحد، لأن تاريخ الجنوب بُني على تعدُّد الأصوات والمكونات. وبالتالي، ترفض المملكة تحويل القضية إلى ذريعة لفرض السيطرة أو تغيير الوقائع بالقوة.
تحذير من استنساخ الممارسات
يُحمّل الكاتب المجلس الانتقالي مسؤولية التجاوزات التي ارتكبتها قواته، مثل الاعتقالات والإخفاء القسري ونهب الممتلكات، مشيراً إلى أن هذه الأفعال "مقلقة وتتقاطع مع ممارسات الميليشيا الحوثية"، ما يجعل رفض الرياض لأي محاولة لاستنساخ هذا النموذج في الشرق قاطعاً.
ويختتم الكاتب بأن ما حدث في حضرموت هو اختبار حقيقي لقدرة اليمنيين على احترام رواسب تاريخهم، والعمل بروح واحدة ضمن مظلة مجلس القيادة الرئاسي، وتقديم الأولويات الاقتصادية على حساب صراع النفوذ ومنع المغامرات العسكرية التي تعيد رسم الجغرافيا السياسية عنوةً.
رابط المقال
