تتويج أكاديمي لقراءة جمالية للمأساة.. الفنان التشكيلي خالد بريك يحصد أعلى تقدير في الدكتوراه من جامعة محمد الخامس

تتويج أكاديمي لقراءة جمالية للمأساة: الفنان التشكيلي خالد بريك يحصد أعلى تقدير في الدكتوراه من جامعة محمد الخامس

تتويج أكاديمي لقراءة جمالية للمأساة.. الفنان التشكيلي خالد بريك يحصد أعلى تقدير في الدكتوراه من جامعة محمد الخامس

الأول /خاص

من علاء مولى الدويلة

في إنجاز أكاديمي لافت، استطاع الباحث خالد سالم بريك أن يحوز أعلى تقدير تمنحه لجان الدكتوراه، بعد أن منحتْه لجنة المناقشة درجة "مشرف جدًا"، تقديرًا لقيمة أطروحته العلمية وإسهامها في دراسة جمالية القبح والفن العلاجي، وقد جرت المناقشة صباح اليوم الجمعة (12 ديسمبر 2025) في كلية علوم التربية بجامعة محمد الخامس بالرباط، بحضور المستشار الثقافي بسفارة اليمن لدى المغرب الدكتور عبده العديني ونخبة من الأساتذة والباحثين والفنانين التشكيليين وطلبة الدراسات العليا، الذين تابعوا أطوار الجلسة وما تخللها من نقاش علمي رصين.

وجرى تقديم الأطروحة، المُنجزة تحت إشراف الأستاذ الدكتور عبدالله بن عتو، الموسومة: "الحروب في الفن التشكيلي: قراءة جمالية للقبح في بعدها النفسي والتربوي نحو تصور للعلاج النفسي بالفن"، وهي دراسة تسعى إلى مساءلة مفهوم القبح في الفن من زاوية فلسفية وجمالية، مع تحليل علاقته بالصدمة وبالمقاربات النفسية الحديثة.

وناقش الباحث في أطروحته مجموعة من التجارب الأوروبية التي نشأت في سياقات الحرب والعنف، مُبرزًا كيف أسهمت التجارب القاسية لهؤلاء الفنانين في بروز اتجاه جمالي جديد يقوم على "جمالية القبح"، ويمنح الفن قدرة تعبيرية على كشف المأساة الإنسانية وإعادة تأويل الواقع العنيف. كما تناول البحث تجارب فنانين عرب من دول مزقتها الصراعات، حيث جاءت أعمالهم التشكيلية شاهدة على الوجع الجماعي، وحاملة لخطاب فني مقاوم يسعى إلى إعادة بناء الذاكرة وتوثيق الألم الإنساني.

وركزت الأطروحة على الدور العلاجي للفن من خلال ما يُعرف بـ"العلاج بالفن"، بوصفه مدخلاً للتخفيف من آثار الصدمات النفسية واستعادة التوازن الانفعالي، عبر منح الأفراد مساحة للتعبير الحرّ عن مشاعرهم وتجاربهم العميقة، كما ناقش البحث جملة من الإشكالات الفلسفية المرتبطة بتطور مفهوم القبح، وموقعه في الفكر الجمالي، وكيفية قراءته داخل الأعمال التشكيلية المستوحاة من الحروب، إلى جانب الأساليب التي يوظفها الفنانون لنقل رسائل إنسانية كثيفة الدلالة.

وخلصت الأطروحة إلى نتائج نوعية، أبرزها أن القبح لم يعد نقيضًا للجمال، بل تحول إلى قيمة جمالية قائمة بذاتها، تمتلك القدرة على تفسير الواقع وكشف المظالم. كما أكدت أن الفن المعاصر - بمختلف مدارسه واتجاهاته - اعتمد القبح منطلقًا تعبيريًا واعيًا يعيد تشكيل الذائقة ويوسّع الأفق الجمالي، ويمنح الفن طاقة نقدية وعلاجية في آن واحد.

وقد تكوّنت لجنة المناقشة من الدكتورة ماجدولين النهيبي رئيساً، وعضوية كلا من الدكتور أحمد زنيبر، والدكتور عبدالله مطيع، الذين أثنوا على الجهد البحثي والمنهجي للطالب، واعتبروا عمله إضافة قيّمة إلى حقل الجماليات والفنون التشكيلية.

ويمتد الحضور الفني للباحث خالد بريك خارج الإطار الأكاديمي هو أستاذ التربية الجمالية في جامعة حضرموت باليمن، إذ شارك خلال سنوات دراسته العليا في عدد من الأنشطة والفعاليات الفنية والثقافية بالمغرب. ومن أبرز مشاركاته حضوره في فعاليات الدورة السادسة لمهرجان الإكليل الثقافي (03–20 دجنبر 2024)، المنظمة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، حيث قدّم معرضه الفردي "ريشة من المشرق بألوان المغرب" الذي عكس براعة مزجه بين جماليات الشرق والمغرب، مُجسّدًا جسرًا فنيًا نابضًا يربط بين تراث البلدين الشقيقين.

كما شارك بريك في النسخة الرابعة من المهرجان المنعقدة تحت شعار "المغرب في قارته"، وعرض خلالها أكثر من 20 لوحة تشكيلية قدّم عبرها رؤية فنية متكاملة تمزج بين الخط العربي والتراث، بما رسخ مكانة الفن التشكيلي بوصفه جسرًا ثقافيًا بين الحضارات ولغة إبداعية تتجاوز الحدود.