ملفات معقدة وتصعيد البحر الأحمر.. كيف سيواجه رئيس الحكومة "بن مبارك" التحديات الراهنة؟
عاد الدكتور أحمد عوض بن مبارك إلى رئاسة الحكومة اليمنية مجددا بعد نحو عشرة أعوام على اعتذاره عن قبول تكليف الرئيس السابق عبدربه منصور هادي له بتشكيل حكومة توافقية (في أكتوبر من عام 2014 عقب اجتياح مليشيات الحوثي للعاصمة صنعاء).
وأصدر رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي مساء أمس الإثنين، قرارا بتعيين "أحمد بن مبارك" رئيسا لمجلس الوزراء، خلفا لمعين عبد الملك الذي يتولى رئاسة الحكومة اليمنية منذ أكتوبر 2018.
القرار جاء بحسب مراقبين في ظروف أزمات وتحديات متشعبة تواجه الحكومة الشرعية المعترف بها، أبرزها التدهور الاقتصادي، والتحشيد الحوثي إلى الجبهات، وأخرها التصعيد في البحر الأحمر، وما قابله ذلك من غارات أمريكية بريطانية على مواقع للحوثيين.
قرار تغيير رئيس الوزراء حظي بتوافق أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، لكن وبحسب مصدر مطلع فإن الخلاف على الشخصية البديلة كان سبب ارجاء القرار وإعلانه أكثر من مرة، كما أن التصعيد الحوثي في البحر الأحمر مؤخرا كان أحد الأسباب التي أجلت قرار الإطاحة بمعين عبد الملك من منصبه.
من هو بن مبارك؟
أحمد عوض بن مبارك من مواليد عام 1968م بمدينة عدن، حاصل على دكتوراة في إدارة الأعمال من جامعة بغداد بالعراق، عمل أستاذا لإدارة الأعمال في جامعة صنعاء منذ العام 2002م.
شارك في الثورة الشبابية عام 2011 ضد الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح، وفي 18 يناير 2013 عُين أمينا عاما لمؤتمر الحوار الوطني، وفي 11 يونيو 2014 تم تعينه مديرا لمكتب رئاسة الجمهورية.
وفي 7 أكتوبر 2014 م تم تعيينه بمنصب رئيس الوزراء لكنه اعتذر عن المنصب، بعد ذلك في يوليو 2015 عُين سفيراً لليمن في واشنطن، وفي 18 ديسمبر 2020 عُين وزيرًا للخارجية وشؤون المغتربين.
وعود أولية
عقب إعلان قرار تعيينه رئيسا للوزراء، سارع بن مبارك إلى طرح وعود أولية للشعب نشرها عبر تدوينة له على منصة "إكس" وقال إنه "يتولى هذا المنصب بعزيمة وإصرار على تحقيق نتائج ملموسة في حياة كل يمنية ويمني" وهو ما يأمله اليمنيون من هذا التغيير، بتحقق نتائج ملموسة بتعافي الاقتصاد، واستقرار العملة، والخروج من أزماتها المركبة.
وفيما أكد أنه يدرك ما يمر به الشعب من معاناة، وما قدمه ولا زال يقدمه من تضحيات في معركته لإنهاء الانقلاب واستعادة الدولة وانتصاره لقيم الجمهورية اليمنية ومبادئها الوطنية الديمقراطية الأصيلة، أوضح بن مبارك أن "الحكومة اليمنية ستعمل جاهدة من أجل التصدي لتحديات المرحلة الراهنة بروح الشراكة الاقليمية والدولية والحرص على ان تكون اليمن شريكا في إحلال السلام والأمن".
وقبيل تلقيه برقيات التهاني والمباركة، سارع بن مبارك إلى دعوة وزراء حكومته الى "شحذ الهمم وتوحيد الجهود، والحفاظ على تقاليد إدارة الدولة، وإعلاء القانون والحرص على الحق العام والعمل بروح المسؤولية".
ظرف مثقل بالتحديات
ويواجه بن مبارك وحكومته خلال الفترة القادمة ملفات متشعبة، وتحديات متعددة، أبرزها معالجة الوضع الاقتصادي، وتقديم الخدمات في مختلف الجوانب، وتحسين موارد الدولة خصوصا بعد توقف تصدير النفط نتيجة الهجمات الحوثية على الموانئ، والاستقرار في العاصمة المؤقتة عدن.
وخلال الأيام القليلة الماضية بلغ سعر صرف الدولار الواحد في عملية البيع 1666 ريالاً، والشراء 1653 ريالاً، وسعر الريال السعودي الواحد بلغ 437,5 ريالاً في عملية البيع و432 في عملية الشراء.
وفي هذا السياق يقول الخبير والمحلل العسكري الدكتور علي الذهب إن قرار تعيين أحمد بن مبارك رئيسا للوزراء جاء "في وقت و ظرف مثقل بالتحديات، وهذه التحديات في المقام الأول تحديات اقتصاديه، والتحديات الأخرى خدميه فضلا عن التحديات السياسية والأمنية وكل هذه التحديات، عجزت الحكومة السابقة عن إحداث ثغرة في جدارها للعبور نحو حل بقية المشكلات".
وأضاف الدكتور الذهب في حديثه "أن الموارد هي رقم واحد في صدارة ما يجب انجازه لتجاوز هذه التحديات، ونعني بالموارد مثلا موارد النفط والغاز، وهي موارد متوقفة إلى حد ما، وكذلك موارد الموانئ خصوصا ميناء عدن وهي موانئ متعثرة بسبب التحديات التشغيلية، بالإضافة الى التحركات الحوثية التي تجبر السفن على التفريغ في ميناء الحديدة، فضلا عن موارد الجمارك".
وأكد الذهب أن توحيد الوعاء الضريبي وفرض رقابة على عمليه التحصيل والإشراف الحكومي المباشر عليها تحدي آخر، ومهمة كبيرة ستوفر جزءا من المتطلبات المالية لمواجهة التحديات الخدمية في الصحة والتعليم والطرق والبنية التحتية والانشاءات وغيرها.
فرص النجاح
قضت المادة الثانية من قرار رئيس مجلس القيادة الرئاسي باستمرار أعضاء الحكومة في أداء مهامهم وفقا لقرارات تعيينهم، وهو تحدي بحد ذاته يواجه رئيس الوزراء الجديد.
يقول الدكتور الذهب أن "الطاقم الوزاري هو واحد من التحديات وهو السبب الرئيسي في خروج معين عبد الملك من منصبه، وهذا الطاقم لم ينجز شيء، او تعثر في الإنجاز، وهو نفسه الطاقم الذي سيقود به الدكتور بن مبارك الحكومة خلال الفترة القادمة".
وأوضح أن أمام رئيس الوزراء الجديد فرص متعددة للنجاح أولها إنه ينتمي إلى جغرافيا الجنوب وسيقطع الطريق أمام المتذعرين بأن رئيس الوزراء من جغرافيا الشمال والتي أعاقت كثير من الخطوات التي كان يتخذها معين عبدالملك، لكنه لا يمتلك سند ميداني يتكئ عليه كأعضاء مجلس القيادة الذين يمتلكون قوات على الأرض.
من جانبه يرى الصحفي "زكريا الكمالي" في حديث أن "عودة بن مبارك هذه المرة مختلفة بعد أن أصبح مدججا بخبرة دبلوماسية كبيرة إثر تدرجه في منصب سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ثم وزيرا للخارجية".
وبين الكمالي أن نجاح "بن مبارك" في قيادة الحكومة هذه المرة، مرهون بتوفر بيئة مستقرة " دعم داخلي من المكونات، تمكين الحكومة من ممارسه كامل مهامها دون تنازع الصلاحيات، ودعم سعودي أكبر، بانتظام الوديعة للبنك المركزي بما يقود لاستقرار سعر صرف العملة بشكل نهائي، ثم التفكير بحلول لأزمة البحر الأحمر".