إسرائيل تقصف رفح من الجو وأمريكا تحث على التروي
بذلت الولايات المتحدة مسعى جديدا يوم الثلاثاء لوقف إطلاق النار في غزة لتفادي مجاعة من صنع الإنسان وتضغط على حليفتها إسرائيل للتراجع عن خطط لشن هجوم بري، على رفح، الملاذ الأخير لأكثر من مليون نازح.
وأعلن وزير الخارجية أنتوني بلينكن عن رحلة إلى الشرق الأوسط يجتمع فيها مع قيادات بارزة في مصر والسعودية "لمناقشة الإطار الصحيح لسلام دائم". ولم يشر بلينكن، وعلى غير العادة، إلى توقفه في إسرائيل نفسها، وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية إنها لم تتلق أي إخطار للاستعداد لزيارة من هذا القبيل.
وفي رفح، سار ناجون في حالة ذهول أنقاض منزل صباح يوم الثلاثاء، وهو أحد المباني العديدة التي أصابها القصف الجوي الإسرائيلي ليلا والتي أدت إلى مقتل 14 شخصا في المدينة التي يلوذ بها أكثر من نصف سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.
وفي مشرحة مستشفى قريبة، انتحب أقارب قتلى بجانب الجثث الملقاة على الحصى. وأزاحت امرأة كفنا صغيرا ملطخا بالدماء لتكشف عن وجه صبي صغير.
وقال إبراهيم حسونة أحد الذين فقدوا بعض ذويهم "بالنسبة للدعم الأمريكي والدعم الأوروبي ودعم العالم كله لإسرائيل، بيدعموهم بالسلاح وطائرات، باستمرار الطائرات وبيضحكوا علينا وينزلوا لنا أربع أو خمس مظلات بس براية عتب (لحفظ ماء الوجه)".
ودخلت الحرب شهرها السادس بعد اندلاعها عقب هجوم حماس في السابع من أكتوبر تشرين الأول والذي تمخض عن مقتل 1200 شخص وأسر 253 رهينة وفقا للإحصائيات الإسرائيلية.
وتأكد مقتل نحو 32 ألف شخص في الهجوم الإسرائيلي، وفقا لمسؤولي الصحة الفلسطينيين مع احتمال وجود آلاف آخرين تحت الأنقاض.
وقال المرصد الدولي للجوع الذي تعتمد عليه الأمم المتحدة في بياناتها يوم الاثنين إن نقص الغذاء في غزة تجاوز بالفعل مستويات المجاعة بكثير وإن سكان غزة سيموتون قريبا من الجوع بمعدلات المجاعة إذا لم يتسن التوصل إلى هدنة على الفور.
وترفض إسرائيل تحمل مسؤولة المجاعة في غزة. ولم تسمح في البداية بدخول المساعدات إلا من خلال نقطتي تفتيش على الطرف الجنوبي لغزة وتقول إنها تفتح الآن طرقا جديدة برا وبحرا وجوا، وإن على الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة الأخرى بذل جهد أكبر لتوفير الغذاء وتوزيعه.
وتقول الأمم المتحدة إن هذا مستحيل دون تحسين سبل الوصول والأمن، وكلاهما على حد قولها مسؤولية إسرائيل.
وقال فولكر تورك مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان يوم الثلاثاء "نطاق القيود الإسرائيلية المستمرة على دخول المساعدات إلى غزة إلى جانب الطريقة التي تواصل بها الأعمال القتالية قد يصلان إلى حد استخدام التجويع وسيلة حرب، وهو جريمة حرب".
* استئناف المحادثات في قطر
في غضون ذلك، تستأنف محادثات وقف إطلاق النار هذا الأسبوع في قطر بعد أن رفضت إسرائيل اقتراحا قدمته حماس الأسبوع الماضي. وتوجه وفد إسرائيلي برئاسة رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلية إلى قطر يوم الاثنين، على الرغم من أن مسؤولا إسرائيليا قال إن إسرائيل تعتقد بأن التوصل إلى أي اتفاق سيستغرق أسبوعين على الأقل.
ويناقش الجانبان هدنة مدتها ستة أسابيع يُطلق خلالها إطلاق سراح نحو 40 رهينة إسرائيليا مقابل إطلاق سراح مئات المعتقلين الفلسطينيين وإرسال مساعدات على وجه السرعة إلى قطاع غزة.
لكن يتعين عليهما تضييق هوة الخلافات بشأن مرحلة ما بعد الهدنة لأن إسرائيل تقول إنها لن تتفاوض إلا في سبيل وقف مؤقت للقتال، بينما تقول حماس إنها لن تطلق سراح الرهائن دون خطة أوسع لإنهاء الحرب.
وقال مسؤول فلسطيني مقرب من محادثات الوساطة إن الجولة الجديدة في قطر من المتوقع أن تكون "صعبة جدا"، متهما إسرائيل بتعمد المماطلة.
وقال المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه لرويترز "الجرائم الاسرائيلية على الارض تعقد الامور ونتنياهو بيمارس لعبة الوقت"
وأدت المعاناة الإنسانية في غزة، واحتمال الهجوم على رفح، إلى حدوث صدع واضح بين حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وأقرب حلفائها واشنطن.
وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان للصحفيين يوم الاثنين بعد اتصال هاتفي بين الرئيس جو بايدن ونتنياهو "موقفنا هو... تنفيذ عملية برية كبيرة هناك سيكون خطأ".
وأضاف سوليفان دون إسهاب "الأهم هو أن الأهداف الرئيسية التي تريد إسرائيل تحقيقها في رفح يمكن بلوغها بوسائل أخرى".
وعبر عضو مجلس الأمن الإسرائيلي، وزير الزراعة آفي ديختر، عن تشككه في إلغاء عملية اجتياح رفح.
وقال ديختر لهيئة البث العامة الإسرائيلية (راديو كان) "لا توجد وسيلة للقضاء على البنية التحتية الإرهابية والعسكرية لحماس والجهاد الإسلامي في غزة، ومنها رفح، من خلال العمليات الجوية أو عمليات المراسلة أو من خلال أي بدائل أخرى".
وقالت حماس إن قائدا كبيرا للشرطة لقي حتفه في منطقة جباليا بشمال غزة مع زوجته وأطفاله في قصف جوي ليلي وهو ثاني مسؤول كبير بالشرطة يقتل في يومين بعد مقتل آخر في غارة إسرائيلية على مستشفى الشفاء بمدينة غزة.
وتقول إسرائيل إنها ستواصل حرب غزة لحين القضاء على حماس، وإن غاراتها في الأسابيع القليلة الماضية تؤدي إلى قتل مسؤولين كبار في الحركة. وأكد مستشار البيت الأبيض سوليفان ليلا أن إسرائيل قتلت مروان عيسى، نائب قائد الجناح العسكري لحركة حماس في غزة، في غارة الأسبوع الماضي. ولم تؤكد حماس مقتله.
وفي منطقة دير البلح وسط غزة، أعرب شعبان عبد الرؤوف، وهو أب لخمسة أطفال، عن أمله في أن تسفر المحادثات التي تستضيفها قطر بين إسرائيل وحماس عن هدنة.
وقال عبد الرؤوف لرويترز عبر تطبيق للمراسلة "احنا بنستنى أي أخبار من قطر، هل راح المرة هاي تزبط؟ هل راح يتوصلوا لاتفاق؟ أكتر من اتنين مليون بني آدم بيدعوا أنه ينجحوا".