وثائق الأراضي الفرنسية في الجزيرة العربية (رأس الشيخ سعيد)

وثائق الأراضي الفرنسية في الجزيرة العربية  (رأس الشيخ سعيد)

ترجمة أ. د. مسعود عمشوش

عثرت ليلى الحسن وشانتال أوجين، العاملتان في قسم الوثائق الفرنسية في أرشيف (أبو ظبي)، على أربع وثائق فرنسية متعلقة بمنطقة (رأس الشيخ سعيد) المطل على المدخل الجنوبي للبحر الأحمر أو باب المندب قبالة جزيرة ميون، ومحاولة إخضاعها للحكومة الفرنسية في نهاية القرن التاسع عشر، وقامتا بنشر تلك الوثائق في العدد السادس من مجلة (Rivages) (يناير 1998 ص32-34)؛ التي يصدرها مكتب التعاون اللغوي والتربوي في السفارة الفرنسية في (أبو ظبي)، فيما يأتي نقدم ترجمة لتلك الوثائق:

(الوثيقة رقم 1: مذكرة حول قضية "الشيخ سعيد" 30 مايو 1912م)

تقع منطقة الشيخ سعيد في أقصى جنوب البحر الأحمر، على ساحل الجزيرة العربية أمام جزيرة بريم. في عام 1868م، تنازل الشيخ علي ثابت درين، سلطان الشيخ سعيد وباب المندب، عن الشيخ سعيد، لاثنين من المواطنين الفرنسيين، وقد اعترضت الحكومة العثمانية على هذا التنازل.

بموجب اتفاقية مؤرخة في الأول من أكتوبر عام 1868م، تنازل الشيخ علي ثابت درين لاثنين من المواطنين الفرنسيين (MM. Mas et poilay) عن منطقة تمتد لمسافة ست ساعات مشياً على الأقدام في كل الاتجاهات حول الشيخ سعيد. وحددت قيمة الشراء بمبلغ ثمانين ألف ثالاري؛ أي ما يعادل (440000 فرنك)، يدفع خلال فترة ستة أشهر. وفي الحال، تبينت للمشترين صعوبة جمع الأموال اللازمة لإتمام الصفقة، واضطرا إلى أن يلجآ للحكومة الفرنسية ووساطة القنصل الفرنسي في عدن للحصول على مهلة الدفع. من كل ذلك، يتضح أنهما لم يستطيعا الوفاء بالتزاماتهما، إلا فيما يتعلق بأربعة أقساط، مقدار كل منهما ألفا ثالاري. وفي هذا الوضع، قاما بالتنازل عن حقوقهما للسيدين رابو وبازان (Raboud & Bazin). وقام هذان الأخيران - وهما تاجران فرنسيان من مارسيليا – بمنح حقوقهما للحكومة الفرنسية التي رفضت عرضهما.

(الوثيقة رقم 2: نسخة من الرسالة السرية التي بعثها السيد بوريه Bouree، السفير الفرنسي في القسطنطينية، إلى علي باشا، كبير الوزراء العثماني، في 4 يوليو 1870م)

ثرابيا، في 4 يوليو 1870م

السيد الوزير،

اسمح لي أن أعبر عن الدهشة والاستياء اللذين سببهما لي الرد الـذي تلقاه منكم السيد دي لونجفيل De Longeville بشأن قضية باب المندب.

 في الواقع، كلف المترجم الأول في السفارة أن يطلب منكم أن تبعثوا إلى باب المندب أوامر تطلب من القوات التركية التي وصلت إلى هناك، أن تتجنب أي نزاع مع الفرنسيين الذين نزلوا في تلك المنطقة.

 إذا لم ترسل تلك الأوامر، أليس من الواضح أنه يمكن أن تقـع نزاعـات دموية ومآس كبيرة بسبب مسألة أقل ما يمكن أن يقال عنها إنها غامضة؟

 لقد اشترى السيدان رابو وماس ـ من مارسيليا ـ من علي ثابت أرضاً قال: إنها تخصه. وقد اشتريا الأرض بحسن نية، ولا سيما أن عملية البيع نتجت عن وثيقة تركية رسمية، وأن الشيخ لم يدفع ضرائب، ولم يعترف بالسلطات العثمانية التي لم تطلب هي منه أبداً الاعتراف بها.

 سواء كانت هذه الأراضي البعيدة تتبع أو لا تتبع الباب الـعـالـي، وسـواء كان الباب العالي يملك أو لا يملك سواحل شبه الجزيرة العربية التي - حسب علم الجميع ـ ليس للباب العالي فيها أي نفوذ، لن أحاول هنا أن أتطرق لهذه المسألة التي يمكن أن يوجد حولها رأيان مختلفان، وفي نفس الوقـت وفـي نفـس الدرجة من الصحة، وسأكتفي في الوقت الحاضر بأن أطلب من جلالتكم بألا تتركوا للقوة فرصة إيجاد حل يمكن أن يعاد النظر فيه غداً بالقوة، إذا ما استدعت الضرورة إقحام العواطف السياسية في هذه القضية.

 من خلال إرسالكم أوامر إلى تلك المناطق بأن يُترك الفرنسيون يقيمـون بغرض العيش، سيتم تجنب التعقيدات الخطيرة التي ستنتج حتماً عن أعمال العنف وإراقة الدماء.

 بناء على هذه الأسباب ـ التي اختصرتها ـ يشرفني، سيادة الوزير، أن أجــدد الطلب الذي نقلته إليكم بواسطة لونجفيل هذا الصبـــاح؛ نزولاً عند أوامر السيد الــــدوق دي جرامونت Duc de gramont .

أرجو أن تبعثوا في الحال توجيهات تحث على التعقل في باب المندب.

 بوريه

 (وثيقة رقم 3: عقد البيع)

(عقد بيع بين الشيخ علي درين، والسيد ثيودور بويليـهTheodore Poilay والسيد ماس Mas في الأول من أكتوبر ۱۸٦۸)

  بتاريخ 14 من شهر جمادى الآخرة سنة ١٢٨٥ الموافق للأول من أكتوبر ١٨٦٨، اشترى السيد ثيودور بويليه والسيد ماس، فرنسيا الجنسية، من الشيخ علي ثابت درین، مالك أرض باب المندب، بالسعر المبين أدناه، الأرض، من نقطة رأس المندب، إلى مسافة ست ساعات مشياً على الأقدام في كل الاتجاهات؛ انطلاقا من المكان المسمى الشيخ سعيد، وذلك مقابل ثمانين ألـف ثالاري. 

 المهلة المحددة للدفع ستة أشهر، بدءاً من هذا اليوم، وإذا لم يتم الدفع خــلال هـذه المهلة يصبح الاتفاق مُلغى.

 تم التوقيع على الاتفاقية المبينة أعلاه أمام الشهود: 

الشيخ ثابت عبدالله

 الشيخ ثابت علي

 الشيخ زيد عبدالله

 الشيخ صلاح علي

 الشيخ عبدالله ثابت

 الشيخ حاياه عوض 

 علی ثابت درین

 ويشهد الموقّع، سويل Suel – - والموقع Achmet Don اشمت دو، أن بصمة إبهام علي ثابت الذي لا يعرف التوقيع وليس لديه ختم، تقوم مقام توقيعه.

 (وثيقة رقم 4: نوفمبر ۱۹۲۰: النص الفرنسي للاتفاقية الموقعة بين الشـيخ ثابت بن عوض ثابت، والسيد كوربي Corbie، وزير مفوض مطلـق الصلاحيات لسلطان الشيخ سعيد)

 السيد كوربي يبلغ السيد ليجيس Leygues وزير الخارجية الفرنسي بمضمون الاتفاقية.

 الحمد الله الواحد الأكبر.

  أنا الموقع أدناه، الشيخ عوض ثابت بن محمد درین، سلطان الشيخ سعيد وباب المندب، أعبر عن احتجاجي على الاحتلال غير الشرعي لأرضي؛ من قبل القوات البريطانية وذلك انتهاك لمعاهدة 7 يوليو ۱۸۷۰.      

وأؤكد بهذه الوثيقة، إخلاصي لفرنسا ورغبة قبيلة إكميس الدرين في أن تكون في حماية الراية الفرنسية.

 وعليه، أمنح السيد ألبيرت كوربي Albert Corbie، وهو مواطن فرنسي يقطن في باريس في ٢٩ شارع دافيود، حق الامتياز لكل الأعمال، ولجميع صفقات البيع والشراء وتحديد أثمان الثروات السطحية والأرضية الموجودة في أرضي؛ التي تمتد من حدود عدن في شمال قطعه (Cataah)، وله أيضاً صلاحية رفد نفسه بالمساعدين الضروريين. 

وسأحتفظ بالسيادة على سلطنتي في حماية فرنسا، التي ستضمن أموالي وأموال شعبي. وأمنح السيد كوربي، الذي يساعده صديقي صالح... معطي، حاول الوصول إلى الشيخ سعيد سنة 1913م ودافع دائماً عن مصالحي ومصالح باب المندب، كافة الصلاحيات للتصرف باسمي وأمنحه لقب ووظيفة وزير مفوض له مطلق الصلاحيات لدى الحكومة الفرنسية.

وتصديقاً لذلك سلمته هذه الوثيقة؛ لأمكنه من تنفيذ إرادتي والدفاع عن مصالحي ومصالح قبيلتي، في أثناء مناقشة أي أمر متعلق بباب المندب.

بصمة إبهام ثابت عوض ثابت محمد درين.

في أعلى الوثيقة ختم دائري يحتوي، باللغة الفرنسية على (الشيخ سعيد - الجزيرة العربية الفرنسية)، وفي أسفل الوثيقة ختم مأمور الحي السادس عشر - باريس. وتحته المصادقة الآتية باللغة العربية: (بناء على ما تحرر باطن هذه، أؤكد بمصادقة الشيخ ثابت بن عوض ثابت الواضع اسمه أعلاه، شيخ باب المندب المسمى الشيخ سعيد. أنا الواضع اسمي هو قاضي جيبوتي، أشهد وأعترف بما تحرر وسطر بهذه الحجة، وحررت هذه الشهادة للبيان بتاريخ شهر ذي الحجة الحرام 1238 الموافق 4 سبتمبر 1920م).