بعد 46 يوما.. ماذا حققت إسرائيل من هدف "تدمير حماس"؟

بعد 46 يوما.. ماذا حققت إسرائيل من هدف "تدمير حماس"؟

استهدفت خلالها بشكل مكثف البنية العسكرية لحركة حماس، تجزم تحليلات أن هدف تدمير هذه البنية لم يتحقق، بل "أصبح بعيد المنال".

ويرى مراقبون أن هناك العديد من العوامل تجعل تحقيق هذا الهدف أمرا مستحيلا، أبرزها الكثافة السكانية داخل القطاع وارتفاع عدد الضحايا المدنيين، ما يزيد الضغوط على إسرائيل، فضلا عن صعوبة التوصل لكل مخابئ الحركة.

وحتى الآن، لم يتمكن الجيش الإسرائيلي سوى من استهداف 10 بالمئة فقط من البنية التحتية لحماس، على حد تقديرات وسائل إعلام إسرائيلية.

لماذا لم تنجح إسرائيل؟

يرى مستشار كلية القادة والأركان في مصر محمد الشهاوي أن إسرائيل فشلت حتى الآن في تحقيق هدف القضاء على حركة حماس أو بنيتها العسكرية داخل قطاع غزة.

وأضاف: "تمارس إسرائيل في غزة سياسة الأرض المحروقة، ورغم أنها ضربت عددا من الأنفاق شمالي القطاع، لايزال هناك العديد من الأنفاق التي تتجنب إسرائيل ضربها ربما حفاظا على حياة الرهائن لدى حماس".

وبحسب الشهاوي، لن تتمكن إسرائيل من توسيع عملياتها في جنوب غزة إلى رفح، لكنها تضغط على المدنيين للنزوح جنوبا.

وتابع: "تواجه إسرائيل ضغوطا تجبرها في الوقت الراهن على سحب العديد من قوات الاحتياط الذين كان عددهم قد بلغ 330 ألفا في الفترة الماضية، بسبب الضغوط الاقتصادية في الداخل الإسرائيلي".

ويقول الشهاوي إن حماس ما زالت قادرة على منع القوات الإسرائيلية من توسيع التوغل البري في عدد من المناطق وسط وجنوب القطاع، كما تنفذ الحركة بشكل يومي استهدافات ناجحة للآليات العسكرية الإسرائيلية داخل القطاع.

مسارات صعبة

يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة ملبورن الأسترالية سيمون برات، إن التركيز الرئيسي للعملية البرية الإسرائيلية كان تدمير البنية التحتية العسكرية لحماس، التي "لا تزال متدهورة لكنها سليمة إلى حد كبير، ضمن نظام واسع من الأنفاق تحت الأرض".

وأضاف برات: "إسرائيل لم تنجح حتى اليوم في تحقيق هدفها بسبب الكثير من الصعوبات والعراقيل، منها الكثافة السكانية داخل القطاع، والتطور الأمني والمعلوماتي لدى حماس في الفترة الأخيرة، مما يمكنها من تنفيذ عملية الاختباء بشكل محكم".

وتابع: "أيضا تواجه إسرائيل ضغوطا كبيرة بسبب استخدامها للقوة العسكرية بشكل عشوائي للغاية وغير متناسب مع أي احتياجات أو مكاسب عسكرية، هذا الأمر قد يجبرها على وقف العمليات العسكرية من دون تحقيق أي هدف".

تدمير نصف مباني قطاع غزة

في السياق ذاته، قال الكاتب الصحفي المتخصص في الشأن الفلسطيني أحمد جمعة، أن الحرب الإسرائيلية على غزة أدت لتدمير نصف مباني شمال القطاع خلال الأيام الماضية، وذلك ضمن استراتيجية إسرائيل في هذه الحرب بفرض عقاب جماعي على كل سكان القطاع، ورغبة منها في الضغط على أي جهة تتولى حكم غزة بعد انتهاء الحرب، حيث سيحتاج القطاع إلى مليارات الدولارات وعدة سنوات لبناء ما تم تدميره.

وأوضح الصحفي المصري أن "الغارات الجوية المكثفة والفرق الهندسية التابعة للجيش الإسرائيلي دمرت عددا من الأنفاق للفصائل الفلسطينية، سواء في شمال أو شرق قطاع غزة، خلال الأيام الماضية، إلا أنها كانت فريسة لكمائن الأنفاق المفخخة التي لجأت لها حركة حماس في هذه الجولة من الحرب، بهدف إسقاط أكبر عدد ممكن من القتلى في صفوف الجنود الإسرائيليين، وهو ما تحقق بإعلان مقتل ما يقرب من 70 جنديا وضابطا وإصابة عدد آخر في مواجهات غزة".

وأشار جمعة إلى أن "الضربات الجوية المكثفة للطيران الإسرائيلي كان هدفها ضرب البنية التحتية واستنزاف قدرات الفصائل الصاروخية على مدار 3 أسابيع من القصف الجوي الأعنف على القطاع خلال العقود الماضية، وما تلاها من عملية برية كانت مهمة الفرق الهندسية فيها الكشف عن الأنفاق، إلا أن القدرة الصاروخية للفصائل قادرة على الصمود حتى اللحظة، وهو ما يشير إلى أن حماس خططت للعملية بشكل محكم وأعدّت العدة للانخراط في المواجهة العسكرية لعدة أشهر متتالية".

وتابع: "حركتا حماس والجهاد ستحتاجان إلى وقت طويل لإعادة تأهيل بنيتهما التحتية من الأنفاق والصواريخ والقذائف الصاروخية، إلا أن هذا التحدي سيكون كبيرا جدا في ظل الوضع الذي وصل إليه القطاع مع تهاوي قدرات الفصائل المالية.

وأكمل: "هناك توجه دولي لفرض واقع سياسي وعسكري جديد في القطاع، إلا أن ذلك مرهون بموافقة السلطة الفلسطينية وأطراف إقليمية معنية بتوحيد صفوف الفلسطينيين وعدم إقصاء أي طرف فصائلي، بما فيها حماس التي تعد إحدى الفصائل الفلسطينية التي لا يجب تهميشها في أي تحركات لحل سياسي".

وأشار جمعة إلى أن "إسرائيل لن تتمكن من القضاء على فكرة المقاومة الفلسطينية، لأنها فكرة حاضرة في قلب وعقل كل مواطن فلسطيني، وليست حكرا على حماس أو الجهاد"، وفق تعبيره.

وأكد على أن "الحل الأمثل للصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين هو التوصل لاتفاق سلام عبر المفاوضات، بحيث يتم تفعيل مبدأ حل الدولتين على حدود 4 من يونيو 1967، وأن يتعايش الشعبان جنبا إلى جنب بعيدا عن التصعيد العسكري والمواجهات الصعبة التي كانت سببا في مقتل وإصابة عدد كبير من المدنيين".