ارتفاع سعر الورق وتعميم حجم التابلويد في الصحف


مسعود عمشوش

منذ مطلع القرن التاسع عشر مرت الصحافة الورقية بمراحل كثيرة من التغيّرات على مستوى المضمون والحجم والإخراج. فعلى مستوى الحجم، تبنّت جميع الصحف في البداية الحجم التقليدي الكبير المعروف بالـ(برودشيت)، الذي يقع في ورق بمقاس تقريبي 49+38 سم. لكن في مطلع القرن العشرين ظهرت صحف بحجم صغير ورشيق أطلق عليه الـ(تابلويد)، ويقع في ورق بمقاس 41+29.سم، أي بأبعاد أصغر بـ 10 سنتيمترات على الأقل من الصحف التقليدية بالعرض والطول، وتركز على الاخراج الجيّد، وتوظف الصور الجميلة والأخبار المثيرة، بما في ذلك الشائعات والأخبار الكاذبة، لجذب انتباه القارئ. ولذلك ارتبط هذا الحجم في البداية بما اصطلح على تسميته بالصحافة الصفراء. 
لكن بعد ذلك، وبدءًا من سبعينيات القرن الماضي، تبنّت أشهر الصحف البريطانية حجم التابلويد الذي أصبح تدريجيا الحجم النموذجي المفضّل لأغلب الصحف في العالم. ففي سنة 1969 تحولت صحيفة (ذا صن) من الشكل التقليدي إلى الشكل الحديث، وتبعتها صحف بريطانية أخرى كالـ(ديلي ميل) والـ(ديلي إكسبرس) في السنوات  التالية. وفي فرنسا تبنّت صحيفة (اللبراسيون) حجم التابلويد منذ تأسيسها سنة 1972 وتبعتها الـ(اومانتيه) وكثير من الصحف اليومية الفرنسية.
وفي مطلع هذه الألفية، بسبب ارتفاع سعر الورق وانخفاض نسبة التوزيع الناتج عن منافسة وسائل الإعلام الأخرى لاسيما التلفزيون والمواقع الرقمية، وانخفاض عائدات الإعلانات، اتجهت صحف عالمية كثيرة إلى حجم التابلويد لتقليل استهلاك الورق والتكلفة. فقي الولايات المتحدة الأمريكية تبنته صحيفة (وول ستريت جورنال)، وتبعتها (واشنطن بوست) و(لوس أنجلوس تايمز) و(يو إس إيه توداي).
وفي السنوات الأخيرة اعتمدت معظم الصحف الفرنسية اليومية، الوطنية والإقليمية حجم التابلويد لتيسير القراءة وخفض تكاليف الإنتاج والتكيف مع العادات الجديدة للقراء. لكن لا تزال (الليموند) و(الفيجارو) تحتفظان بالحجم التقليدي.
وعربياً لا تزال معظم الصحف المصرية والخليجية المدعومة من الحكومات (باستثناء البيان) (باستثناء البيان)، تحتفظ بالحجم التقليدي. 
بالنسبة لبلادنا لا تزال صحيفة (14 أكتوبر) الحكومية تحتفظ بالحجم التقليدي. إلا أنها قلصت عدد صفحاتها إلى النصف. وبالنسبة لصحيفة (الأيام)، التي كانت قبل الاستقلال تصدر بالحجم التقليدي الكبير، فهي تعتمد منذ إعادة ظهورها حجم التابلويد، الذي تعتمده كذلك الصحف الأهلية الأخرى، مثل (الأمناء) و(عدن الغد). 
واللافت للانتباه في بلادنا ظهور بعض الصحف التي التزمت بشكل الصحف اليومية من ناحية التبويب فقط. لكنها تصدر أسبوعيا ومضغوطة في صفحات محدودة لا يزيد حجمها عن حجم صفحة الـ(A4).، ولتستطيع قراءتها ستحتاج حتما إلى عدسة مكبرة.