أنيس باحارثة.. فساد سياسي وتحكم حزبي بمفاصل الحكومة اليمنية

أنيس باحارثة.. فساد سياسي وتحكم حزبي بمفاصل الحكومة اليمنية

أنيس باحارثة.. فساد سياسي وتحكم حزبي بمفاصل الحكومة اليمنية

الأول /خاص

 
تورط في قضايا فساد وازدواجية الوظائف
سهل سيطرة حزب الإصلاح على مكتب رئيس الوزراء
رفض قرار إقالته وتورطه في حماية الفساد الحكومي
تعطيل الاستثمار والتنمية في الهيئة العامة للأراضي
 
 
تعيش اليمن مرحلة حرجة من تاريخها المعاصر، حيث تواجه البلاد أزمات سياسية واقتصادية وأمنية غير مسبوقة, وفي في محاولة لإعادة الاستقرار وتحقيق الإصلاحات، عُين الدكتور معين عبدالملك سعيد رئيساً للوزراء في 15 أكتوبر 2018, ولكن بعد تعيينه بفترة وجيزة، شهد مكتبه تغييرات جذرية أثارت الكثير من الجدل، أبرزها تعيين أنيس باحارثة كمدير لمكتبه, هذه الخطوة كانت بداية لتحولات كبيرة في بنية الحكومة الشرعية، حيث برز دور حزب الإصلاح في السيطرة على مفاصل الحكومة من خلال شخصية باحارثة.
 
سيطرة حزب الإصلاح على مكتب رئيس الوزراء
 
سرعان ما قام معين عبدالملك بتغيير معظم طاقم مكتبه، وتحديداً مدير المكتب، ليحل محله أنيس باحارثة، الذي يعد أحد أبرز أعضاء حزب الإصلاح, هذا التغيير لم يكن مجرد تبديل للأشخاص، بل كان تعبيراً عن سيطرة حزب الإصلاح على مكتب رئيس الوزراء، مما أدى إلى إضعاف استقلالية معين وقدرته على اتخاذ القرارات بحرية, وجلب باحارثة العشرات من أعضاء الحزب للعمل في المكتب، بدلاً من الطاقم السابق، محولاً مكتب رئيس الوزراء إلى مركز لخدمة مصالح حزب الإصلاح.
 
تاريخ طويل من الفساد والتزوير
 
عرف أنيس باحارثة بسمعته السيئة في الفساد والتزوير، التي تعود لأكثر من عقدين من الزمن تضمنت الوثائق والتقارير الرسمية التي ظهرت خلال هذه الفترة تفاصيل تورطه في قضايا فساد ضخمة, أحد أبرز هذه القضايا كانت تقرير لجنة الإعلام والثقافة والسياحة بمجلس النواب لعام 2004، الذي كشف عن مخالفات مالية وإدارية جسيمة في وزارتي الثقافة والسياحة والإعلام، وتورط باحارثة فيها بشكل كبير.
 
قضية وزارة السياحة و"سبأفون"
 
في عام 2004، كان أنيس باحارثة يشغل منصب مدير عام هيئة السياحة، التي كانت آنذاك هيئة مستقلة مالياً وإدارياً بعد فصل السياحة عن وزارة الثقافة في 2006 وإنشاء وزارة السياحة، ظهرت أدلة على تورط باحارثة في تقديم وثائق مزورة لإخلاء عهد مالية لمشاريع وصرفيات تمت قبل إنشاء الوزارة, أحيلت القضية إلى النيابة بعد اكتشاف التزوير، لكن باحارثة تمكن من الإفلات من المحاكمة بفضل الدعم القوي الذي يتمتع به من قيادات حزب الإصلاح، مما يبرز تواطؤ الحزب في حماية الفاسدين.
 
في الآونة الأخيرة، فتحت النيابة العامة في عدن تحقيقاً في قضية فساد ضخمة تُعرف بقضية "سبأفون"، التي تورط فيها أنيس باحارثة ومستشار رئيس الوزراء مطيع دماج.
تعرض وزيري الاتصالات والشؤون القانونية لضغوط هائلة من مكتب رئيس الوزراء للتغطية على هذه القضية، لكنهم رفضوا ذلك حتى يتم حلها بشكل كامل.. تشير التقارير إلى أن الصفقة المتعلقة بهذه القضية كانت تقدر بعشرة ملايين دولار، مما يبرز حجم الفساد المتفشي في مكتب رئيس الوزراء.
 
ازدواجية الوظائف وتجاوزات القوانين
 
في حادثة غير مسبوقة، يشغل أنيس باحارثة وظيفتين حكوميتين في نفس الوقت مدير مكتب رئيس الوزراء ورئيس الهيئة العامة للأراضي والمساحة والتخطيط العمراني, هذا الوضع يتعارض بشكل صارخ مع القوانين اليمنية، وخاصة قانون الخدمة المدنية رقم 19 لسنة 1991م، الذي ينص على منع ازدواجية الوظائف الحكومية, كما يتعارض مع القانون رقم 13 لسنة 2005م بشأن نظام الوظائف، الذي يحدد معايير توظيف شاغلي المناصب العامة.
كما أطلقت وزارة الخدمة المدنية والتأمينات تحذيراً شديد اللهجة بشأن ازدواجية الوظائف، مشيرة إلى أنها أوشكت على الانتهاء من عملية مطابقة أسماء الموظفين في الكادر الإداري المدني مع منتسبي الدفاع والأمن ورغم هذه التحذيرات، لم يُتخذ أي إجراء فعلي ضد أنيس باحارثة حتى الآن، مما يعكس حالة التواطؤ والصمت المريب من قبل السلطات المعنية.
 
أدى هذا الازدواج الوظيفي إلى زيادة استغلال باحارثة لسلطته لتحقيق مكاسب شخصية وتمرير مشاريعه الخاصة على حساب المصلحة العامة, لم يتوقف عند هذا الحد، بل قام بتوظيف عناصر محسوبة على حزب الإصلاح في مواقع حساسة بالهيئة، ما أدى إلى تعميق الفساد وتعطيل مصالح الدولة.
رفض قرار إقالته
 
في محاولة للاستغناء عن خدمات أنيس باحارثة، وجد رئيس الوزراء السابق معين عبدالملك نفسه عاجزاً عن اتخاذ هذا القرار بسبب تورط باحارثة في قضايا فساد مشتركة مع قيادات حزبية أخرى.
هذه القضايا جعلت باحارثة يتحكم في معين عبدالملك، مجبراً إياه على توقيع أوراق وتوجيهات تخدم مصالح حزب الإصلاح.
كما أصدر رئيس الوزراء الدكتور أحمد بن مبارك مؤخراً قراراً بتعيين مجيب عثمان الشرعبي مديراً عاماً لمكتب رئيس الوزراء خلفاً له غير أن باحارثة رفض القرار وامتنع عن تنفيذه، دون ان يحرك بن مبارك ساكنا.
 
قضايا نهب الأراضي والعقارات
 
تشير تقارير متعددة إلى تورط أنيس باحارثة في نهب أراضي وعقارات الدولة في مختلف المحافظات اليمنية، مثل الحديدة وصنعاء وعدن وحضرموت، قبل وبعد انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية بعض هذه العمليات تمت بالتنسيق مع قيادات حوثية رفيعة، مما يبرز تحالفات مشبوهة بين مختلف الأطراف المتصارعة في اليمن على حساب مصلحة الدولة والشعب.
 
 
الخاتمة
 
تظل قضية أنيس باحارثة نموذجاً حياً للفساد المستشري في الحكومة رغم الجهود المبذولة من قبل بعض المسؤولين لمكافحة الفساد، فإن الحماية السياسية التي يتمتع بها باحارثة تجعل من الصعب محاسبته قانونياً.