بالأسماء والأرقام.. الكشف عن شبكة الفساد في توزيع أراضي تعز وعدن

بالأسماء والأرقام.. الكشف عن شبكة الفساد في توزيع أراضي تعز وعدن

بالأسماء والأرقام.. الكشف عن شبكة الفساد في توزيع أراضي تعز وعدن

الأول /خاص

في واحدة من أكبر الفضائح التي تعصف بمدينة تعز، تم الكشف عن استغلال رئيس الهيئة العامة للأراضي والمساحة والتخطيط العمراني، المهندس أنيس بن عوض باحارثة، لمنصبه في توزيع أراضي الدولة بشكل غير قانوني. وبدلاً من حماية أملاك الدولة كما ينص عليه دوره، انخرط باحارثة في عمليات فساد واسعة، مستغلاً نفوذه لتحقيق مكاسب شخصية ومكاسب لحلفائه. 
هذا التقرير يتناول بتفصيل أكبر كيف أصبح باحارثة رمزًا للفساد في اليمن.

نهب أراضي المتنزهات العامة
تعتبر الأراضي العامة والمتنزهات من أهم الممتلكات التي يجب الحفاظ عليها لخدمة المواطنين. ومع ذلك، كشفت مصادر مطلعة في مدينة تعز أن أنيس باحارثة، برفقة مجموعة من المسؤولين الحكوميين، قاموا بنهب الأراضي المخصصة لمتنزهات ومرافق خدمية عامة. هذه الأراضي التي كانت من المفترض أن تكون متنفسًا للمواطنين تحولت إلى غنائم شخصية بفضل الفساد الذي يرعاه باحارثة.

أفادت المصادر أن باحارثة وزع الأراضي التي خصصها الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي لإنشاء متنزهات ومرافق خدمية عامة في حي الدحي بمديرية المظفر، بين خمسة من قيادات حزب الإصلاح الإخواني. هذه الأراضي التي كانت قد اشتراها الرئيس الحمدي لخدمة المصلحة العامة تحولت بفضل فساد باحارثة إلى ملكية خاصة لهؤلاء النافذين.

تفاصيل توزيع الأراضي:
تم توزيع الأراضي كالتالي:
- 70 قصبة لعبدالقوي المخلافي
- 70 قصبة لنبيل جامل
- 50 قصبة لأيمن المخلافي
- 50 قصبة لإبراهيم الجبري
- 50 قصبة لمدير النقل السابق محمد النقيب

تشير التقارير إلى أن قيمة القصبة الواحدة في منطقة الدحي تصل إلى أكثر من 12 مليون ريال يمني، مما يعكس حجم الفساد والتربح غير المشروع الذي يقوده باحارثة. الأرض التي كانت من المفترض أن تخدم المواطنين تحولت إلى مصدر ربح غير مشروع لقيادات الإخوان، وذلك بفضل التواطؤ الصارخ من قبل رئيس الهيئة العامة للأراضي.

في محاولة لتبرير أفعاله وتلميع صورته، صرح أنيس بن عوض باحارثة بأن الهيئة العامة للأراضي ملتزمة بحماية أراضي الدولة والحد من البناء العشوائي. ولكن هذه التصريحات تتناقض بشكل صارخ مع أفعاله الفعلية في توزيع أراضي الدولة بطرق غير قانونية، مما يكشف نفاقه وحقيقة أهدافه الخفية. هذا التصريح المنافق جاء في وقت يقوم فيه باحارثة بتوزيع أراضي الدولة على المحاسيب والنافذين، مما يفضح حقيقته كأحد أكبر أذرع الفساد في البلاد.

عائلة باحارثة وشبكة الفساد:
تشير التحقيقات إلى أن الفساد لم يقتصر على باحارثة وحده، بل شمل أيضًا أفرادًا من عائلته الذين يسيطرون على مفاصل الهيئة العامة للأراضي ومكتب أراضي عدن، ويقود هذه الشبكة مجموعة من أسرته الذين يعملون بتنسيق تام مع باحارثة في تنفيذ عمليات النهب.

ويقومون بتسيير أعمال الهيئة عبر التواصل المباشر معه. هذه السيطرة العائلية على الهيئة تعني أن قرارات توزيع الأراضي والرشاوى تمر عبر أفراد العائلة، مما يعزز من شبكتهم الفاسدة للعمل بكل كفاءة على نهب أراضي الدولة وتوزيعها بين أفراد الشبكة.

ومن خلال الشبكة هذه استطاع أنيس باحارثة أن يسيطر على سلطة القرار في الهيئة العامة للأراضي والمساحة والتخطيط العمراني، وعمل على تعيين أحدى معارفه كنائب لمدير فرع عدن للشؤون القانونية، والتي تقدم له الفتاوى القانونية لعمليات الصرف الكبيرة، مما يضفي شرعية مزيفة على هذه العمليات. تتلقى الشبكة المقابل المالي لهذه الفتاوى، مما يزيد من ثراء أفراد الأسرة على حساب الدولة والمواطنين. 

كما عمل باحارثة على تعيين أحد أقربائه مديرًا لإدارة الأراضي فرع عدن، ويقوم هو الآخر بالتوقيع على عمليات الإسقاط التي يوجه بها أنيس باحارثة وأفراد عائلته. هذا النظام المعقد يضمن أن جميع الأراضي التي يتم نهبها تمر عبر أفراد العائلة، مما يزيد من صعوبة محاسبتهم.

دعوات لإقالة باحارثة:
في ظل هذا الفساد المستشري، تتزايد الدعوات لإقالة أنيس بن عوض باحارثة وتعيين شخصية قانونية نزيهة من أصول جنوبية لرئاسة الهيئة العامة للأراضي للخروج بها إلى بر الأمان وحماية حقوق المواطنين وأراضي الدولة وممتلكاتها.
يمثل بقاء باحارثة في منصبه استمرارًا للفساد والمشاكل التي تعاني منها البلاد، ويعد جريمة في حق المواطنين، واستمرار هذا الوضع يعرقل التنمية الحضرية ويزيد من معاناة المواطنين الذين يفقدون حقوقهم في الأراضي العامة.

واعتبر ناشطون وحقوقيون أنه يجب على السلطات المعنية اتخاذ إجراءات حازمة لإقالة أنيس باحارثة وتفكيك شبكة الفساد التي يديرها، لضمان استخدام أراضي الدولة في خدمة المواطنين وتحقيق العدالة والتنمية.
كما أكدوا أنه يجب أن تكون الهيئة العامة للأراضي جزءًا من الحل وليس جزءًا من المشكلة عبر شخصية نزيهة وذات كفاءة لرئاسة الهيئة، هو الخطوة الأولى نحو تحقيق هذا الهدف، ويجب أن يكون التغيير شاملاً ويشمل كافة أفراد الشبكة الفاسدة لضمان أن تعود أراضي الدولة إلى خدمة المواطنين وتحقيق التنمية المستدامة.