المعلمون المغاربة يجبرون الحكومة على تجميد قانون مثير للجدل.. تفاصيل صراع يهدد التلاميذ بسنة بيضاء
حقق الأساتذة والمعلمون في المغرب نصف انتصار، عندما أجبروا الحكومة على تجميد النظام الأساسي، الذي كان سبباً في خوض نحو 300 ألف مربٍّ لإضراب عن العمل منذ 6 أسابيع، لدفع الحكومة لإلغاء النظام.
ويتضمن النظام الأساسي الخاص بالأطر التربوية في المغرب مجموعة من القوانين الجديدة التي تُنظم عمل الأساتذة في المغرب بجميع درجاتهم ورتبهم المهنية والمستويات التي يقومون بتدريسها.
لكن الأطر التربوية في المغرب لم يوافقوا على أغلب مضامين النظام الأساسي، من بينها الفصول التي تنص على التعويضات، والرفع في الأجور، وطريقة تقييم العمل، بالإضافة إلى ساعات العمل.
ويُطالب الأساتذة بسحب كلي للقانون الأساسي عوض تجميده، وإعادة إشراك النقابات والتنسيقيات الأكثر تمثيلية في الحوار مع الحكومة من أجل التوصل لصيغة مناسبة.
بداية الأزمة
بدأت الأزمة عندما أقر وزير التربية والتعليم والرياضة في المغرب النظام الأساسي، الذي نُشر بالجريدة الرسمية بتاريخ 9 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بعدما صادق عليه المجلس الحكومي في جلسته المنعقدة يوم 27 سبتمبر/أيلول 2023.
ورفض التنسيق الوطني لقطاع التعليم (الأكثر تمثيلية) مضامين النظام الأساسي، فكانت النتيجة خروج عشرات الآلاف من الأساتذة في مسيرة كبيرة وسط العاصمة الرباط احتجاجاً على الحكومة.
ومنذ 6 أسابيع دخلت الحكومة المغربية في لقاءات مباشرة مع النقابات التعليمية الأكثر تمثيلاً من أجل التوصل إلى حل يُنهي الإضراب الذي يُنذر بسنة بيضاء في المدرسة العمومية.
وكانت نتيجة اللقاءات قرار الحكومة تجميد النظام الأساسي للتعليم في المغرب، الأمر الذي رفضته التنسيقيات، وأعلنت استمرارها في الاضراب إلى غاية سحب النظام مرة واحدة.
وترى الأطر التربوية أن النظام الأساسي الجديد لموظفي وزارة التربية الوطنية تجاهل مناقشة المسألة الأجرية، في ظل ارتفاع الأسعار ونسب التضخم التي بلغت مستويات قياسية، منها ساعات عمل رجال التعليم، وإلغاء الساعات التضامنية التي قام بترسيمها النظام الأساسي الخاص بموظفي وزارة التربية الوطنية لسنة 1985.
ما هو النظام الأساسي في المغرب؟
أضاف النظام الأساسي الجديد لموظفي التعليم في المغرب مهام أخرى، فبالإضافة إلى التدريس لساعات طويلة وتحضير الدروس خارج القسم، أصبح الأستاذ مسؤولاً عن الحياة المدرسية، والمواكبة النفسية والاجتماعية للتلاميذ.
وحسب المادة 15 من النظام الأساسي، فأطر التدريس ملزم بتولي مهام التربية والتدريس، والتقييم والدعم المدرسي والمواكبة المدرسية، والتعاون والتنسيق ضمن الفريق التربوي.
أيضاً يجب على الأستاذ المشاركة في عملية التنمية والتطوير المهني، والمشاركة في تنظيم الامتحانات المدرسية والمباريات وامتحانات الكفاءة المهنية، والمشاركة في الأنشطة المدرسية والأنشطة المندمجة.
جدول التعويضات المدرج في النظام الأساسي، منح تعويضات تكميلية لفائدة فئات معينة شملت المديرين والمفتشين، والأساتذة المبرزين، ومستشاري التوجيه والتأطير، فيما تم إغفال فئات أخرى منها هيئة التدريس.
العقوبات على الأستاذ
أما بالنسبة للعقوبات فقد قُسمت حسب النظام الأساسي إلى أربع درجات، الأولى تتعلق بعقوبات بالإنذار والتوبيخ والثانية، تتجلى في الحرمان من المشاركة في الحركة الانتقالية لمدة سنتين، الحذف من لائحة الترقي في الدرجة بالاختيار.
ويوجد أيضاً في العقوبة من الدرجة الثانية كل من الحرمان من المشاركة في امتحان الكفاءة المهنية برسم سنة واحدة، والانحدار برتبة واحدة، والانحدار برتبتين.
أما العقوبات من الدرجة الثالثة ففيها الحرمان من امتحان الكفاءة برسم سنتين، الحذف من لائحة الترقي في الدرجة بالاختيار برسم سنتين، الإقصاء المؤقت عن العمل، الخصم من الراتب الأساسي.
أما العقوبات من الدرجة الرابعة، وهي أعلى درجة فيوجد بها الإحالة الحتمية على التقاعد، والعزل، وأخيراً الإعفاء بالنسبة للمتمرنين.
مطالب الأساتذة
ويُطالب الأطر التربوية في المغرب بإسقاط النظام الأساسي لموظفي قطاع التربية الوطنية، وإرجاع المبالغ المقتطعة من أجور المضربين والمضربات.
أيضاً يُطالب الأساتذة بإسقاط نظام التعاقد بكل مسمياته من قطاع التعليم، وإدماج كافة الأساتذة والأطر التي وقعت على عقد التعاقد والإدماج المباشر في الوظيفة العمومية.
وتتجلى مطالب الأساتذة في المغرب بالزيادة العامة في الأجور لكافة موظفي وموظفات التعليم بما يتناسب مع غلاء المعيشة، ويُساير نسبة التضخم الكبيرة التي تعرفها البلاد.
أيضاً من بين المطالب الزيادة في معاشات المتقاعدين والمتقاعدات وإلغاء تضريب معاشات المتقاعدين، وإلغاء الساعات التضامنية وتخفيض الضريبة على الدخل لموظفات وموظفي القطاع.
الضحية التلميذ
وبالتزامن مع الإضراب الكبير الذي يخوضه رجال ونساء التعليم في المغرب بكل من الابتدائي والإعدادي والثانوي، دخل عدد من أولياء الأمور في احتجاجات بعدد من المدن المغربية.
ويرى أولياء أمور التلاميذ أن الضحية هو التلميذ الذي وُجد وسط معركة شد حبل بين وزارة التعليم والأستاذ، والأمر نتيجته شلل شبه كلي للمدارس العمومية في المغرب.
من جهتها، أكدت الرابطة الوطنية لجمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ حرمان تلاميذ التعليم العمومي من 195 يوماً من الزمن الدراسي خلال المواسم الأربعة الدراسية الماضية.