سياسة العصا والجزة.. السعودية ترغم أمريكا برفع احظر لتوسع تسلحها وشراكاتها الدفاعية
رفعت الولايات المتحدة في أغسطس الماضي، الحظر المفروض على تصدير السلاح للسعودية منذ 2021. وافقت الولايات المتحدة خلال شهرين ونصف الشهر، على صفقتي صواريخ وأسلحة متنوعة للمملكة. أجرت الرياض خلال أكتوبر، مباحثات دفاعية وعسكرية مكثفة مع حكومات غربية وشركات دفاعية حول العالم.
(الأول) متابعة خاصة:
بميزانية دفاعية تتجاوز 75 مليار دولار خلال العام 2024، لا تتوقف المملكة العربية السعودية عن توقيع مزيد من صفقات التسليح، مع كبار مصدري الأسلحة حول العالم، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية.
فبعد أن ألغت واشنطن الحظر المفروض على مبيعات الأسلحة للسعودية قبل قرابة شهرين ونصف الشهر، وافقت إدارة بايدن على صفقتي سلاح للمملكة بقيمة تتجاوز 1.5 مليار دولار، بالتزامن مع مباحثات دفاعية أجرتها مع العديد من دول العالم.
مباحثات وصفقات، تتزامن مع صيرورة عسكرية وجيوسياسية غير مسبوقة تعصف بالمنطقة، تجد الرياض- وهي أكبر مستورد للسلاح في الشرق الأوسط- نفسها أمام تحديات تفرض عليها تحديث منظومة التسليح والدفاع لديها، لمواكبة تلك التحديات، فما دلالة هذا الإقبال على مزيد من صفقات الأسلحة من قبل المملكة في هذا التوقيت؟
إلغاء الحظر
في (12 أغسطس) الماضي، أقرت الإدارة الأمريكية استئناف بيع الأسلحة الهجومية للمملكة العربية السعودية بعد سنوات من تعليقها بسبب دعوى وقوع انتهاكات لحقوق الإنسان خلال الحرب في اليمن.
المتحدث باسم الخارجية الأمريكية فيدانت باتيل، قال حينها، إن السعودية أوفت بجانبها من الاتفاق في ما يتعلق بالملف اليمني، مؤكداً أن الولايات المتحدة على استعداد للإيفاء بجانبها من الاتفاق هي الأخرى.
خطوة الولايات المتحدة المتمثلة في إلغاء الحظر المفروض منذ 2021، تأتي في ظل مرحلة حرجة وحساسة تعيشها منطقة الشرق الأوسط، كما أنها تأتي في ظل مساعٍ أمريكية حثيثة لتحريك ملف التطبيع مع دولة الاحتلال، وسط حديث متزايد عن اتفاقية دفاعية قد يتم التوصل إليها بين واشنطن والرياض ضمن اتفاق أشمل يتعلق بإسرائيل والوضع في الشرق الأوسط.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكي للصحفيين في (12 أغسطس) الماضي، إن السعودية "ظلت شريكاً استراتيجياً وثيقاً للولايات المتحدة، وإن واشنطن تتطلع إلى تحسين هذه الشراكة".
ولا يمكن النظر إلى الخطوة الأمريكية بخصوص مبيعات الأسلحة للرياض، بمنأى عن مخاوف واشنطن من اتجاه دول المنطقة باتجاه روسيا والصين، كمصدر محتمل للأسلحة، بعد تراجع الإدارة الأمريكية عن تعهداتها تجاه حلفائها في المنطقة.
صفقات جديدة
ومنذ أغسطس الماضي، وافقت إدارة بايدن على صفقتي أسلحة للسعودية، تجاوزت قيمتهما 1.5 مليار دولار، شملتا معدات وقنابل وبرمجيات وغيرها من الأنظمة الدفاعية والعسكرية.
ويوم الجمعة (25 أكتوبر)، أعلنت الخارجية الأمريكية موافقتها على طلب من المملكة لشراء صواريخ بصفقةٍ قيمتها 670 مليون دولار، وفق بيان لها.
وتشمل الصفقة الأخيرة، 6600 صاروخ تاو بي2 TOW 2B -BGM-71F-Series، وستة وتسعين (96) تاو بي2 BGM-71F-Series، إضافة إلى معدات أخرى وقطع غيار أساسية، ومواد وتدريبات بالذخيرة الحية، وأدوات ومعدات للاختبار والدعم الفني والدعم اللوجستي من قبل الجانب الأمريكي، وغيرها من العناصر اللوجستية الأخرى.
وفي (12 أكتوبر) الجاري، وافقت الخارجية الأمريكية على بيع صواريخ هليفاير 2 بقيمة 655 مليون دولار، وذخيرة لأنظمة مدفعية ورشاشات ودبابات بقيمة تقدر بنحو 139 مليون دولار، وصواريخ وبرامج دعم بـ252 مليون دولار إلى السعودية.
تحركات دفاعية
هذا النشاط في مجال صفقات الأسلحة التي تجريها السعودية، لا يقتصر على الولايات المتحدة، إذ تستمر المملكة في شراء الأسلحة من عدة دول أخرى، بينها بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا وتركيا ودول أخرى.
ويتزامن هذا، مع تحركات ولقاءات ومذكرات تفاهم واتفاقيات دفاعية تجريها وزارة الدفاع السعودية، مع عدد من دول العالم، كان آخرها خلال اليومين الماضيين، حيث قام وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان بزيارة لإيطاليا وإسبانيا، وهناك أجرى مباحثات مع نظرائه وزراء الدفاع بالبلدين، وكذلك مع عديد من شركات صناعة الأسلحة في الدولتين.
كما كثفت السعودية مساعيها لتوطين صناعة الأسلحة مع عديد من الشركات الدفاعية الأوروبية والإقليمية، وفي المقدمة الشركات التركية.
صفقة روتينية
وبالنظر إلى طبيعة الصفقة الأخيرة التي وافقت عليها الولايات المتحدة لصالح السعودية، يتضح أنها صفقة أسلحة تكتيكية، ما يعني أنها لا تتعلق باستعدادات لحرب إقليمية، أو أنها تأتي في سياق تعزيز قدراتها الاستراتيجية.
وحول هذا يقول الخبير العسكري العقيد إسماعيل أيوب، إن الصفقة الأخيرة لا علاقة لها بالتجاذبات الإقليمية، لأنها- حسب قوله- عبارة عن صواريخ تاو، وهذه الصواريخ مضادة للدروع.
وأضاف أيوب في تصريح لموقع "الخليج أونلاين": "ليست هناك حرب بين السعودية ودولة مجاورة، وصواريخ تاو هذه، غير واضحٍ طرازها".
وأشار إلى أن "هذه الصفقة ربما تكون من الصفقات القديمة التي أوقفتها الولايات المتحدة للسعودية، والآن تابعت بيعها، بشكل طبيعي".
وتابع: "السعودية لديها جيش كبير، وهذا الجيش بحاجة لصواريخ مضادة للدروع، سواء كانت هناك حرب أو لا".
وأشار إلى أن هذه الصفقة ليست لها علاقة بالأحداث المحيطة بالمملكة في منطقة الشرق الأوسط، لأنها ليست طيراناً وليست صواريخ بعيدة المدى، وليست راجمات بعيدة المدى، وليست أسلحة استراتيجية، هي أسلحة تكتيكية تستخدم في أرض المعركة.