الوطن المثخن..

لا نملك في وطننا المثخن بالأسى إلا الأمنيات وشيئًا كثيرًا من الذكريات.
الأمنيات بأن تستكين الأرواح وتنعم بالراحة والهدوء، والذكريات لماضٍ تولّى، هيهات أن يعود.
بات الوطن مثخنًا بالوجع والأسى والقهر والألم، وبات كل شيء فيه يدعو إلى الحزن والكآبة والموت البطيء.
ما عاد في وطني سوى لصوصٍ تتناحر من أجل المناصب، وساسةٍ يتقاتلون من أجل الولاء للخارج، وبعض وطنيين يقفون على قارعة الطريق ينتظرون قطار الرحيل الأخير.
بصيص الأمل الذي يلوح بين الحين والآخر في الأفق البعيد ينسج آماله من خلوات الذات التي يصنع منها سعادة زائفة، ورغم هذا، لم يَسْلَم هو الآخر من سياط الألم.
فَيَخِرُّ صريعًا عند أول محطة وجعٍ تقابله، ويدرك أنه أملٌ زائف لا يقوى على مجابهة الواقع البائس لأبسط إنسانٍ تائهٍ على تراب هذا البلد المنكوب.
في هذا الوطن، أناسٌ يبكون وجعًا من تخمة الأكل، وآخرون يبكون ألمًا من شدة الجوع، مفارقةٌ غريبةٌ عجيبةٌ مؤلمة، لحال الكثيرين ممن يرتشفون دموع الأسى كلما حلّ المساء وارتحل الصباح.
لم يفلح أولئك الذين يدّعون وصلاً بالوطنية والوطن في تغيير الواقع، بل أجادوا اللعب بأوراق السياسة التي ذبحت الوطن من الوريد إلى الوريد.
على ضوء القمر الذي يحتضن السماء في ثالث أيام عيد الفطر المبارك، أكتب كلماتي هذه بعد تفكيرٍ عميقٍ في واقع الناس وحالهم الذي تبدّل وأصبح، بين غمضة عينٍ وانتباهتها، أشبه بكابوسٍ وحلمٍ مزعجٍ أحدث في النفوس فزعًا كبيرًا.
لم يعد في الوطن المكلوم شيءٌ يدعو للسعادة إلا الحنين والأنين والعويل على تلك الدماء الزكية التي سُفكت، والأرواح التي أُزهقت من أجل تغيير الواقع وإخراج الوطن من غيابة الجُبِّ ودياجير الظلام.
أبين - العين