حينما تتحول المحاصصة إلى معول هدم!!

تعيش عدن اليوم واقعا مأساويا لم تشهده من قبل رغم مكانتها التاريخية كمركز اقتصادي وثقافي وسياحي هام فبعد ان كانت المدينة تدار بكفاءة عالية من قبل أبنائها نجدها اليوم مغيبة عن مواقع القرار ، حيث تعاني عدن اليوم من سوء الإدارة، وتدهور الخدمات وتهميش متعمد لأهلها في مختلف مفاصل الدولة.
لقد كان الامل معقودا بعد تحرير عدن من المليشيات الحوثية كذا التغيير السياسي الذي شهدته اليمن بان تكون المرحلة القادمة مختلفة وان يكون لأبناء عدن – الذين قدموا الكثير – دور رئيسي في إدارة مدينتهم لكن ما حدث هو العكس تماما ، فقد تحولت المحاصصة الحزبية إلى وسيلة لتوزيع المناصب بين القوى السياسية المتصارعة، بعيدا عن الكفاءة مما أدى إلى تعيين أشخاص غير مؤهلين وأحيانا غير معنيين بمصلحة المدينة وأهلها ، سياسات قائمة على التوازنات الحزبية والمماحكات السياسية والمناطقية جميعها أدت الى تراجع الخدمات بشكل غير مسبوق فالكهرباء متدهورة ، والمياه شحيحة وتصل للمديريات كل خمسة أيام وعدن مدينة حارة ، كذا البنية التحتية متهالكة والأسواق تشهد ارتفاعا جنونيا للأسعار في ظل انهيار العملة بينما المرتبات لا تزال متأخرة و غير كافية لمواكبة الغلاء.
إن ابرز مظاهر الظلم الواقع على عدن هو الاقصاء المتعمد لأبنائها من إدارة مدينتهم ، حيث تم استبعادهم من المواقع القيادية في المؤسسات الحكومية والمرافق الحيوية والعسكرية ، عدن التي عرفت منذ الستينات بإدارتها المتفوقة لمينائها ومؤسساتها المالية والتجارية والثقافية أصبحت اليوم عاجزة عن تسيير ابسط خدماتها والادهى من ذلك ان هذا الإقصاء لم يقتصر على إدارة المحافظة فقط بل امتد ليشمل المناصب الحكومية الأخرى واليوم فشل واضح بالوزارات الحكومية ، حيث يتم تعيين مسؤولين في مواقع حساسة دون الاخذ بعين الاعتبار قدرة أبناء كل محافظة على إدارة شؤونهم بأنفسهم .
ونتيجة السياسات الخاطئة والمحاصصة الحزبية تعيش عدن اليوم تدهورا غير مسبوق في كافة القطاعات حيث تزداد البطالة بين الشباب وتفقد عدن المدينة اليوم ملامحها التاريخية والحضارية والثقافية والسياحية وما زاد الطين بلة هو الفساد المستشري الذي جعل من عدن بقرة حلوب لجيوب بعض المسؤولين دون أي تحرك لإنقاذها او حتى الاعتراف بحجم المعاناة التي يعيشها اهلها.
ان عدن ليست مجرد مدينة بل هي العاصمة الاقتصادية والسياسية المؤقتة والقلب النابض وعندما يتم تهميشها فإن ذلك ينعكس على الوطن بأكمله وان الأوان للمجلس الرئاسي ان يتحمل مسؤوليته التاريخية ويعمل على تصحيح مسار الإدارة في عدن من خلال:
. إعادة تمكين أبناء عدن من إدارة مدينتهم عبر تعيين الكفاءات في المناصب القيادية.
. اصلاح المؤسسات الخدمية وضمان وصول الكهرباء والمياه والخدمات الأساسية للمواطنين.
. مكافحة الفساد وإيقاف نزيف المال العام الذي تسبب في تراجع الخدمات.
. إعادة النظر في سياسات التعيين بحيث تكون قائمة على الكفاءة وليس الولاءات الحزبية والمناطقية.
إن استمرار هذا النهج الإقصائي لن يؤدي الا الى مزيد من الاحتقان والغضب الشعبي ولن يستفيد منه احد سوى الفاسدين والمتربصين بعدن واليمن ككل فالعدل والمساواة هما الضمانة الحقيقية لبناء دولة مستقرة .