البريطانيون يرفضون الورود بأدب.. ونحن الجنوبيون نهرب من "الحب" المفخخ!
الناشط الحقوقي أسعد أبو الخطاب
يبدو أن مفهوم الحب يختلف من مكان إلى آخر، ومن قارة إلى أخرى. ففي أوروبا، عندما قررت بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي، أرسل لها الأوروبيون مليون وردة تعبيرًا عن حبهم وتقديرهم لها، في محاولة رومانسية لإقناعها بالبقاء.
لكن البريطانيين، كما هو متوقع من شعب متحضر، رفضوا هذه العاطفة الدبلوماسية بكل أدب، وانسحبوا في هدوء دون أن يفجروا أنفسهم في بروكسل أو يزرعوا الألغام في باريس.
أما في اليمن، فالقصة مختلفة تمامًا.. نحن الجنوبيون، الذين أعلنا مرارًا أننا لا نريد هذا "الحب" القسري من الشمال، وجدنا أنفسهم أمام شكل جديد من الغرام: الحب عبر المتفجرات!
نعم، لا رسائل حب، لا ورود، لا أغانٍ عاطفية، بل ألغام مدفونة تحت أقدامنا، وعمليات عسكرية لا تنتهي، وحصار اقتصادي خانق.
كل هذا لإقناعنا بأن "الوحدة اليمنية" قدر مقدس، حتى لو اضطرنا للعيش داخل مصْيَدَة الموت التي زرعها العاشق الغيور!
البريطانيون، على الأقل، كان لديهم خيار أن يرفضوا الورود وأن يغادروا بسلام، بينما نحن الجنوبيون لا نملك حتى رفاهية الرفض، فكل الطرق المؤدية إلى الخروج من هذه العلاقة السامة مليئة بالألغام.
هل يمكن أن يلومننا إذا قررونا الهروب؟
أم أن على العاشق الشمالي أن يفهم أن الحب لا يُفرض بالقوة، والوحدة لا تُبنى بالمجازر؟
إذا كانت أوروبا تحاول الحفاظ على شراكاتها بالحوار والتفاهم، فإن شمال اليمني يتبع أسلوبًا آخر:
سأقتلك أيها الجنوبي إذا حاولت الهروب، لأنني أحبك!
ربما يكون هذا أحد أغرب مفاهيم الحب في التاريخ، لكن في اليمن، يبدو أن الحب القسري أصبح جزءًا من العقيدة السياسية.
في النهاية، يبقى السؤال: أي حب يستحق أن نقاتل من أجله؟
ذلك الذي يزهر بوردة؟
أم ذلك الذي ينفجر بلغم؟
وإذا كان هذا هو الحب الذي يقدمه ساسة الشمال، فربما يكون الهروب هو أفضل طريقة للبقاء على قيد الحياة!