نساء عدن يرفعن أصواتهن من أجل الحياة والكرامة

خرجت نساء عدن، ومن تضامن معهن من نساء محافظات أخرى، في وقفة واحدة بالعاصمة عدن، للمطالبة بحقوقهن المشروعة في الحصول على أبسط الخدمات الأساسية، كالكهرباء والمياه والرعاية الصحية، إلى جانب المطالبة برواتب كريمة تقيهن شر الغلاء الفاحش الذي تجاوز حدود المعقول، وفاق حتى بعض الدول، وسط فساد مؤسسي أهلك الأخضر واليابس في البلاد.
وقد أثمر هذا الحراك النسوي عن إيصال صوتهن إلى مسامع المبعوث الأممي إلى اليمن، وطرحه أمام مجلس الأمن، ليضاف إلى أصوات نسائية أخرى عبر منظمات المجتمع المدني، تشاركهن الهموم وتناصر مطالبهن العادلة.
وبهذا الصدد، نؤكد رفضنا القاطع لفرض أية أجندات سياسية أو توجيه التظاهرات لأي توجه حزبي أو سلطوي. فمثل هذه المحاولات لا تنجح سوى في سحب البساط من تحت من يتبناها، وتؤدي إلى خسارة رصيدهم الشعبي دون أن يشعروا. الصراعات على السلطة لا يمكن أن تحكم الأرض إلا حين تثمر إنجازات ملموسة تخدم المواطنات، وهن الفئة الأكثر تضررًا من المواطنين في الظروف الراهنة.
يؤسفنا أن نرى مجلسًا رئاسيًا منشغلًا بصراعات داخلية وتحقيق أهداف أحادية بعيدة كل البعد عن المصلحة الوطنية العليا. أما من يهتفون باسم "الجنوب"، فنقول لهم: كفى مزايدات سياسية. لقد كانت زمام السلطة بأيدي القادة الجنوبيين منذ أكثر من عشر سنوات، ولم يتحقق خلالها إنجاز يُخلد في ذاكرة الناس أو يسجله التاريخ باسم أحدهم. الأرض شبعت دماء، والأحياء ماتوا عطشًا وجوعًا.
نساء عدن، وهن جنوبيات الهوية، أصبحن يشعرن بالغربة في وطنهن نتيجة ممارسات سياسية تمييزية ومنفّرة. فكل ما يُفرض عليهن بالإكراه يتحول إلى مصدر اشمئزاز ورفض. نطالب باحترام الحريات والحقوق، فالضغط والانتهاكات لا تؤدي سوى إلى مزيد من التصدع في النسيج المجتمعي الذي يعاني بالفعل من التشرذم والتآكل.
عدن، هذه المدينة العالمية، كانت وما زالت تحتضن الجميع، وعلى الجميع احترامها واحترام خصوصيتها وأهلها. فعدن ليست ساحة لتصفية الحسابات، بل مساحة للكرامة والعيش المشترك.