شركات الظل ودهاليز المال الأسود!!.. كشف الأدوات الحوثية لاختراق العقوبات الدولية!

شركات الظل ودهاليز المال الأسود!!.. كشف الأدوات الحوثية لاختراق العقوبات الدولية!

تحقيق (الأول) القسم السياسي:

كشف تقرير حديث صادر عن منصة "PTO Yemen"، المتخصصة في تعقب الجريمة المنظمة وغسيل الأموال، عن وجود شبكة معقدة لإدارة عمليات مالية وتجارية سرية تهدف إلى التهرب من العقوبات الأمريكية والدولية، بتنسيق مباشر بين النظام الإيراني ومليشيا الحوثي الإرهابية.
وأشار التقرير، الذي نشر يوم الخميس الماضي، إلى أن هذه الشبكة تُدار بشكل محكم وبإشراف مباشر من ما يُعرف بـ"السفير الإيراني غير المعترف به" في صنعاء، علي رضائي، بالتعاون مع عدد من المسؤولين الإيرانيين البارزين، أبرزهم وزير التجارة الإيراني عباس علي آيادي وفريق فني تابع لوزارته، إضافة إلى مسؤولين اقتصاديين حوثيين رفيعي المستوى، من بينهم وكيل جهاز الأمن والمخابرات للقطاع الاقتصادي، ونائب وزير التجارة الحوثي محمد قطران، والمدعو أيمن الخلقي.
وفي الوقت الذي تفرض فيه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة عقوبات صارمة على جماعة الحوثي في اليمن، تكشف وثائق وتحقيقات ميدانية عن شبكة معقدة من الأساليب التي تعتمدها الجماعة للالتفاف على تلك العقوبات عبر استخدام الشركات التجارية كواجهات قانونية.

التحايل المنظم للسيطرة على الشركات المصادرة والمتوقفة
منذ سيطرتها على العاصمة صنعاء، استولت الجماعة على عشرات الشركات المملوكة لخصومها السياسيين أو لمغتربين غادروا البلاد. أعادت تشغيلها بطرق رسمية مزورة وعينت إدارات موالية لها دون علم الملاك الأصليين، ما مكّنها من مواصلة استيراد مواد حساسة من أسواق دولية كالصين وتركيا وإيران.

السجلات المهجورة... منجم ذهب للحوثيين
استخدمت الجماعة سجلات تجارية لرجال أعمال مهاجرين وشركات لم تعد تعمل منذ سنوات، كغطاء قانوني لاستيراد سلع حيوية. أبرزها المشتقات النفطية والمعدات الصناعية التي تخدم أغراضًا عسكرية، ما يسمح بتجاوز الرقابة الدولية دون إثارة الشبهات.

الشركات الوهمية والمساهمات القسرية
أنشأت الجماعة شركات وهمية بأسماء أشخاص وهميين أو غير معروفين دوليًا، تُستخدم في أنشطة مشبوهة تشمل غسيل الأموال وشراء شحنات مزدوجة الاستخدام. كما أجبرت شركات ناجحة على الدخول في شراكات قسرية عبر التهديد بالمصادرة أو الضرائب، لتأمين السيطرة المالية دون الظهور في الواجهة.

شركات صرافة مشبوهة... الواجهة المالية الجديدة
بعد إدراج "الرضوان للصرافة" على قائمة العقوبات، لجأت الجماعة إلى "شركة عادل البدجي للصرافة" كواجهة مالية بديلة، لتكون حلقة وصل بين شبكات تمويلها العسكرية ومصادر الأموال الخارجية، عبر أدوات غسيل أموال معقدة تشمل استخدام العملات الرقمية.

استراتيجية إيرانية – حوثية لتجاوز العقوبات
ويكشف التقرير عن استراتيجية شاملة تم وضعها بعناية لتجاوز الرقابة المالية الدولية، تتضمن عدة أدوات رئيسية:
- إنشاء شركات تجارية وهمية في دول ذات علاقات وثيقة مع طهران ، تستخدم كواجهات قانونية لتبييض الأموال وتمرير المعاملات المشبوهة.
- استغلال شركات يمنية قديمة أو متوقفة أو تابعة لمغتربين ومعارضين غادروا البلاد قبل عام 2017 ، لتعود إلى النشاط مرة أخرى تحت سيطرة المليشيا الحوثية وإدارة إيرانية، مما يسهل تمرير العمليات التجارية دون إثارة الشبهات.
- التحايل عبر دول ثالثة ، خصوصًا تلك التي تمتلك أنظمة مصرفية ضعيفة أو خاضعة لنفوذ إيراني مباشر، مثل العراق، بهدف إخفاء مصادر الأموال الحقيقية وصعوبة تتبعها من قبل الجهات الدولية المختصة.

وثائق داخلية تفضح التعاون السري
واستند التقرير إلى وثائق حصرية تم الحصول عليها من داخل هيكل الإدارة الاقتصادية للمليشيا الحوثية، والتي تظهر مدى التكامل بين الجانبين الإيراني والحوثي في إدارة هذه الشبكة. ومن أبرز الوثائق، رسالة موقعة من عبد الواحد أبو راس، نائب وزير الخارجية في حكومة المليشيا غير المعترف بها دولياً، وجهها إلى السفير الإيراني في صنعاء، طلب فيها استبدال الوسيط المالي الإيراني المعروف سعيد الجمل، بعد أن أصبح هدفاً رقابياً من الاستخبارات الأمريكية في شرق آسيا.
كما سبق وأن أفادت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية بتقاريرها السابقة بأن مليشيا الحوثي زادت من استخدامها لشركات وهمية مرتبطة بشبكات عراقية، للاستفادة من الثغرات في النظام المالي العراقي، وذلك بغطاء إيراني واضح.

الحرس الثوري يقود عمليات التمويه المالي
وحذر التقرير من الدور المباشر الذي يلعبه الحرس الثوري الإيراني في دعم وتمويل هذه الأنشطة، بما في ذلك تقديم الخبرات التقنية واللوجستية اللازمة لإدارة عمليات غسل الأموال وتزوير البيانات التجارية. ووصف التقرير هذه الآليات بأنها الأكثر تعقيداً منذ بدء الحرب في اليمن، مشيرًا إلى أنها باتت تشكل تهديداً حقيقياً للنظام المالي الدولي.

دعوة أممية للتحرك الفوري
وطالبت منصة PTO Yemen المجتمع الدولي، ولا سيما مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بضرورة اتخاذ خطوات عاجلة لتعزيز آليات الرقابة المالية، وملاحقة الأذرع الاقتصادية التابعة للمليشيات الإيرانية المنتشرة في المنطقة. وأكد التقرير أن التباطؤ في اتخاذ إجراءات حاسمة قد يؤدي إلى تحول هذه الشبكات إلى أدوات أكثر خطورة لتمويل الإرهاب والصراعات الإقليمية، تحت ستار العمل التجاري والإنساني.

ويأتي هذا التقرير في وقت تشهد فيه العلاقات الإيرانية – الحوثية تصاعداً في مستوى التنسيق العسكري والمالي، مما يثير مخاوف دولية حول تزايد النفوذ الإيراني في منطقة الخليج، واستخدام اليمن كقاعدة متقدمة لزعزعة الاستقرار الإقليمي.