مكافحة المعلومات المضللة وتأثيرها على النساء في اليمن.

بقلم: أحمد العريقي
تُعد المعلومات المضللة من أبرز التحديات التي تواجه المجتمع اليمني في العصر الرقمي، وتُعد النساء من أكثر الفئات تضرراً منها، كونها تنثل الشريحة الأضعف في المجتمع.
فانتشار الشائعات والأخبار الكاذبة لا يؤثر فقط على صورة المرأة ومكانتها، بل يحد من قدرتها على التعبير والمشاركة في القضايا العامة، مما يعزز الفجوة الرقمية بين الجنسين ويكرس النظرة النمطية السلبية تجاه المرأة.
وتأخذ المعلومات المضللة التي تستهدف النساء في اليمن أشكالاً متنوعة منها التنمر الإلكتروني، والترويج للوصمات الاجتماعية، ونشر شائعات مغلوطة حول شخصيات نسائية بهدف التشكيك في قدراتهن وتقليل دورهن
الاجتماعي والسياسي كما تتضمن وسائل الاحتيال الإلكتروني مثل روابط مزيفة وفرص وهمية للربح أو العمل، التي تهدف إلى اختراق خصوصية النساء وابتزازهن، مما يسبب أضراراً نفسية واجتماعية ومادية كبيرة.
وتترك المعلومات المضللة أضراراً نفسية عميقة للنساء، من بينها الخوف، القلق، والاكتئاب، نتيجة الهجمات الإلكترونية والتشهير والتهديدات، الأمر الذي يؤدي إلى تراجع مشاركة النساء في النقاشات العامة والسياسية، ويقود في بعض الحالات إلى انسحابهن من الحياة العامة وحتى فقدان فرص العمل أو التراجع عنها كما أن هذه الحملات تعزز العنف النفسي والجسدي ضد النساء، وتضعف من قدرة المجتمع على تحقيق التمكين والعدالة الاجتماعية.
وتكشف بيانات صادرة عن “آيكون يمن” عن وجود فجوة رقمية واضحة بين الجنسين في اليمن، إذ يمثل النساء نسبة ضئيلة جدًا من مستخدمي الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي ففي فيسبوك، تصل نسبة النساء إلى 14.5% فقط، مقابل 85.5% للرجال، وفي إنستاغرام تبلغ نسبة النساء 30.2% مقارنة بـ69.8% للرجال هذه الفجوة تعود جزئياً إلى التضليل الإعلامي والمعلومات المغلوطة التي تزيد من مخاوف النساء وتقلل من تفاعلهن الرقمي.
وتفيد تقارير منظمة ARK International، يعتمد حوالي 70% من اليمنيين على وسائل التواصل الاجتماعي كمصدر رئيسي للأخبار، مما يجعلهم عرضة شديدة للمعلومات المضللة هذه الظاهرة تؤدي إلى تفشي الكراهية، وتزايد العنف النفسي والاجتماعي، خاصة تجاه النساء، وتؤثر سلبًا على مشاركتهن في المجتمع.
إن مواجهة المعلومات المضللة لم تعد مجرد ضرورة إعلامية، بل أصبحت أساساً لتعزيز السلم الاجتماعي وتمكين المرأة في المجتمع، فالإعلام الذي يعكس صورة إيجابية للمرأة ويحترم دورها الفاعل يساهم في تضييق الفجوة الرقمية، وتعزيز الوعي، وحماية الحقوق الرقمية للنساء.
وتقع على عاتق الإعلاميين والإعلاميات مسؤولية كبيرة في مكافحة المعلومات المضللة، من خلال التحقق الدقيق من الأخبار والمصادر قبل النشر، وتقديم محتوى إعلامي موضوعي يعزز من قيم الاحترام والمساواة كما يمكنهم استخدام منصاتهم للتوعية بخطورة التضليل وأثره على النساء والمجتمع ككل، والمساهمة في بناء خطاب إعلامي يدعم التمكين والسلام المجتمعي.
ويعد تدريب المستمر للمهنيين الإعلاميين على مهارات التحقق من المعلومات، والتعامل مع الأخبار المزيفة، والتصدي للحملات التضليلية بطريقة مهنية ومسؤولة، يعد من أهم الخطوات للحد من تأثير هذه الظاهرة.
إن مكافحة المعلومات المضللة التي تستهدف النساء في اليمن ضرورة ملحة تتطلب تضافر الجهود بين الإعلاميين، الجهات الحكومية، ومنظمات المجتمع المدني. فبدون بيئة إعلامية صحية ومسؤولة، تبقى النساء عرضة للهجوم والتهميش الرقمي والاجتماعي، مما يعرقل مسيرتهن نحو التمكين والمساواة.
لذا، يجب أن يتحول الإعلام من أداة لنشر التضليل إلى قوة إيجابية تحمي حقوق النساء وتعزز مشاركتهن الفعالة في بناء مجتمع عادل وسلمي كما أن تعزيز الوعي الرقمي لدى النساء وتمكينهن من استخدام التكنولوجيا بأمان وثقة يشكل خطوة حاسمة نحو تجاوز الفجوات الرقمية والحد من تأثير المعلومات المضللة