فوضى الأزمات وصمت السلطات.. من يتحمل المسؤولية؟
تغرق عدن المدينة التي تنفست التحرير على يد أبنائها في دوامة لا تنتهي من الأزمات والمعاناة ازمة تلو أخرى وكان قدر هذه المدينة ان تظل تدفع ثمنا باهظا لحلم التحرير الذي بدا بالشهادة حين سقط الشهيد جعفر محمد سعد واليوم تستمر التضحيات بشكل اخر حيث يواجه كبار السن والمواطنون البسطاء الموت البطيء بسبب ارتفاع درجات الحرارة وانهيار الخدمات وغياب الرعاية.
كهرباء لا تعمل الا ساعتان ، ماء لا يصل الى المنازل، مشتقات نفطية بأسعار تفوق قدرة المواطن واليوم نعيش ازمة غاز تفاقمت بشكل مفاجئ وكأنها جزء من مسلسل ممنهج يهدف الى انهاك الناس وكسر ارادتهم والأسوأ من كل ذلك صمت مريب ومخزٍ من قبل السلطة التنفيذية في العاصمة عدن على راسها المحافظ الذي يكتفي بالمراقبة دون اي توضيح او شفافية حقيقية تطلع المواطن على الأسباب والحلول.
هل هذه الازمات مفتعلة؟ هل هي وسيلة لضرب استقرار عدن من الداخل؟ وهل هناك اطراف محلية او إقليمية تعبث بالمدينة لأهداف سياسية واقتصادية خفية؟ هذا التساؤل بات يتردد بقوة في الشارع العدني فكيف لمدينة تمتلك ميناء ومصفاة نفط وواجهات بحرية وإمكانات اقتصادية وموارد وايرادات ضريبية متنوعة ان تعيش مثل هذه الظروف المأساوية؟
ان من يتحمل مسؤولية ما يحدث لعدن اليوم ليس فقط المحافظ بل كل من شارك او سكت عن هذا العبث الممنهج الذي يمارس على المدينة منذ 2015 وحتى اليوم ، من يسيطر على القرار؟ من يحتكر الموارد؟ من يدير ملف الخدمات؟ كل هذه الأسئلة تطرح نفسها بقوة وتتطلب إجابات واضحة لا مزيدا من الشعارات الفارغة.
عدن لا تعيش فقط ازمة خدمات بل أزمة ضمير لدى من يتصدرون المشهد ، ازمة إدارة، وفساد، وغياب للعدالة والرقابة والمحاسبة فالمواطن البسيط لا يطلب الكثير فقط يريد كهرباء في هذا الصيف اللاهب، ماء نظيفا مستمر ، اسعارا مقبولة للمواد الغدائية ، ودواء متاحا في يد المرضى يريد ان يشعر بان هناك من يفكر فيه.
لقد ان الاوان لاعادة تقييم شامل للوضع في عدن، ووضع خطة انقاذ حقيقية من السلطات التنفيدية والحكومية ، تبدا بالاعتراف بالمشكلة وتحديد المسؤوليات ومحاسبة المقصرين والفاسدين فاستمرار هذا الوضع لن يؤدي الا الى مزيد من السخط الشعبي ومزيد من الانهيار في مجتمع هو بالاصل مرهق من ويلات الحرب ونتائجها.
عدن ليست مدينة هامشية، إنها جوهرة اليمن والعاصمة السياسية ومفتاح الاستقرار في الجنوب وكل من يتجاهل معاناتها اليوم سيواجه حساب التاريخ غدا فالسكوت عن الفساد والخذلان جريمة لا تقل فداحة عن التخريب نفسه.