لا نثق ببرلمان "الواتساب".. الجنوب لا يُدار بالوصاية!

الناشط الحقوقي أسعد أبو الخطاب

في سابقة تثير الاستغراب أكثر مما تدعو إلى الثقة، أعلن مجلس النواب اليمني – المنقسم والمنتهي دستوريًا – إرسال لجانه البرلمانية إلى بعض المحافظات الجنوبية، بدعوى "المراقبة والتقييم". 

في زمن العبث والوقاحة السياسية، يخرج علينا "برلمان منتهي الصلاحية" ليُمارس دور الوصي على الجنوب، وكأن الجنوب بلا شعب، بلا مؤسسات، بلا ذاكرة!

مجلس نواب لم يعد له وجود إلا في "قروبات واتساب"، يرسل لجانه إلى محافظات الجنوب "للمراقبة والتفتيش"، متناسيًا أنه فاقد للشرعية، فاقد للنصاب، وفاقد للثقة.

لكن السؤال الذي يتردد على لسان الشارع الجنوبي هو: مَن أوكل لهذه اللجان مهمة التفتيش وهي ذاتها فاقدة للشرعية؟

مجلس بلا شرعية... يمارس سلطات فوقية:

البرلمان اليمني، الذي توقفت انتخاباته منذ أكثر من عدة سنوات، بات جسمًا ميتًا دستوريًا وسياسيًا، لا يستوفي النصاب القانوني لعقد جلساته، ولا يملك مصداقية تمثيل حقيقي للشعب اليمني – ناهيك عن الجنوب الذي أعلن منذ سنوات موقفًا واضحًا من هذه المؤسسة.

وقد فجر النائب البرلماني المعروف شوقي القاضي مفاجأة مدوّية بقوله: "البرلمان يواصل أعماله عبر تطبيق (واتساب)، لشتات منذ فقط".

فهل يُعقل أن برلمانًا يقرّ القوانين من غرف الدردشة، يرسل لجانًا "لمراقبة" محافظات تُحكم فعليًا من إرادة جنوبية ومجلس انتقالي منتخب شعبيًا؟

ما خلف "الزيارات الرقابية":

خلال الأيام الماضية، تحركت "لجان برلمانية" إلى بعض المحافظات الجنوبية مثل العاصمة عدن، شبوة، وأبين، وغيرها...، تحت غطاء "متابعة الأوضاع المعيشية والخدمية".

لكن ما بين السطور، تظهر أهداف أخرى:

1- رغبة في إعادة فرض وصاية سلطوية على الجنوب، باستخدام البرلمان كأداة سياسية لا دستورية.

2- محاولة التشويش على الدور الجنوبي المستقل، وعلى نجاح المؤسسات الأمنية والإدارية هناك.

3- استغلال الغطاء البرلماني القديم لتبرير تدخلات سلطوية مرفوضة شعبيًا.

اعتراضات جنوبية تتصاعد:

قوبلت هذه التحركات ب استنكار شعبي واسع، خصوصًا في أوساط النشطاء الجنوبيين ومكونات المجتمع المدني، الذين يرون فيها استفزازًا سياسيًا وعودةً مرفوضة للهيمنة المركزية... لا نثق ببرلمان يمارس عمله من تطبيق (الواتساب)، ولا نعترف بمن انتهت صلاحيته منذ سنوات... الجنوب اليوم له مؤسساته، له قياداته، ولا يحتاج لوصاية من برلمان غائب عن الواقع.

الواقع الرقمي للبرلمان تشير تقارير إعلامية إلى أن:

عدد الأعضاء الذين يشاركون فعليًا في جلسات البرلمان اليمني لا يتجاوز 50 إلى 60 نائبًا من أصل 301.

أغلب القرارات تُناقش في مجموعات واتساب مغلقة، بعيدًا عن الشفافية أو التصويت العلني.

برلمان بلا تمثيل.. لا يُراقب ولا يُسائل:

كيف لبرلمان لم يفتح ملف واحد عن نهب الثروات النفطية في مأرب، ولم يناقش الجرائم التي ترتكبها المليشيات الحوثية في صنعاء، أن يطالب اليوم بمراقبة الأداء الخدمي في العاصمة عدن أو حضرموت أو شبوة أو لحج أو أبين...؟

الأمر بات واضحًا للجميع:

هذه ليست رقابة برلمانية... بل مناورة سياسية يائسة.

الختام: الجنوب ليس ساحة

 مراقبة لبرلمان منتهي الصلاحية!

- ما يجري اليوم ليس أكثر من محاولة لإعادة تدوير أدوات الفشل في شكل جديد.

- الجنوب ليس مختبرًا لتجارب "برلمان الدردشة"، ولا حقلًا مفتوحًا لزيارات استعراضية من لجان فقدت أهلية الرقابة.

من يراقب من؟

هل يأتي إلينا برلمان منقسم، مأزوم، عاجز، ليُراقب عمل سلطات جنوبية استطاعت أن تفرض الأمن، وتبني مؤسسات وسط ركام الفوضى؟

أين كانت لجان البرلمان عندما:

# نُهبت ثروات شبوة ومأرب؟

#أُهينت العاصمة عدن في حرب الخدمات؟

# سقطت صنعاء بيد الحوثي ولم يرمش لهم جفن؟

# أُغرق الجنوب بالفوضى والاغتيالات والتهميش لعقود؟

 لا وصاية على الجنوب!

نقولها صريحة وغاضبة:

لا نثق ببرلمان يمارس أعماله من تطبيق "الواتساب"، ولا نعترف بمن انتهت صلاحيته منذ سنوات!

الجنوب اليوم له:

أ) مؤسساته الشرعية المنتخبة شعبياً.

ب) قادة ميدانيون دفعوا أرواحهم دفاعًا عن الأرض والعرض.

ج) قوى أمنية تدير الواقع وتحمي المواطن.

د) إرادة سياسية لم ولن تعود إلى حظيرة التبعية

.

انتهى وقت الوصاية:

برلمان الواتساب لم يكن يومًا مع الجنوب، بل كان دائمًا أداة من أدوات السيطرة، والتهميش، والإقصاء... واليوم، حين يُحاول العودة على هيئة لجان "رقابية"، فإننا نقول له:

لن تكونوا شهود زور في أرضنا بعد اليوم!

المطلوب اليوم هو الاعتراف بالحقيقة المرة:

• هذا البرلمان انتهى، مات، وتجاوزته الأحداث، ولا شرعية له إلا في دفتر الذكريات.

• الجنوب لا يُدار من صنعاء أو مأرب أو واتساب!

• الجنوب اليوم يُدار من مؤسساته الواقعية، من عدن، والمكلا، وزنجبار، وسيئون.

• الجنوب لا يحتاج تفتيشًا من لجانكم، بل يحتاج اعترافًا بتضحياته، وإرادته، ومطالبه المشروعة بالحرية والسيادة.

• الجنوب لن يسمح بعودة البرلمان الذي أقرّ الحرب عليه في 1994م، وسكت عن جرائمه بعدها.