القربي: صالح توقّع نهايته على يد الحوثيين وهادي رفض مواجهتهم فسلّم صنعاء دون مقاومة

القربي: صالح توقّع نهايته على يد الحوثيين وهادي رفض مواجهتهم فسلّم صنعاء دون مقاومة

(الأول) خاص

كشف وزير الخارجية اليمني الأسبق، أبو بكر القربي، أن الرئيس الراحل علي عبد الله صالح كان يتوقّع نهايته على يد الحوثيين، مشيراً إلى أن خصومته مع الجماعة التي بدأت بالحرب في صعدة عام 2004 تحوّلت لاحقاً إلى شراكة هشّة ثم إلى صراع دموي انتهى بمقتله أواخر عام 2017.

وفي الجزء الثاني من مقابلة موسعة مع صحيفة “الشرق الأوسط”، استعرض القربي مشاهد وتحولات مفصلية في تاريخ اليمن الحديث، من صعود الحوثيين وعلاقاتهم مع إيران، إلى انقسامات ما بعد «الربيع العربي»، مروراً بارتباك إدارة الرئيس عبد ربه منصور هادي، وصولاً إلى انهيار الدولة وسقوط صنعاء.

صالح كان يتوقّع مصيره

وأكد القربي أن صالح، رغم شراكته مع الحوثيين بعد مغادرته السلطة، كان يدرك تدريجياً أن الجماعة لا تتعامل معه بندّية، وأن قياداتها كانت تدير الوزارات من خلف الكواليس، وتتجاهل شركاءها في حزب المؤتمر الشعبي العام.

وقال: صالح بدأ يدرك أن الدور السياسي لحزبه يُقصى، وأن الحوثيين لا يرغبون بشراكة حقيقية… كان يتوقّع أن ينقلبوا عليه.

هادي رفض التصدي للحوثيين

وفي شهادته على الأحداث التي سبقت سقوط العاصمة صنعاء بيد الحوثيين عام 2014، أوضح القربي أن الرئيس هادي رفض إرسال قوات لوقف تقدم الجماعة في عمران، رغم تحذيرات أرسلها له المؤتمر الشعبي وبتوجيه من صالح نفسه، قائلاً: حين طُلب منه التدخل ردّ بأنه لا يريد أن يُستدرج إلى صدام كما حدث لصالح في صعدة.

وأضاف القربي أن كثيراً من المحيطين بصالح اعتبروا موقف هادي نوعاً من تصفية الحسابات أو الانتقام السياسي، خاصة بعد الخلافات التي برزت داخل المؤتمر الشعبي بشأن تمثيله في مؤتمر الحوار الوطني ومحاولات هادي السيطرة على الحزب.

ورداً على سؤال عن توقيت وسبب انفتاح الحوثيين على إيران، أشار القربي إلى أن الجماعة لجأت لطهران بعد أن وجدت نفسها في مواجهة السلطة، قائلاً: الحوثيون بحثوا عن نصير إقليمي ووجدوا الدعم في إيران، وخاصة من الحوزات والمؤسسات التي تقدم دعماً غير رسمي.

وكشف عن زيارتين قام بهما إلى طهران، حيث نقل للمسؤولين الإيرانيين رسائل مباشرة بشأن مخاطر تدخلهم في اليمن.

التغيير المطلوب… لا الفوضى

القربي أشار إلى أن الرئيس صالح لم يكن يرفض مبدأ التغيير السياسي، بل كان يطالب بأن يتم عبر الوسائل الدستورية لا من خلال الفوضى، لافتاً إلى أن المؤتمر الشعبي العام شهد نقاشات داخلية حول موجات الربيع العربي، ومخاطر إسقاط الأنظمة دون بديل مؤسسي.

وفي هذا السياق، أشار إلى أن صالح لم يكن يمانع مغادرة السلطة، لكنه كان حريصاً على أن يتم ذلك وفق القانون. وقال: كان يملك القوة لتفريق الساحات، لكنه أدرك أن ذلك سيقود إلى الفوضى، وفضّل تسليم السلطة.

محاولة اغتيال صالح وقرار التنحي

وتحدّث القربي عن اللحظات التي سبقت محاولة اغتيال صالح في مسجد دار الرئاسة عام 2011، قائلاً إنه كان حاضراً في اجتماع سابق للحادث بساعات، تم فيه اتخاذ قرار بتوقيع المبادرة الخليجية.

وأضاف أنه نجا من الانفجار لأنه اعتذر عن حضور الصلاة في المسجد لحضور مناسبة اجتماعية.

من شراكة إلى خصومة مع هادي

ووصف القربي العلاقة بين صالح وهادي بأنها كانت “ممتازة” قبل انتقال السلطة، لكنه أشار إلى أنها تدهورت لاحقاً بسبب شعور صالح بأن هادي يعمل على تهميشه داخل الحزب، خصوصاً خلال مؤتمر الحوار الوطني، وهو ما أدى إلى توتر متصاعد بين الطرفين.

واستعاد القربي جانباً إنسانياً من علاقته بصالح، واصفاً إياه بأنه “زعيم مرن ومحب للحوار، حتى مع خصومه”، مشيراً إلى أنه كان يُفضّل التفاوض على استخدام العنف، وأن “فهمه العميق لتعقيدات اليمن القبلية والمناطقية هو ما مكّنه من البقاء في الحكم لأكثر من 3 عقود”.

واعتبر أن من أخطاء صالح تأجيل بناء الدولة المدنية، وقال: “كان يمكن أن يستثمر لحظات ما بعد الوحدة أو ما بعد الحرب، لكنه، ككثير من قادة الثورات في العالم العربي، انشغل بالسلطة أكثر من الدولة”.