21 سبتمبر: نكبة شعب ودمار وطن

21 سبتمبر: نكبة شعب ودمار وطن

الكاتب مؤمن الحاج 

في تاريخ اليمن المعاصر يبقى 21 سبتمبر يومًا أسود لا يُمحى من ذاكرة الأجيال. في هذا اليوم المشؤوم اجتاحت مليشيات الحوثي العاصمة صنعاء وأسقطت مؤسسات الدولة وفرضت مشروعها الطائفي بقوة السلاح. لتبدأ مأساة جديدة للشعب اليمني عنوانها: الدمار والتخريب والتفجير والقتل والجوع. هذا اليوم لم يكن مجرد انقلاب بل كان نقطة تحول كارثية في مسيرة اليمن 

في 21 سبتمبر 2014 بدأت مليشيات الحوثي هجومها على العاصمة صنعاء مستغلةً حالة الارتباك الناتجة عن الاحتجاجات الشعبية على الحكومة. استخدمت الجماعة القوة العسكرية حيث تمكنت من السيطرة على المؤسسات الحكومية بشكل سريع. هذا الانقلاب لم يكن مجرد تغيير في السلطة، بل كان بداية مرحلة مظلمة في تاريخ اليمن 

بعد الانقلاب استولت

 الميليشيات على مخازن أسلحة الجيش اليمني. لم تُستخدم هذه الأسلحة لحماية الوطن بل وُجّهت لقتل أبنائه استخدمت الميليشيات مدافع الهاون بشكل عشوائي، مما أدى إلى مقتل أطفال ونساء في مدينة تعز وغيرها من المدن كما تم استخدام الصواريخ والدبابات في تدمير المنازل والبنية التحتية في عدة محافظات بما في ذلك تعز ـ وعدنـ ومأرب ـ والبيضاءـ وحجةـ والحديدة تحولت هذه المدن إلى ساحات حرب حيث لا يجد المدنيون مأمنًا 

تجاوزت الميليشيات استخدام الأسلحة التقليدية إلى استخدام الحصار كسلاح حرب فُرض حصار خانق على مدينة تعز بهدف إخضاعها وتدمير عزيمتها هذا الحصار لم يمنع فقط وصول الإمدادات العسكرية بل تسبب في منع وصول الغذاء والدواء، مما أدى إلى مجاعة ووفيات بين السكان كانت هذه سياسة ممنهجة لإذلال الشعب وإجباره على الاستسلام وإحدى أبشع الجرائم التي ارتكبت في حق الإنسانية 

بعد سيطرتها على الموانئ وخصوصاً في الحديدة حوّلتها الميليشيات إلى نقاط لتهريب الأسلحة والمخدرات أصبحت هذه الموانئ شريانًا لتغذية الصراع، حيث يتم تهريب الصواريخ والأسلحة لتعزيز قوتها العسكرية في الوقت نفسه، زاد تهريب المخدرات مما يهدد الشباب اليمني ويدمر المجتمع من الداخل هذه الأنشطة غير المشروعة لم تكن فقط مصدرًا للتمويل بل كانت تدميرًا ممنهجًا لمستقبل اليمن 

تجاوزت الميليشيات الحوثية كافة الأعراف والقوانين الدولية في جرائمها. تشمل هذه الجرائم الإرهابية قتل المشايخ ونهب التجار، وحصار المدن وتفجير المنازل، وزرع الألغام التي قتلت مئات المدنيين. كل هذه الأفعال تشكل إرهاب دولة يهدف إلى نشر الخوف والرعب لفرض السيطرة هذه الجرائم، التي ارتكبت في حق الشعب اليمني تبقى وصمة عار في جبين الإنسانية.

مع كل خطوة تقدمها المليشيات كانت تزداد أعداد الأبرياء في سجونها السرية سجون امتلأت بالمفكرين والسياسيين والناشطين الذين عارضوا مشروعهم الطائفي. أصبحت هذه السجون مقابر الأحياء حيث يتعرض المعتقلون لأبشع أنواع التعذيب والإهانة كانت هذه السجون شهادةً حيةً على انتهاك حقوق الإنسان

لم يتوقف الإرهاب الحوثي عند السجون بل امتد ليطال كل من يمثل رمزًا للمقاومة تم استهداف المشايخ الذين يمثلون حصنًا منيعًا للقبيلة وللوحدة الوطنية. قتل المشايخ لم يكن مجرد تصفية جسدية بل كان محاولةً لكسر شوكة القبيلة وإخضاعها. هذه الجرائم كانت محوًا للتاريخ وللثقافة في آن واحد.

تحولت سيطرة المليشيات إلى نهب منظم لممتلكات التجار والأفراد. تم مصادرة المنازل والمحلات التجارية وسرقة الأموال الخاصة هذا النهب لم يكن مجرد جريمة فردية بل كان سياسةً ممنهجةً لإفقار الشعب وتدمير الاقتصاد نهب التجار كان نهبًا لمستقبل اليمن وتحويلاً لمقدراته إلى جيوب المليشيات.

مع اجتياح الحوثيين للعاصمة بدأت المؤسسات الحكومية تتهاوى. انقطعت الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء وانهارت المنظومة الصحية أصبحت المؤسسات التعليمية مسرحًا للصراع، حيث توقفت الدراسة وعانى الطلاب من فقدان مستقبلهم هذا الانهيار المؤسساتي أدى إلى تدمير شامل للبنى التحتية وتفشي الفقر وانعدام الأمن الغذائي 

الأثر الإنساني لهذا الصراع كان كارثيًا. تشير التقارير إلى أن ملايين اليمنيين يعيشون تحت خط الفقر، ويعاني الأطفال من سوء التغذية. بالإضافة إلى ذلك، أدى النزاع إلى تفشي الأمراض والأوبئة، مما زاد من معاناة السكان. المنظمات الإنسانية تعمل بجد لتقديم المساعدات ولكن التحديات اللوجستية والأمنية تعيق جهودها 

يظل يوم 21 سبتمبر ذكرى مؤلمة، تذكر اليمنيين بالثمن الباهظ الذي دفعوه وما زالوا يدفعونه حتى الأن