العنف السياسي ضد المرأة
العنف السياسي يعرف باختصار أنه كل فعل أو ممارسة يريد مرتكبها حرمان المرأة وإعاقتها من ممارسة اي نشاط سياسي أو حزبي أو حرمانها من الحقوق والحريات الأساسية فهو انتهاك لحقوق الإنسان تتعرض له بسبب جنسها فإذا سلطنا الضوء على نسبة النساء المشاركات في العمل السياسي دولياً نجد النساء: روؤساء حكومات يشكلن نسبة 2.2% كروؤساء دول يشكلن نسبه6.6% البرلمانيات يشكلن نسبة 24% وبهذا نجد أن السياسة قطاع يهيمن عليه الرجال.
فقد يمارس العنف السياسي ضد المرأة من خلال أدوات مبطنة في كثير من الأحيان فهو يعد ظاهرة خطيرة في إطار العمل على تعزيز الديمقراطية في جميع أنحاء العالم مما يعيق بناء ديمقراطية مستدامة قادرة على الصمود ومدى الاستفادة من السياسة المبنية على الدمج والمساواة والعدالة وتكافؤ الفرص.
ويمكن القول أن أصعب ما في العنف السياسي ضد المرأة تسامح المجتمع مع هذا النوع من السلوك وشعور النساء القياديات أن عملية الإبلاغ عنه يؤثر على صورتهن ومسيرتهن العملية ومستقبلهن السياسي ويأتي هذا نتيجة عدم توازن القوى بين الجنسين في كثير من الأحيان وعدم وجود آليات محددة لمواجهة هذا العنف السياسي أو مدى فاعليتها.
ويمكن تحديد أشكال العنف السياسي ضد المرأة: عنف نفسي 82% عنف اقتصادي 32% عنف بدني 25% عنف جنسي 21% وتحدد ذلك من خلال دراسة أجراها الإتحاد البرلماني الدولي وحددت النسب لعدد المتعرضات لأشكال العنف السياسي وفقاً لكل نوع حسب ما هو مشار أعلاه.
وقد يضاف الى أشكال العنف السياسي ضد المرأة والعنف الذي ظهر مؤخراً ويمارس عبر:
- بالعنف من القواعد الشعبية والذي يأتي بالضغط من جهة عشائرية أو قبلية.
- والعنف الالكتروني وهو الاكثر شيوعاً في الوقت الحالي نظراً لانتشاره وسهولته التكنولوجية وذلك بالإساءة للنساء السياسيات عبر وسائل ومواقع التواصل الاجتماعي بالبعد عن الايجابيات وتعميم الأخطاء على النساء مما يعرض حياتهن الخاصة للكشف ويترك آثار سلبية على حياتهم ومجتمعهم.
- العنف التشريعي ويقوم على عدم مراعاة التنوع الاجتماعي عند إعداد وصياغة التشريعات وهذا ما أكدته الدراسات التي أجراها الاتحاد البرلماني الدولي في 2016م، وكشفت أن العنف ضد المرأة في السياسة منتشر بكثافة والدراسة الاخرى في 2018م ركزت على الدول الأوروبية كشفت أن 80% من النساء البرلمانيات تعرضنا لأفعال عنف نفسي كتهديد بالقتل والاغتصاب أو تعذيب أو اختطاف.
وأكدت أن أعمال العنف ضد النساء ظهرت بكثرة على وسائل التواصل الاجتماعي هذه الممارسات أدت الى عزوف الكثيرات عن العمل في الجانب السياسي.
فإذا تطرقنا الى وضع المرأة اليمنية أثر معاناتها من العنف السياسي، فقد عملت في فترات سابقة طويلة جاهدة لإنهاء ذلك وإيجاد مكانة لها في العمل السياسي ولو بنسبة بسيطة نظراً لمحدودية الوعي المجتمعي في ظل تنوع العنف ضد المرأة في اليمن والذي يتوزع بين الأقارب والجماعات المسلحة التي تسيطر على المدن اليمنية المختلفة، إلا أننا نجد أن العنف ضد المرأة في اليمن وصل إلى نسبة 63% بحكم الصراعات والحرب منذ عام 2015 م وهذه النسبة وضعت اليمن ضمن أوائل الدول الذي تتعرض المرأة فيها للعنف.
وأوضحت دراسة عن اللجنة الوطنية للمرأة أن المرأة بالرغم من المناصب الإدارية والمواقع السياسية التي تمارسها إلا أنها لا تزال مهمشة في أداء عملها أكان سياسياً أو دبلوماسياً أو ادارياً فهي تحتل نسبة تكاد معدومة في بعض المجالس المعينة أو التشكيلات الحكومية إضافة إلى انعدام مشاركتها في الحوارات التي تتم بين السلطة والمعارضة، فالمرأة هي عصب أساسي في الشراكة مع الرجل في الحياة، وفي جميع المجالات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية والإعلامية، ولكننا نشهد اخيرا ممارسة العنف السياسي ضد المرأة مما أدى إلى عزوف وانسحابها من المشاركة السياسية، علماً أنها تمثل نصف المجتمع.
ووقفنا لما ذكر وما تتعرض له المرأة اليوم من أشكال متعددة للعنف السياسي إلا أنها تتقدم للمطالبة بحقها في المشاركة في العمل السياسي وتواجه إزاء ذلك بمقاومة شديدة من معارضي المساواة بين الجنسين في الشان السياسي والعام الذين لا يتوانون عن استخدام مجموعة متنوعة من التكتيكات بغية استهداف مشاركة المرأة في الشأن السياسي والعام ومنعها وعرقلتها كما ذكرنا.
ومن هنا علينا أن نعمل سوياً على رفع الوعي بشأن قضية العنف القائم ضد المرأة سياسياً وإيجاد مساحات سياسية آمنة وأكثر شمول لعمل المرأة سياسيا فلابد من إنشاء إطار تشريعي يمنع العنف ضد النساء في السياسة ويحمي النساء من جميع أشكال العنف وينهي افلات الجناة من العقاب وندعو الى كسر حاجز الصمت المتعلق بتجاريبهن والإبلاغ عن حالات العنف وتبني وسائل الإعلام هذه الحالات وفضحها وضبط منصات التواصل الاجتماعي للمحتوى المرتبط بالعنف السياسي ضد المرأة والابتزاز والتنمر الإلكتروني.
ونحن اليوم في المؤتمر الصحفي لحملة الستة عشر يوماً العالمية لمناهضة العنف ضد النساء تحت شعار (سياسية ومن حقي المشاركة) ندعو لتكثيف الجهود لتعزيز حماية المرأة وحفظ حقها بالحياة والعيش بكرامة ومحاربة جميع اشكال العنف لينعكس ايجابياً على عجلة التنمية والوقاية منه يعد حجر أساس لمجتمع متعافي يشارك فيه الرجال والنساء جميعاً على حد سواء في عملية صنع القرار وانطلاقاً من اتفاقية القضاء على جميع أشكال العنف ضد المرأة (سيداو) للأمم المتحدة فإنه ينبغي العمل بوتيرة عالية نحو :-
1-استمرار إقامة المؤتمرات وورش العمل وحصر كافة أشكال العنف ضد المرأة وفي كافة المجالات ودراستها ووضع المعالجات لها.
2-التواصل المستمر مع المنظمات الدولية ذات الارتباط لدعم هذا العمل في ظل مجتمعنا الذي يعد في الدرجة الأولى بتعرض المرأة لمختلف أشكال العنف والعمل من خلال تلك المؤتمرات والورش لرفع الوعي حول قضية العنف السياسي ضد المرأة.
3- المطالبة بوضع نص دستوري صريح يساوي فيها المرأة والرجل في كافة المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
4- المطالبة بوضع تشريع خاص يستهدف بوضوح كافة اشكال العنف ضد المرأة بأسلوب شامل أسوة بتونس والمغرب.
5- رصد كافة أشكال العنف ضد المرأة بما فيه العنف السياسي وتحديد متسببي تلك الأفعال والمطالبة بمحاسبتهم من خلال تشكيل هيئه أو مجلس يعنى بشكل خاص بهذا الأمر.