الغماري والعاطفي وشقيق الحوثي البداية!!.. تسريب قائمة الموت السرية من قيادات الصف الأول في الغارة الأخيرة

في تطور دراماتيكي غير مسبوق داخل هيكل جماعة الحوثي، كشفت مصادر عسكرية يمنية عن قائمة سرّية تضم قيادات رفيعة قُتلت في الأشهر الماضية بغارات نُسبت إلى تحالف أمريكي–إسرائيلي، بينما اعترفت الجماعة مؤخرًا بمقتل رئيس هيئة أركانها محمد عبد الغني الغماري، وإصابة وزير داخليتها عبد الكريم الحوثي – شقيق زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي – في ضربة وُصفت بأنها “دقيقة وحاسمة”.

الغماري والعاطفي وشقيق الحوثي البداية!!.. تسريب قائمة الموت السرية من قيادات الصف الأول في الغارة الأخيرة

تحقيق وتحليل (الأول) المحرر السياسي:

تلك التطورات، التي تزامنت مع تصعيد عسكري متبادل في البحر الأحمر، تفتح الباب أمام تساؤلات كبرى حول مستقبل الجماعة، وطبيعة التحالف الدولي الجديد ضدها، ومدى قدرة الحوثيين على امتصاص خسارة بهذا الحجم.

اعتراف نادر... وبداية انهيار صمت طويل
بحسب بيان رسمي صادر عن جماعة الحوثي في 16 أكتوبر الجاري، أُعلن مقتل الجنرال محمد عبد الغني الغماري متأثرًا بجروحه التي أصيب بها في غارة إسرائيلية على صنعاء أواخر أغسطس الماضي. ويُعد الغماري من أبرز العقول العسكرية داخل الجماعة، وأحد أبرز مهندسي منظومة الصواريخ والطائرات المسيّرة.
مصادر عسكرية يمنية – تحدثت شريطة عدم الكشف عن هويتها – أكدت لـ«الحدث» أن إعلان الحوثيين عن مقتل الغماري “ليس سوى بداية لسلسلة من الاعترافات القادمة”، مشيرة إلى أن الجماعة تخفي منذ أسابيع مقتل عدد من قادتها البارزين “حفاظًا على تماسكها الداخلي وصورتها أمام قواعدها”.
وأضافت المصادر أن الغماري “كان يُعتبر الرجل الأقوى في البنية العسكرية للجماعة، ومقتله يمثل ضربة قاصمة تعادل في رمزيّتها اغتيال القيادي في حزب الله فؤاد شكر”، الذي قُتل بدوره في غارة إسرائيلية مماثلة قبل أشهر.

القائمة السرّية... أسماء ثقيلة في دائرة النار
تتحدث المعلومات التي حصلت عليها مصادر يمنية عن قائمة سرّية تضم أكثر من عشرة أسماء لقيادات ميدانية وأمنية، من بينها وزير الدفاع الحوثي اللواء محمد العاطفي، الذي لم يظهر علنًا منذ أشهر، وسط مؤشرات على مقتله في غارة مشابهة.
في الوقت ذاته، نقلت تقارير عن إصابة عبد الكريم الحوثي – وزير الداخلية وشقيق زعيم الجماعة – بجروح بليغة في الغارة ذاتها التي استهدفت الغماري. وحتى اللحظة، لم يُظهر الإعلام الحوثي أي لقطات أو دلائل حديثة للرجلين، في حين بثّ قبل أيام تهنئة “منسوبة إلى الغماري” بمناسبة ذكرى ثورة 14 أكتوبر، في ما وصفه مراقبون بأنه “محاولة مكشوفة لإخفاء حقيقة رحيله”.

تحوّل استراتيجي في بنك الأهداف
التحليل الذي نشره موقع i24NEWS الإسرائيلي وصف الغارة على الغماري بأنها “ضربة تعيد تعريف الردع في اليمن”، مؤكداً أن إسرائيل انتقلت من سياسة استهداف مخازن الأسلحة ومنصّات الإطلاق إلى نهج “قطع الرأس” عبر تصفية القيادات العليا.
ويقول الخبير العسكري الأمريكي مايكل نايتس، الباحث في “معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى”، إن الضربة “تمثل تحوّلًا في طبيعة المواجهة مع الحوثيين، إذ يجري التعامل معهم كامتداد مباشر لإيران، لا كحركة يمنية محلية فقط”.
أما الباحث اليمني عبد السلام محمد، مدير مركز أبعاد للدراسات، فيرى أن استهداف القيادات “قد يشلّ بعض الأجنحة التكتيكية للجماعة مؤقتًا، لكنه في المقابل سيزيد من توجّهها نحو المركزية والتشدّد العقائدي لتعويض الخسائر”.

تداعيات داخلية... وقلق في معاقل الجماعة
يؤكد مراقبون أن غياب الغماري والعاطفي، إذا تأكد رسميًا، سيحدث فراغًا حقيقيًا في البنية العسكرية الحوثية، خاصة أن الرجلين كانا يقودان جناحين متوازيين: العمليات العسكرية الميدانية (الغماري) والتخطيط الاستراتيجي والتسليح (العاطفي).
ويقول الخبير اليمني في الشؤون العسكرية علي الذهب إن “سقوط هذه القيادات في توقيت واحد يُربك منظومة القيادة والسيطرة لدى الحوثيين، التي كانت تعتمد على شبكة محدودة من القادة الأمنيين والعسكريين المحيطين بعبد الملك الحوثي مباشرة”.
غير أن مصادر قريبة من الجماعة قللت من أهمية هذه الخسائر، مشيرة إلى أن الحوثيين “أعدّوا منذ سنوات منظومة بديلة للقيادة الميدانية، بحيث لا تتأثر البنية القتالية حتى في حال تصفية أبرز رموزها”.

البُعد الإقليمي... رسائل تتجاوز صنعاء
من الواضح أن الضربات التي استهدفت قيادات الحوثي لا تنفصل عن سياق أوسع من المواجهة الإقليمية بين إسرائيل وإيران.
تحليل صادر عن European Council on Foreign Relations أشار إلى أن “الغارات الأمريكية والإسرائيلية في اليمن لم تعد عمليات ردع محدودة، بل رسائل استراتيجية إلى طهران بأن أذرعها لم تعد محصّنة”.
إيران من جانبها التزمت الصمت، بينما اكتفت وسائل إعلامها الرسمية بتغطية مقتضبة للحدث دون تبنٍّ مباشر، وهو ما يراه مراقبون مؤشرًا على الحرج الذي تواجهه طهران في الدفاع العلني عن وكلائها وسط تزايد الضربات الدقيقة ضدهم في اليمن وسوريا ولبنان.

هل يتغيّر ميزان القوى في اليمن؟
رغم الزخم الإعلامي حول سقوط “الرؤوس الكبيرة”، يحذر خبراء من المبالغة في التوقعات.
فالباحثة البريطانية إليزابيث كيندال، المتخصصة في شؤون الجماعات المسلحة في الجزيرة العربية، ترى أن “الحوثيين يمتلكون قدرة استثنائية على امتصاص الصدمات، بفضل شبكاتهم المحلية وقدرتهم على دمج الأيديولوجيا الدينية بالسلطة العسكرية”.
لكنها تضيف: “مع ذلك، فإن فقدان الغماري تحديدًا يترك فجوة يصعب تعويضها سريعًا، لأنه كان حلقة الوصل بين الجناح العقائدي والعملياتي”.

تصعيد أم تمهيد لتفاوض؟
يبقى السؤال الأكبر: هل يشير هذا التصعيد إلى مرحلة مواجهة مفتوحة، أم إلى تهيئة الأرضية لتسوية شاملة في اليمن؟
يرى المحلل السياسي عبد الباري طاهر أن “الضربات الموجّهة للقيادات الحوثية تحمل بعدين؛ الأول عقابي وردعي، والثاني تمهيدي لتغيير موازين القوى قبل أي مفاوضات مقبلة”، مضيفًا أن “واشنطن وتل أبيب تراهنان على إضعاف البنية الصلبة للجماعة لإجبارها على التنازل”.
في المقابل، قد يستخدم الحوثيون هذه الهجمات لتعزيز خطاب “المظلومية الوطنية” وتعبئة أنصارهم داخليًا تحت شعار “المواجهة مع المشروع الصهيوني الأمريكي”، ما قد يعزز تماسك الجبهة الداخلية مؤقتًا.

 ضربة الرأس... ومعركة البقاء
مهما تكن حقيقة “القائمة السرّية” التي تتداولها الأوساط العسكرية، فإن المؤكد أن جماعة الحوثي تواجه واحدة من أكثر مراحلها حساسية منذ اندلاع الحرب قبل عقد من الزمن.
سقوط محمد عبد الغني الغماري يمثل خسارة فادحة في الكادر العسكري النوعي، وقد يفتح الباب أمام إعادة تشكيل القيادة العليا للجماعة، وربما إعادة تعريف علاقتها بإيران وحلفائها الإقليميين.
لكن التجربة اليمنية علمت الجميع أن الحوثيين لا يسقطون بسهولة، وأن كل ضربة تُفقدهم قائداً، لكنها قد تدفعهم نحو مزيد من الصلابة والعقيدة التعبوية.
وفي ضوء ما يجري، يبدو أن المنطقة تقف على أعتاب مرحلة جديدة من الصراع، عنوانها: “الرؤوس الكبيرة تسقط... لكن اللعبة لم تنتهِ بعد.”