شركة شحن صينية توقف الشحن لإسر.ائيل... والأخيرة تسعى لمعرفة السبب
أعلنت وزارة النقل الإسرائيلية يوم الثلاثاء أنها تعمل مع الجهات المهنية لاستيضاح إعلان شركة «كوسكو» الصينية وقف الشحن إلى إسرائيل، وذلك بعدما ذكرت وسائل إعلام رسمية إسرائيلية يوم الاثنين أن شركة الشحن الصينية العملاقة المملوكة للدولة «كوسكو» علقت الشحن إلى إسرائيل عبر البحر الأحمر مع استمرار تصاعد التوترات في ممر الشحن الاستراتيجي.
وقالت الوزارة رداً على استفسار من «رويترز»: «إدارة الشحن والموانئ تعمل مع الأطراف المعنية لتوضيح إعلان شركة الشحن الصينية وقف الإبحار إلى إسرائيل».
وانخفضت أسهم «كوسكو» المدرجة في هونغ كونغ بنسبة 3 في المائة يوم الاثنين، وفق «سي إن بي سي».
وتعتبر «كوسكو» أكبر شركة شحن في الصين وتمتلك ما يقرب من 11 في المائة من حصة السوق التجارية.
كما علقت شركة خط حاويات «أورينت أوفرسيز» (أو أو سي إل) وهي جزء من مجموعة «كوسكو» الإبحار إلى البحر الأحمر وتوقفت عن قبول البضائع المتجهة إلى إسرائيل منذ ديسمبر (كانون الأول)، بسبب مشكلات تشغيلية.
وذكرت صحيفة «غلوبز» أن قرار كوسكو مهم لأنه يتعاون مع خط الشحن الإسرائيلي «زيم» والذي سيتعين عليه تشغيل المزيد من السفن على طرق الشرق الأقصى.
ولدى «كوسكو» خط آخر يعمل بشكل مشترك مع «زيم». وفي رسالة بريد إلكتروني إلى «سي إن بي سي»، أكدت «زيم» أنها ستواصل عملياتها.
تأثير الهجمات أقل من المتوقع
أظهر تحليل أجرته «رويترز» لبيانات تتبع السفن أن حركة ناقلات النفط والوقود في البحر الأحمر كانت مستقرة في ديسمبر رغم أن العديد من سفن الحاويات غيّرت مساراتها بسبب هجمات حركة الحوثي المتحالفة مع إيران.
وأدت الهجمات إلى ارتفاع تكاليف الشحن وأقساط التأمين ارتفاعا حاداً، لكن تأثيرها على تدفقات النفط جاء أقل من المخاوف مع استمرار شركات الشحن في استخدام الممر الرئيسي بين الشرق والغرب. وهاجم الحوثيون، الذين قالوا إنهم يستهدفون السفن المتجهة إلى إسرائيل، شحنات البضائع غير النفطية إلى حد كبير.
ولم تحدث التكاليف الإضافية فرقاً كبيراً بالنسبة لمعظم شركات الشحن حتى الآن لأن تكلفة استخدام البحر الأحمر لا تزال في متناول الجميع مقارنة بإرسال البضائع حول أفريقيا. لكن الوضع يستحق المراقبة مع قيام بعض شركات النفط مثل «بي بي» و«إكوينور» بتحويل الشحنات إلى المسار الأطول. وقال خبراء إن زيادة تكاليف الشحن ستزيد على الأرجح صادرات الخام الأميركي إلى بعض المشترين الأوروبيين.
وقالت محللة الشحن في «لويدز ليست»، ميشيل ويز بوكمان: «لم نشهد حقاً عرقلة حركة الناقلات التي كان يتوقعها الجميع».
وكانت هناك 76 ناقلة محملة بالنفط والوقود في المتوسط يومياً في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن في ديسمبر، وهي المنطقة القريبة من اليمن والتي شهدت الهجمات. ويقل هذا العدد بمقدار سفينتين فقط عن متوسط شهر نوفمبر (تشرين الثاني) وبواقع ثلاث سفن فقط عن المتوسط خلال أول 11 شهرا من عام 2023، وفقاً لبيانات من خدمة «ماري تريس» لتتبع السفن.
ورصدت خدمة «كبلر» المنافسة لتتبع السفن عبور 236 سفينة يومياً في المتوسط بمنطقة البحر الأحمر وخليج عدن بأكملها في ديسمبر، وهو ما يزيد قليلاً عن المتوسط اليومي البالغ 230 سفينة في نوفمبر.
رفع تكاليف الشحن
وذكرت «ويز بوكمان» أن التكلفة الإضافية للإبحار عبر طريق رأس الرجاء الصالح حول أفريقيا بدلاً من المرور عبر البحر الأحمر ستجعل رحلات توصيل النفط أقل ربحية. وأضافت: «وبالتالي، ستحاول وستمضي قدماً».
وتضاعفت أسعار التأجير تقريبا منذ بداية ديسمبر وفقا لبيانات من شركة «مارهلم» لتحليل بيانات السفن. وتصل تكلفة شحن النفط على متن ناقلات «سويزماكس» إلى قرابة 85 ألف دولار يومياً. ويمكن أن تحمل هذه الناقلات ما يصل إلى مليون برميل. وتبلغ تكلفة شحن النفط على متن سفن «أفراماكس»، التي يمكنها نقل 750 ألف برميل، 75 ألف دولار في اليوم.
وانخفضت حركة الناقلات في منطقة جنوب البحر الأحمر لفترة وجيزة بين 18 و22 ديسمبر عندما كثفت جماعة الحوثي هجماتها على السفن، لمتوسط 66 ناقلة، لكن الحركة استؤنفت بعد ذلك، وفقا لخدمة ماري تريس لتتبع السفن.
وتراجعت حركة سفن الحاويات في المنطقة بشكل أكثر حدة بنسبة 28 في المائة في ديسمبر مقارنة بشهر نوفمبر مع انخفاضات حادة في النصف الثاني من الشهر بسبب تصاعد الهجمات، بحسب «ماري تريس».
إصرار على المخاطرة
وأوضح تحليل بيانات لمجموعة بورصات لندن أن العديد من شركات النفط الكبرى والمصافي وشركات خدمات الشحن واصلت استخدام طريق البحر الأحمر.
وقال مؤسس شركة «مارهلم» لتحليل بيانات السفن، كالفين فرويدغ: «تريد شركات الشحن وعملاؤها حقاً تجنب تعطل الجدول الزمني. لذا فهم ما زالوا يتحملون المخاطر».
وأشار إلى أن العديد من ناقلات النفط التي تعبر البحر الأحمر كانت تحمل الخام الروسي إلى الهند، والتي ليس للحوثيين مصلحة في مهاجمتها.
ووفقاً لبيانات تتبع السفن في مجموعة بورصات لندن، عبرت السفينة «دلتا بوسيدون» التي تشغلها شركة «شيفرون»، قناة السويس والبحر الأحمر في نهاية ديسمبر في طريقها إلى سنغافورة. وأظهرت البيانات أن السفينة «سانمار سارود»، التي تشغلها شركة التكرير الهندية «ريلاينس»، عبرت البحر الأحمر أيضا في أواخر ديسمبر لتسليم مكونات البنزين إلى الولايات المتحدة.
وقال متحدث باسم «شيفرون»: «سنواصل بشكل فعال تقييم سلامة الطرق في البحر الأحمر وفي جميع أنحاء الشرق الأوسط واتخاذ القرارات بناء على آخر التطورات».
وعبرت ناقلات أخرى، تستأجرها وحدة «كليرليك» التابعة لشركة «جانفور» التجارية، وشركة التكرير الهندية «بهارات بتروليوم»، وشركة «أرامكو تريدنغ» السعودية، هذا الطريق في الأسابيع القليلة الماضية.
تجدر الإشارة إلى أنه يمكن لاستخدام البحر الأحمر أن يختصر نحو 3700 ميل بحري لرحلة من سنغافورة إلى جبل طارق.
تحويل المسار
أوقفت بعض الشركات مثل «بي بي» و«إكوينور» جميع عمليات العبور عبر البحر الأحمر مؤقتاً وأعادت توجيه سفنها في المنطقة.
وتشير بيانات شركة «فورتسكا» لتتبع السفن إلى أن 32 ناقلة على الأقل حولت مسارها أو سلكت طريق رأس الرجاء الصالح بدلاً من استخدام قناة السويس منذ النصف الثاني من ديسمبر.
وأضافت أن الناقلات التي يتم تحويل مسارها هي في الغالب تلك التي استأجرتها الشركات التي أعلنت تعليق الإبحار في البحر الأحمر مؤقتاً أو تلك التي تديرها كيانات أميركية أو مرتبطة بإسرائيل.
تأثير الاضطرابات
قال تجار زيت الوقود ومصادر تزويد السفن بالوقود في آسيا إنهم ما زالوا يراقبون التطورات في البحر الأحمر، رغم أن شرق السويس لا يزال به إمدادات كافية في الوقت الحالي، لذا فمن غير المرجح أن تؤدي عمليات تحويل المسار الحالية إلى زيادة الأسعار.
وتشير بيانات «كبلر» إلى أن الاضطرابات من الشرق إلى الغرب أثرت بشكل رئيسي على الواردات الأوروبية من الديزل ووقود الطائرات حتى الآن. وفي الوقت نفسه، أثرت عمليات التحويل من الغرب إلى الشرق على بعض شحنات زيت الوقود والبنزين الأوروبية إلى الشرق الأوسط وآسيا والمحيط الهادي وشرق أفريقيا.
وقال المحلل في شركة «كبلر» لتتبع السفن، مات سميث، إن التوتر هناك دفع أيضا المزيد من مشتري النفط إلى التطلع للولايات المتحدة ولعب دوراً على الأرجح في الزيادة القياسية لصادرات النفط الخام إلى أوروبا إلى 2.3 مليون برميل يومياً في ديسمبر.
وأضاف سميث: «حالة عدم اليقين المستمرة في البحر الأحمر من المرجح أن تحفز بعض الشراء الأوروبي للخام الأميركي».