قناة عدن - الزيارة الأخيرة
كانت زيارته الأخيرة لعدن. في 31 ديسمبر 2010 . إجازة نهاية الأسبوع .العاشرة صباحا. إستديوهات القناة فيها المناوبين وعدد من المخرجين والفنيين الذين ينجزون مهاما مكلفين بها .
دون إشعار مسبق يصل الرئيس علي عبد الله صالح ( رحمة الله عليه ) الى مبنى قناة عدن الفضائية. كنت في الإستديوهات. جاءني الزميل درهم سلام، وبهدؤه المعتاد أخبرني أن الرئيس في الممر . ظنيت أنه يمزح في بادئ الأمر . توجهت الى ممر الإستديوهات لأجد نفسي وجها لوجه أمام الرئيس علي عبد الله صالح صافحته وكان يعرفني من سابق فقد التقينا في صنعاء عند تدشين البث الفضائي للقنوات اليمنية عدن واليمن وسبأ في 19 مارس 2008 . كان بجانب الرئيس العميد أحمد مساعد حسين وعبد القادر هلال.
تعرف الرئيس صالح على سير العمل وشاهد الأجهزة والكاميرات وأستديو الأخبار وأدلى بتصريح من داخل الأستديو . أتذكر أنه قال من هنا أوجه رئيس الوزراء و وزير الإعلام بإنشاء مبنى لقناة عدن الفضائية مجهزا بأحدث التكنولوجيات الفضائية وعلى وجه السرعة .
بعدها إقترب مني سكرتير الرئيس الأخ عبده بورجي وأخبرني بأن الرئيس يريدني أن اتبعهم الى دار الرئاسة في التواهي .
إستقليت سيارتي وتبعت الموكب الى منطقة الفتح . عند البوابة أوقفني الحراس . وعندما أخبرتهم بهويتي سمحوا لي بالمرور صعدت بسيارتي الى موقف السيارات . أكملت المسافة سيرا على الأقدام وعند حديقة دار الرئاسة المطلة على البحر كان الرئيس صالح ومعه أحمد مساعد حسين قاعدان على كرسيين متجاورين . كان أمامهما كرسي ثالث أمرني الرئيس بالجلوس. وكان بجانبي واقفا الأخ عبده بورجي وبيده مفكرة وقلم يدون بها تعليمات الرئيس .
سألني الرئيس صالح ماهي المتطلبات لكي تصبح قناة عدن الفضائية قادرة على مقارعة قناة الجزيرة . وكم سيكلف ذلك ؟ قبل أن أجيب ظهر قادما من موقف السيارات الدكتور عبد الله الزلب والذي كان يشغل منصب مدير عام مؤسسة الإذاعة والتلفزيون، لم أدري متى وكيف وصل الى عدن ؟ وكيف عرف أن الرئيس جاء لزيارة القناة ؟ تم إحضار كرسي رابع للدكتور الزلب . عندها أعاد الرئيس صالح السؤال عن المتطلبات والتكلفة. دون تحضير أجاب الدكتور الزلب سيكلف ذلك خمسة مليون دولار .
الرئيس صالح موجها كلامه الينا أريد قناة عدن تنافس قناة الجزيرة . أمامنا تحدي كبير ونحن نمتلك كوادر ممتازة في عدن سنزودهم بمبنى وتقنيات أحدث وأنا واثق من مقدرتهم على القيام بهذه المهمة.
وسأل عن المكان المناسب لبناء الأستديوهات الجديدة . تفاجأت مرة أخرى عندما أجاب الدكتور الزلب محل مصنع الأوكسجين السابق في منطقة حقات . لم أكن أعلم هذه التفاصيل عن عدن وأراضيها مثل تلك التي يمتلكها الزلب .
أمر الرئيس فورا بالتوجه الى الموقع في حقات. وأن يحضر مدير عام هيئة الأراضي وعقارات الدولة الى هناك . تبعت موكب الرئيس بسيارتي الخاصة الى كريتر/ حقات. جاء مدير عام هيئة الأراضي متأخرا قليلا وهو لم يصحى بعد فآثار النوم واضحة عليه، حيث لم يكن يتوقع أن تأتيه مهمة صباح إجازة نهاية الأسبوع .
أمره الرئيس صالح بصرف الأرض لقناة عدن الفضائية. تدخل الدكتور الزلب بأن الأرض تصرف بإسم المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون. وأنه من سيوقع العقد من طرف المؤسسة .
السؤال الذي ظل يدور في ذهني، هل كان الرئيس صالح على دراية مسبقة بالدور الذي تجهز له قناة الجزيرة لتكون لسان حال ثورات الربيع العربي. وكان يتوقع حدوث ذلك في اليمن وإختار قناة عدن الفضائية لتكون لسان حال الرئيس والمؤتمر في حالة إندلاع الصراع. لكن يبدو أن ذلك كان متأخرا جدا. لم تمر إحدى عشرة يوما إلا وبدأت قصة بوعزيزي من تونس و وصلت الينا بعدها بشهر واحد.
1يناير 2011م وكان يوم دوام رسمي بعد أن ألغيت الإجازة التي كانت تعتمد في السابق. إتصل بي الدكتور الزلب الذي ظل في عدن طالبا مني إرسال ختم القناة الى مكتب مدير الأراضي لأنه لم يحضر معه ختم المؤسسة وهو على وشك توقيع عقد أرضية الأستديوهات الجديدة .
أرسلت الختم مع نائب رئيس قناة عدن الفضائية الأستاذ فهمي حسن غانم ليتوجه الى مكتب مدير الأراضي ويستكمل إحراءات إستلام أرض الأستديوهات الجديدة في منطقة حقات.
كانت تلك الزيارة الأخيرة للرئيس صالح الى عدن وكان لي شرف أن أكون آخر من التقيت به. و كانت قناة عدن الفضائية آخر محطة له في عدن.