وسط ترقب حذر.. تحركات خليجية لإبعاد شبح الحرب 

تعمل دول الخليج على منع نشوب نزاع إقليمي واسع النطاق، خاصة بعد الضربات التي شنتها إيران مؤخراً على "إسرائيل"، ورد تل أبيب بقصف قاعدة عسكرية في أصفهان. 

وسط ترقب حذر.. تحركات خليجية لإبعاد شبح الحرب 

(الأول) عن الخليج أولاين:

كما تتخوف الدول الخليجية من أن يؤدي التصعيد الجديد إلى تعريضها للخطر المباشر، لذلك تعمل على وضع حد للتوترات الأمنية المستمرة لفترة طويلة، مما يمكنها من التركيز بشكل أفضل على تنفيذ مشاريعها الداخلية.

وتعتمد دول الخليج على الدبلوماسية الفعّالة كوسيلة لحل النزاعات وتجنب الحروب، حيث تسعى إلى تعزيز التواصل والحوار بين الدول المعنية بهدف إيجاد حلول سلمية للخلافات، وعلى تعزيز قيم التسامح والتعايش السلمي كوسيلة لتجاوز الخلافات وتحقيق السلام الدائم.

جهود القادة
بعد الهجوم الإيراني على "إسرائيل"، شهدت دول الخليج جهوداً دبلوماسية مكثفة من قبل قادتها، حيث أجرى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني اتصالاً هاتفياً، في 15 أبريل الجاري، مع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، ناقشا خلاله "ضرورة تهدئة التوترات وتجنب تصاعد الصراع في المنطقة".

كما أجرى الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في 14 أبريل الجاري، محادثات مع كل من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وملك الأردن عبد الله الثاني، والعاهل البحريني حمد بن عيسى آل خليفة، حول "تطورات الأوضاع في المنطقة"، وفقاً لوكالة أنباء الإمارات "وام".

كذلك أجرى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في 15 أبريل الجاري، مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، لمناقشة مخاطر التصعيد العسكري الأخير في المنطقة، والتركيز على خطورة تأثيراته على الأمن والاستقرار.

وأجرى كل من رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ووزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، في 15 أبريل الجاري محادثات هاتفية مع نظيرهما الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، في حين تواصل وزيرا الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، والكويتي الشيخ فهد اليوسف الصباح، مع نظيرهما الأمريكي لويد أوستن، وفقاً لوسائل إعلام رسمية، حيث بحثا الجهود المبذولة لاحتواء تأثير التصعيد العسكري في المنطقة والحفاظ على الأمن والسلم الدوليين.

ووفق مصادر خليجية تحدثت لهيئة الإذاعة والتلفزيون السويسرية، تجد السعودية والإمارات نفسيهما في موقع مناسب لأداء دور مهم بين إيران و"إسرائيل" والولايات المتحدة، خاصة بعد التقدم الدبلوماسي الذي تحقق في السنوات الأخيرة، والذي استفادت منه جميع هذه الدول.

لا يزال الخطر بعيداً
ويقول المحلل السياسي جابر باقر: إن "دول الخليج العربي تمتلك دوراً فعّالاً في إبعاد شبح الحرب عن المنطقة، لا سيما دولة الكويت، وذلك يعود إلى العمق التاريخي والسياسي الذي تحظى به الدولة الخليجية مع إيران".

وخلال حديثه  يرى باقر أن "الكويت تعتبر صانع اللعب في منطقة الخليج بشكل عام فيما يخص التعامل مع إيران، ويتجلى ذلك بوضوح في فترة الخلاف الخليجي الخليجي".

وحول التحديات التي قد تواجه دول الخليج في حال نشوب صراع أوسع في المنطقة، ينفي "وجود أية تحديات في الوقت الحالي؛ لأن الضربات الإيرانية الأخيرة لم تكن سوى رسائل تحذيرية من الجانب الإيراني لا أكثر"، بحسب باقر.

المصالح الخليجية
ويضع التصعيد الأخير العديد من القضايا تحت المجهر بالنسبة للدول الخليجية الست، حيث تستضيف معظمها منشآت عسكرية أمريكية، كما تعمل على تحقيق أهداف خطط التنويع الاقتصادي بعيداً عن النفط، الأمر الذي يتطلب ضمان الأمن والسلام لتعزيز  قطاع الأعمال والسياحة.

ويقول المحلّل السعودي المقرّب من الديوان الملكي علي الشهابي، لوكالة الصحافة الفرنسية، في 16 أبريل الجاري: إن "الأولوية القصوى بالنسبة للسعودية هي عدم تصاعد الأزمة".

ويبيّن أنه إذا تعرضت إيران لأي هجوم فمن المحتمل أنها "ستميل إلى الرد في دول مجلس التعاون الخليجي، نظراً لقربها الجغرافي منها، ووجود العديد من الأهداف التي يصعب حمايتها في تلك الدول".

وفي الفترة ما بين عامي 2019 و2022، تعرضت السعودية والإمارات لسلسلة هجمات نفذها الحوثيون، الذين يتلقون دعماً من إيران، في إطار الصراع المستمر منذ أكثر من عقد من الزمن بينهم وبين الحكومة اليمنية المدعومة من تحالف عسكري بقيادة السعودية.

من جهته صرّح الباحث المتخصص في السياسة الخارجية السعودية في جامعة برمنغهام البريطانية عمر كريم لـ"افرانس 24"، في 16 أبريل الجاري، بأن أي تدهور إضافي لن يترك خيارات جيدة لدول الخليج، مشيراً إلى أنه "كلما انتهى هذا الصراع مبكراً، كان ذلك أفضل لكافة دول الخليج".

ويتابع كريم أن "التصعيد يضع الخليجيين في موقف صعب للغاية، لأنهم لا يريدون الوقوف مع أي من المعسكرين، ولكنهم سيتأثرون بغض النظر عن كل شيء".