تصعيد للحوثيين وسط جمود مفاوضات الأزمة اليمنية
(الأول)متابعات:
تداول يمنيون في الأيام الأخيرة تسريبات عن احتمال إحياء الاتفاق بين السعودية وجماعة الحوثيين لحل الأزمة اليمنية وإن بوتيرة أقل تفاؤلاً عن الأجواء التي كانت سائدة قبل أشهر، تحديداً في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي عندما وصل التقدم في مسار المحادثات إلى حد الخوض في تفاصيل التفاهمات والإعداد لخروجها إلى العلن.
إلا أن بدء الحوثيين تنفيذ هجمات في البحر الأحمر، تُركز على السفن التابعة لإسرائيل أو المتوجهة إلى موانئها، أدى إلى فرملة المفاوضات من أجل حل الأزمة اليمنية من دون أن تبرز مؤشرات إلى انهيار ما تم البناء عليه بين الطرفين، لا سيما بعدما نأت السعودية بنفسها عن التحالف البحري الذي شكلته الولايات المتحدة للتصدي لهجمات الحوثيين.
وما يدعو إلى الحذر في التعاطي مع أي تسريبات جديدة بشأن هذا الملف، بالنسبة لمتابعين له، لا ينطلق فقط من غياب أي إعلان رسمي جديد عن استئناف المفاوضات الخاصة بوضع حل سياسي للأزمة اليمنية، وربط ذلك بالضغوط الأميركية لعرقلة أي اتفاق سياسي في اليمن قبل توقف هجمات الحوثيين في البحر الأحمر وخليج عدن، بل أيضاً التصعيد متعدد الاتجاهات الذي تقوده جماعة الحوثيين.
وعاد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، بعد توقف لأشهر، لمهاجمة السعودية، وذلك في كلمة له، الأسبوع الماضي، لمناسبة تدشين المراكز الصيفية في مناطق سيطرة الجماعة، والتي تتهمها الحكومة الشرعية باستخدامها لتجنيد الأطفال.
وتزامن ذلك مع تصعيد عسكري في جبهات تعز، حيث استهدف مقاتلو الجماعة، السبت الماضي، بالمدفعية المناطق السكنية في مديرية الصلو، جنوب تعز، بالتزامن مع استهداف مواقع الجيش الوطني، بالإضافة لقصف مواقع مدنية وعسكرية في مديرية مقبنة، غربي المحافظة. وأفشل الجيش الوطني محاولات للتسلل في عقبة منيف، شرقي مدينة تعز، وجبهة الأحطوب، غربي المحافظة.
كما شهدت جبهة عصيفرة، شمال المدينة، محاولة تسلل للحوثيين، أعقبتها اشتباكات بين عناصر الجيش ومسلحي الجماعة. وانتشرت قوات من "درع الوطن"، السبت الماضي، على كامل خطوط التماس المتاخمة لمديرية طور الباحة بمحافظة لحج، جنوب البلاد، بعد إتمام عملية التسليم في جبهتي عيريم وحيفان، والتي كانت تتمركز فيها قوات من اللواء الرابع حزم، التابع للمجلس الانتقالي الجنوبي.
ورأى رئيس مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية ماجد المذحجي أن مسار التفاهمات السياسية بين السعوديين والحوثيين لا يشهد تقدماً ولا تراجعاً. وأوضح، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن هذا المسار جامد بسبب جملة من التطورات في البحر الأحمر، موضحاً أن التسخين والتخفيض في الوضع العسكري يعتمد على التطورات الإقليمية. ولفت إلى أن "الموقف الإيراني أصبح حاسماً في تحديد الوجهة السياسية للحوثيين، خصوصاً بعد ما لاحظنا من تشابك الحضور بين الطرفين خلال الفترة الماضية".
وأعرب عن اعتقاده بأن ملف الأزمة اليمنية سيشهد سخونة، معتبراً أن "الحوثيين سيبعثون برسائل ساخنة، مفادها أن السعودية لم تلتزم بالتفاهمات بسبب الموقف الدولي، والحوثيون يقلقهم الوضع الاقتصادي الصعب للغاية، والحرب الاقتصادية مع البنك المركزي في عدن تفاقم الأمر". واعتبر أنه "ليست لدى الحوثيين خيارات كثيرة، والتصعيد المحتمل هو في الجبهات الهشة بالأساس، وهي مأرب والساحل الغربي وتعز، وبالتأكيد فإن الوضع السياسي في اليمن مضطرب وغير واضح الأفق، ولا يوجد طرف محدد يتحكم بالقادم".
من جهته، قال المحلل السياسي يوسف مرعي إن "مهاجمة زعيم الحوثيين للسعودية تأتي في سياق محاولة الحفاظ على ما حصل عليه من مكاسب في مسار مسقط، وربما تندرج في حالة التحذير من أن أي انخراط للسعودية في الصراع (في البحر الأحمر) سيعيد الصراع معها إلى نقطة البداية".
وأوضح مرعي أن مؤشر عودة المواجهات العسكرية مرة أخرى ظهر من خلال تعبير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس عن أسفه "لتعطيل الجهود التي كانت تبذلها السعودية لإنهاء الحرب في اليمن". وأضاف: "هنا لا بد من الإشارة إلى ما تم تداوله من أن المبعوث الأميركي لليمن (تيم ليندركينغ) كان قد حذر دولاً عربية من أن الولايات المتحدة لن تترك اليمن بأي حال من الأحوال خارج نطاق سيطرتها، في محاولة واضحة من إدارة (الرئيس جو) بايدن لتحقيق أي إنجاز في الملفات التي كان قد وعد بحلها في حملته الانتخابية السابقة".
وأشار مرعي إلى أن المسار العماني حقق نجاحاً في الصيغة الثنائية بين الرياض والحوثيين، خصوصاً في خلق تهدئة مستدامة بينهما، لكن دون مشاركة باقي الأطراف اليمنية، وهو ما خلق ردود فعل اتسمت بعدم الرضى والخوف بشأن هذا الوضع. وأوضح أن "جهات فاعلة في المشهد اليمني، منها المجلس الانتقالي الجنوبي والمجلس السياسي للمقاومة الوطنية، أبدت حذراً، وانتقدت بشكل مباشر بعض ما تم الحديث عنه في مسار مسقط، وأن خريطة الطريق تُوفر من وجهة نظرهم مزايا اقتصادية مفرطة لسلطة المليشيات المعادية في صنعاء".