حذر من خطورة "أنسنة" الأزمة.. رئيس الوزراء: سرديات خاطئة شكلت القرار السياسي الغربي بشأن اليمن

حذر من خطورة "أنسنة" الأزمة.. رئيس الوزراء: سرديات خاطئة شكلت القرار السياسي الغربي بشأن اليمن

حذر رئيس الوزراء اليمني الدكتور أحمد عوض بن مبارك، تعاطي المجتمع الدولي مع الأزمة في بلاده من منظور إنساني فقط وإغفال إيجاد حلول جذرية، معتقدا أن المواقف الغربية بنيت على مفاهيم خاطئة.

 

جاء ذلك خلال حديثه في جلسة الحوار الرئيسية بمنتدى الإعلام العربي المقام في دبي، والتي تطرق فيها إلى جوانب وأبعاد الأزمة اليمنية ومستقبل السلام، وايضاح الكثير من السرديات الخاطئة لفهم القضية اليمنية.

 

كما تحدث عن مفاتيح التعاطي الصحيح لفهم المشهد الرئيسي العام في اليمن والذي أدى إلى أفرز كل التحديات التي نشهدها حاليا، وما يشكله الإرهاب الحوثي من خطر وجودي على اليمن وأمن واستقرار المنطقة والعالم.

 

وجدد بن مبارك حرص اليمن على التمسك بعروبته وعودته إلى دوره الاستراتيجي والحيوي باعتباره موطن العروبة الأول، متطرقاً إلى التحديات العاجلة التي تهم المواطن اليمني وتقع على قائمة أولوياته كرئيس للحكومة.

جذور الأزمة اليمنية

 

وفي الجلسة الحوارية شدد بن مبارك على أهمية النظر إلى السبب والمسبب الرئيسي للتحديات القائمة والذي يتمثل في انقلاب مليشيا الحوثي على السلطة الشرعية وإشعالها للحرب، وأن إعادة الأمن والاستقرار إلى اليمن دون معالجة الجذر الأساسي للمشكلة سيجعل الأزمات تتكرر بشكل دائم ولن تتحقق التنمية والاستقرار.

 

ونبه إلى خطورة إغفال إيجاد حلول جذرية للأزمة اليمنية، ومعالجتها من خلال استكمال استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب، وتعاطي المجتمع الدولي مع الأزمة من منظور إنساني فقط.

 

وأضاف، أن إحدى الإشكاليات التي أدت إلى إطالة أمد الحرب في اليمن هي أنسنة المشكلة، وابتعاد المقاربات كثيراً عن معالجة جذر المشكلة الأساسي والتعاطي معها من جانب آثارها الإنسانية وهي آثار صعبة بالتأكيد وحياة كل يمني على امتداد الوطن هي مهمة، لكن هذه الآثار ليست نتاج كارثة طبيعية، ولكن أسبابها الحقيقية معروفة.

 

وتطرق بن مبارك إلى الآثار الكارثية المباشرة للهجمات الإرهابية الحوثية على منشآت النفط الخام، والتي حرمت الحكومة من أكثر من 70 بالمائة من مواردها.

 

وقال إن ذلك أدى إلى ضعف تقديم الكثير من الخدمات للمواطنين ومفاقمة المعاناة الإنسانية، وقدرتنا على تقديم الكثير من الخدمات، ومنها الكهرباء، والمعالجات التي تعمل عليها الحكومة.

 

واوضح أن دول العالم وصناع القرار بالمجتمع الدولي وعقب القرصنة والهجمات الحوثية ضد السفن التجارية والملاحة الدولية في البحر الأحمر، عادوا لما كنا نتحدث عنه من أن عدم إنهاء الانقلاب في اليمن، وارتباط مليشيا الحوثي بأجندة خارجية ستحدث كوارث في المنطقة والعالم.

 

وأكد رئيس الوزراء، أن الأولوية الرئيسية للحكومة هو إيجاد مقاربة حقيقية لمعالجة المشكلة في اليمن، وضرورة تمكين ووجود حكومة قوية قادرة أن تقدم خدمات حقيقية لشعبها، والدفاع عن مصالحه.

خارطة السلام

 

كما استعرض بن مبارك آفاق ومستقبل السلام في اليمن، وهروب مليشيات الحوثي من استحقاقات السلام والبعد الايدلوجي والعقائدي لمشروعهم ومحطات السلام التي افشلتها (..) وآخرها خارطة الطريق التي بذل فيها الاشقاء في السعودية وسلطنة عمان جهود كبيرة وتم تبنيها من الأمم المتحدة.

 

وقال إن خارطة السلام في اليمن واضحة وخارطة الطريق قدمت مقترحا عمليا وإجراءات لبناء الثقة تقود إلى وقف شامل لإطلاق النار ثم الدخول في عملية سياسية.

 

وأضاف، أن هناك جولات كثيرة جداً للسلام، نكون دائماً قريبين جداً من خطة سلام، لكن مليشيا الحوثي في كل مره تتهرب، فقرار الحرب والسلم ليس بيدها وانما مرتبط بالنظام الإيراني ومشروعه، ونؤكد أن السلام أسسه واضحة لكنه بحاجة إلى شريك حقيقي، لا يمكن للسلام أن يتحقق بدون شريك حقيقي.

 

وأكد بن مبارك، أن السلام هو الخيار الاستراتيجي الوحيد للحكومة الشرعية واليمن، والمنطقة بحاجة إلى الأمن والاستقرار، وإنهاء معاناة الشعب اليمني ووقف الحرب، وما يتطلبه ذلك من ضغط وجهد دولي لدفع مليشيا الحوثي للسلام.

سرديات خاطئة

 

وفند رئيس الوزراء اليمني، مزاعم مليشيا الحوثي الإرهابية بنصرة غزة، والسرديات الخاطئة بربط ما يجري من تصعيد في البحر الأحمر، مؤكدا أن قرصنة مليشيا الحوثي الإرهابية في البحر الأحمر وتهديد الملاحة الدولية بدأت قبل عامين من العدوان الإسرائيلي على غزة، وهناك تقارير من الأمم المتحدة حول ذلك، وما يحدث الآن هو هروب من استحقاقات السلام.

 

وقال بن مبارك، إن من يفجر البيوت على رؤوس ساكنيها... والمساجد والمدارس... من يحاصر مدناً كاملة كما يحصل في تعز منذ أكثر من عشر سنوات، من يقنص الأطفال وهم ذاهبون للمدارس، والنساء وهن ذاهبات لآبار المياه، لا يمتلك أساساً أخلاقياً للادعاء بأنَّه ينتصر لقضية عادلة مثل قضية أهلنا في فلسطين.

 

وأضاف أن هناك كثير من المفاهيم الخاطئة لدى المجتمع الغربي عن الأزمة اليمنية والتي قادت الى سياسات خاطئة بدأت تتغير، حيث كان يجري الحديث أن جماعة الحوثي لا تشكل تهديداً إقليمياً ودولياً ولا يمكن أن تستهدف المصالح الدولية.

 

وأردف:" والآن هي تقوم بهذا الأمر، وأيضاً كان يقال في كثير من الأحيان بأنه ليس هناك ربط حقيقي بين هذه الجماعة وإيران، وأن ليس لها تأثير حقيقي، غير أن الأحداث الأخيرة أثبتت أنها جزء من هذه الأجندة".

 

وتابع: "هناك الكثير من السرديات نعتقد أنها شكلت القرار والوعي السياسي وكثيراً من التغطية الإعلامية، لكن الأحداث في الفترة الماضية صححتها. الآن جزء من السرديات التي بدأت تتشكل هو مسألة الربط بين هذا التوتر الذي يحدث في البحر الأحمر ودور الحوثيين فيه بقضيتنا العادلة في فلسطين وهذا ربط غير صحيح بالمطلق".

 

وزاد:" الأدلة الواقعة أمامنا جميعا تثبت بشكل لا يقبل الشك بأن هذا حديثاً غير صحيح، لذلك الإعلام مهم، والنظر إلى القضية اليمنية وتصحيح السرديات الخاطئة حولها مسألة مهمة جدا".

 

وتطرق رئيس الوزراء، الى الدور المهم للإعلام في التوعية واستيعاب المشاكل خاصة في البلدان التي تعاني من الحروب، قضية مهمة جدا، مؤكداً إن الإعلام ممكن أن يكون عنصر قوة مهم، وممكن يكون أداة ضعف تقود إلى مزيد من التوظيف الخاطئ لعدد من القضايا.

 

واختتم حديثه بتوجيه كلمة أمل باستحضار اليمن الكبير، الذي تتوالد فيه الحضارات، وشعبها العظيم وموقعه الاستراتيجي وثرواته غير المستغلة. وقال "دائماً وأنا أنظر لوضعنا أنظر لهذه المكانة فأشعر بأننا أقوياء رغم الصعاب التي نعيشها.كل ما نقدمه لشعبنا لا يذكر قياساً بحجم تضحياته، ومهما قدمنا فهو لا يذكر".

وأضاف": كما أن لدينا حزام ظهر قوي وهم أشقاؤنا في المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة، ونحن نشعر بأن لدينا قضية عادلة، وحريصون على السلام لكننا حريصون على التمسك بعروبة اليمن وعودته إلى موقعه الاستراتيجي المهم وموقعه الحيوي، ولدينا تصميم ولدينا إرادة".