بعملية استخباراتية فاشلة بمصر.. واجهت إسرائيل فضيحة
عقب ثورة 1952 حاولت إسرائيل تشويه صورة مصر على الصعيد الدولي وجعلها تظهر بمظهر الدولة العدائية وغير الآمنة
(الأول) طه عبد الناصر رمضان:
خلال العام 1952، عاشت مصر على وقع ثورة الضباط الأحرار التي أدت لإزاحة الملك فاروق وحصول محمد نجيب على مقاليد السلطة، وبعدها بنحو عامين، تنحى محمد نجيب من منصبه ليحل محله جمال عبد الناصر الذي نال منصب رئيس جمهورية مصر العربية لحدود عام 1970.
وبسبب التوجهات المعادية لهم التي تبناها القادة الجدد لمصر، خطط الإسرائيليون للقيام بعملية استخباراتية لتخريب العلاقات الدبلوماسية بين مصر ودول المعسكر الغربي الذي قادته الولايات المتحدة الأميركية، وفي الأثناء، عرفت هذه العملية الإسرائيلية فشلا ذريعا وانتهت بأزمة سياسية داخل إسرائيل.
عملية استخباراتية فاشلة
ضمن عملية سوزانه (Suzannah) التي وضعتها شعبة الاستخبارات بالجيش الإسرائيلي، اتجهت إسرائيل لتجنيد أفراد الوحدة 131، التي تكونت من مجموعة يهود عاشوا بمصر بتلك الفترة، لتنفيذ هجمات ضد مصالح غربية ومصرية داخل الأراضي المصرية. وانطلاقا من ذلك، اتجهت إسرائيل لتشويش العلاقات المصرية الغربية عن طريق اتهام متعصبين قوميين بالوقوف وراء هذه الأحداث وإظهار مصر كدولة غير آمنة بأعين العالم.
وخلال شهر تموز/يوليو 1954، استهدف أفراد الوحدة 131 بعبوات ناسفة مقر البريد بالإسكندرية ومكاتب أميركية تابعة للمركز الثقافي بكل من القاهرة والإسكندرية. وبالتزامن مع ذلك، استهدف تفجير آخر مسرحا كان مملوكا لمجموعة من الأثرياء البريطانيين بالعاصمة المصرية. وعلى الرغم من عدم وقوع ضحايا مدنيين، أثارت هذه التفجيرات قلق الدول الغربية التي تحدثت عن تصاعد أعمال العنف ضد مصالحها بمصر.
ومن جهتها، اتجهت مصر للتحقيق في هذه الحوادث قبل أن تتمكن من التعرف على الفاعلين.
صورة للرئيس المصري جمال عبد الناصر
فبشكل عفوي، التهبت إحدى القنابل بجيب أحد منفذي العمليات. وعلى إثر ذلك، ألقت الشرطة المصرية القبض على الأخير واقتادته نحو التحقيق قبل أن تتمكن من التعرف، بفضل الاعترافات التي حصلت عليها، على بقية أفراد المجموعة.
بالفترة التالية، باشرت مصر خلال شهر كانون الأول/ديسمبر 1954 بعملية محاكمة المتهمين. وقد أسفرت هذه المحاكمة حينها عن إعدام اثنين من المتهمين وهما موشي مرزوق وشموال آزار.
صورة لوزير الدفاع بنحاس لافون
أزمة لافون
أثارت هذه العملية الإستخباراتية الفاشلة ردود فعل دولية سلبية تجاه إسرائيل. وبالفترة التالية، أمر رئيس الوزراء الإسرائيلي موشيه شاريت بفتح تحقيق حول الحادثة لتحديد المتسببين فيها.
إلى ذلك، وجّهت الاتهامات لوزير الدفاع الإسرائيلي بنحاس لافون (Pinhas Lavon) بالوقوف وراء الحادثة حيث شهد ضدّه عسكريون بارزون من أمثال شمعون بيريز وموشي ديان. وبسبب هذه الفضيحة، استقال لافون من منصبه ليحل بدلا منه ديفيد بن غوريون. وعلى مدار سنوات، اتجهت إسرائيل لإنكار تورطها بالعملية. وبحلول السبعينيات، أقرت الأخيرة بمسؤوليتها عما حصل بمصر خلال تموز/يوليو 1954.
سنة 1960، أعاد بن غوريون فتح ملف قضية العملية الاستخباراتية الفاشلة، وحسب ما توصل إليه المحققون، لم يكن وزير الدفاع حينها بنحاس لافون على علم بما حصل.
وعلى إثر ذلك، عاشت إسرائيل على وقع فضيحة سياسية انتهت بانسحاب بن غوريون من حزب ماباي وتأسيسه لحزب رافي، رفقة كل من بيريز وديان، الذي سرعان ما انحل بسبب فشله بالانتخابات.