أبناء الجوف: ثورة ٢٦ سبتمبر عنوان نهاية الإمامة وبداية الجمهورية والإنجازات الوطنية
(الأول)سبأ:
في صبيحة الـ ٢٦ من سبتمبر ١٩٦٢م، اندلعت أعظم ثورة ضد نظام الإمامة الكهنوتي البائد، وباتت ثورة سبتمبر تمثل محطة فارقة في تاريخ البلاد، كونها غيّرت واقع اليمن من عصر الظلم والاستبداد والعبودية والجهل، ونقلته إلى عهد جديد عنوانه الحرية والمساواة والنور.
ففي ذلك اليوم الأغر من تاريخ اليمن الحديث، هب الضباط الأحرار بثورة اقتلعت حكماً إمامياً سلاليًا ظالمًا، وأعلنت قيام نظام جمهوري، كما ساهمت الثورة بتغيير وجه اليمن والمضي قدماً لمحو واقع البؤس والمعاناة والحرمان التي خلّفها نظام الإمامة، والعمل من أجل تحقيق المكاسب والإنجازات على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعسكرية والدبلوماسية وغيرها.
واليوم التاريخ يعيد نفسه من خلال بروز دور الحركات الوطنية والمكونات والشخصيات الاجتماعية في تكوين كتلة وطنية فولاذية في مواجهة الإمامة الجديدة بنسختها الأشد بشاعة ودموية ممثلة بمليشيا الحوثي الانقلابية الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني التي تسعى لإعادة عجلة الزمن إلى الوراء، ولكن هيهات لها ذلك، كون المليشيا الحوثية السلالية اصطدمت بمقاومة شعبية وطنية تصدت لمشروع الانقلاب الحوثي على الدولة والشرعية الدستورية قبل عشرة أعوام، وافشلت أوهام المليشيات في ابتلاع الوطن وطمس معالم وآثار الثورة السبتمبرية والالتفاف على أهدافها ومبادئها السامية وإعادة إنتاج نفس النظام السلالي الكهنوتي الذي ثار ضده اليمنيون واسقطوه قبل 62 عاما.
وها هم أبناء محافظة الجوف يتحدثون عن مدى عظمة ثورة الـ 26 من سبتمبر المجيدة، وأهدافها وقيمها السامية، وحول إنجازات اليمن واليمنيين منذ بزوغ فجر عهد الثورة والعقود الزمنية المتعاقبة، وكذا حول التحديات الراهنة التي تواجه الثورة السبتمبرية ونظامها الجمهوري إثر إنقلاب مليشيات الحوثي الإرهابية على الدولة ومؤسساتها الشرعية ومحاولتها المستميتة لإعادة عجلة التاريخ إلى الوراء.
وقال أركان حرب المنطقة العسكرية السادسة العميد محمد بن راسية " نحتفل اليوم بالذكرى الـ 62 لثورة الـ 26 من سبتمبر المجيدة، هذه الثورة الغالية على قلوبنا وعلى قلوب كل اليمنيين صغيرهم وكبيرهم رجالهم ونسائهم، كما نتذكر الأبطال الذين أشعلوا هذه الثورة المباركة وعلى رأسهم الضباط الأحرار، وذلك في سبيل تخليص أبناء الشعب اليمني الحر والأبي من عقود من الظلم والقهر والجهل والفقر والمصائب التي تجرعها الشعب طوال حكم الإمامة لليمن".
وأضاف " قامت تلك الثورة المباركة واستطاعت أن تنقل اليمن من عصر الجهل إلى العلم، ومن الشر إلى الخير، ومن الظلام إلى النور، ومن التخلف إلى التقدم، ومن عهد بائد لم يقدم خلاله الكهنة أي خير لليمن إلى عهد الثورة التي نقلتنا إلى فضاء الحرية والكرامة، ومن الاستبداد والعبودية إلى الحرية والكرامة والرأي والرأي الآخر، ومن حكم الفرد إلى حكم التعددية، إلى حكم لا عبودية ولا جهل ولا تخلف".
وأكد العميد راسية، أن تلك الأهداف التي رسمها أولئك الثوار الأبطال كانت طريقاً ونبراساً لكل اليمنيين، وهي أهداف واضحة وتحاكي واقع اليمن واليمنيين المتعطشين للحرية والحياة الكريمة..مضيفا "ومن ضمن هذه الأهداف بناء جيش وطني ولاؤه للوطن والبلد، ليس لفرد ولا لحزب ولا لجماعة ولا لقبيلة ولا لفئة، هذا الجيش كان من ضمن أهداف هذه الثورة، وهو ما نسعى إليه اليوم لنعيد لهذه الثورة رونقها ومكانتها وتعود هذه الثورة لتحيا من جديد، ونستطيع بإذن الله تعالى في القريب العاجل أن نعيد التاريخ ونقضي على هذه العصابة الإمامية الجديدة والإماميين الجدد الذين يحاولون السيطرة على بلدنا اليمن من خلال ما يسمونه بثورة الـ 21 من سبتمبر، والتي هي في الحقيقة تعد نكبة على هذا الشعب".
وأشار إلى أن ما يعيشه أبناؤنا وإخواننا وأقاربنا وأبناء اليمن في مناطق سيطرة الحوثي من فقر وجهل وعناء ومصائب أكبر دليل على أن هؤلاء هم النسخة الثانية للإماميين القدامى..منوهاً بأن القوات المسلحة كلها عازمة في تحقيق هدف كل اليمنيين الأحرار والشرفاء باستعادة العاصمة صنعاء، وتخليص كل اليمن من هذه العصابة الإرهابية التي تمردت على كل التقاليد والقيم والعادات الحميدة، والعمل على تثبيت دعائم الأمن والاستقرار في كل ربوع الوطن وتوفير حياة كريمة لكل أبناء الشعب المحروم وإعادة الوجه المشرق لليمن الحبيب.
ومن جانبه أكد مدير شرطة مديرية الحزم في الجوف الرائد حزام شيحاط، أهمية دور الحركات الوطنية والمقاومة الشعبية التي كان لها السبق في التصدي للمليشيات الحوثية في الجوف ومأرب عام 2015م، والتي خاضت ولا تزال تخوض أشرس المعارك .. لافتاً إلى أن أبناء الجوف خاضوا معارك شرسة ساهمت في كسر المشروع الإمامي الجديد في اليمن، كما كان للقبيلة اليمنية وللشخصيات الاجتماعية دور بارز في الوقوف سدًا منيعاً في مقارعة المليشيات الحوثية في محافظة الجوف، حيث أسهموا في تسطير ملاحم ثورية وطنية تستحق أن تدون في انصع صفحات التاريخ.
وذكر أنه كان لأبناء الجوف دور بارز في ثورة 26 سبتمبر الخالدة، منهم الشهيد عبدالله جزيلان وشيحاط وغيرهم، كما يواصل أبناء الجوف تسطير الأدوار البطولية حتى الآن، ولسان حالهم يقول ويؤكد، ان الإمامة التي رفضها آباؤنا منذ عشرات السنين، فاننا لم ولن نحيا بغير الحرية والنظام الجمهوري، وسنقاوم الحوثي حتى ننتصر قريبًا ونحرر كل تراب الوطن.
وبدوره تحدث مدير عام مكتب الهيئة العامة لحماية المدن التاريخية بمحافظة الجوف عبدالله زايد عافية، قائلا " إن ثورة سبتمبر المباركة تمثل قدر الشعب اليمني ومصيره إلى الحرية والكرامة والانعتاق والعيش الكريم، ولم تأت هذه الثورة إلا بعد مرور عقود من سنوات النضال الثوري الشعبي، فكان ذلك النضال تعبيرًا عن رفض الواقع ورفض الإمامة وأساليبها الاستعبادية ورفضًا لسياسة العزلة عن العالم وسياسة الرهائن المتبعة آنذاك والتي تهدف إلى تركيع الشعب اليمني وضمان ولائه للسلالة".
وأضاف "أن فجر ثورة 26 من سبتمبر يعتبر فجر يوم الحرية واستعادة الكرامة والذات والهوية اليمنية، وفجر يوم الانعتاق من كابوس الإمامة وثالوث الموت الذي اكتوى به الشعب اليمني (الفقر والجهل والمرض)، وأن صلف الإمامة واستعبادها وجرائمها واحتكارها لسلطة الشعب وموارده وفسادها واستبدادها، حتم على الشعب اليمني الحر ضرورة تعزيز الوعي الثوري الجمهوري، وضرورة المواجهة والإقدام وتقديم التضحيات حتى إسقاط حكم الإمامة وإنهائه وعدم عودته للحكم مرة أخرى، وقد شكل الرفض الشعبي لحكم الإمامة العامل الرئيسي في تشكيل الوعي الثوري السبتمبري لدى الشعب اليمني بشكل عام، وأن عودة الإمامة عام 2014م بوجهها القبيح أضاف وعيًا شعبيًا وقيمة عظيمة لدى الشعب اليمني عن عظمة ثورة سبتمبر وأهدافها، والتي يرى الشعب اليمني ضرورة مواصلة ما بدأه الأجداد حتى تحقيق كامل أهداف الثورة السبتمبرية بإذن الله".
ومن جهته أكد الشيخ خالد بن علي شطيف، أن أهم إنجاز لثورة الـ 26 من سبتمبر هو تحرير الإنسان من الجهل والعبودية والخرافة إلى رحاب الجمهورية والحرية وحكم الشعب بنفسه .. مشيرا إلى أن الثورة شكلت وعيًا بمعنى المساواة والحرية والعدالة وحكم الشعب وحقه في اختيار من يحكمه، وقد نقلته أهم نقلة في تاريخ اليمن على الأقل خلال ما يقارب ألف عام من حكم الأئمة الباغي، والذي حرم الشعب اليمني من كل ما كانت المجتمعات العربية والإسلامية تحظى به من حرية في المعتقد والعلم والمعرفة وحق الشورى في اختيار الحاكم عوضًا عن خرافة ما يسمى البطنين.