الكشف عن (عرض مغري) قدمته السعودية إلى إيران لرمي الحوثيين في البحر.. ما هو؟!
العرض يعتبر خطوة متقدمة على خط العلاقة المستجدة بين الرياض وطهران، وبحسب الوكالة فإنه يقوم على معادلة من شقين، بأن تمنع إيران وكلاءها الإقليميين من توسيع الصراع الدائر في غزة مقابل حصولها على استثمارات اقتصادية وتجارية..
(الأول) وكالات:
كشفت وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية، عن تفاصيل عرضٍ قدمته المملكة العربية السعودية لإيران، لتقوم الأخيرة بقطع "أذرعها" في المنطقة وخصوصا مليشيات الحوثي في اليمن.
ويعتبر العرض خطوة متقدمة على خط العلاقة المستجدة بين الرياض وطهران، وبحسب الوكالة فإنه يقوم على معادلة من شقين، بأن تمنع إيران وكلاءها الإقليميين من توسيع الصراع الدائر في غزة مقابل حصولها على استثمارات اقتصادية وتجارية.
وتسعى السعودية لأن تقطع إيران علاقتها بأذرعها في اليمن وسوريا والعراق ولبنان، حتى بعد الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة .
ووفق الوكالة قدمت السعودية مقترحها بشكل مباشر، وكذلك عبر قنوات متعددة، وأشار سياق التقرير الذي نشرته الأربعاء إلى أن السياسة التي تتبعها الرياض لا تبدو مقتصرة على الظرف الحالي (أي الحرب في غزة) بقدر ما تعتمد على دفع طهران لتقييد جماح وكلائها في الإقليم في مرحلة لاحقة أيضا.
ونادرا ما تصدر تعليقات على مثل هذه المعلومات، ومع ذلك تقود مؤشرات إلى "واقعيتها" حسب ما يقول مراقبون من الرياض وطهران تحدثوا لموقع "الحرة"، وأوضحوا أن السعودية تسير بالفعل بسياسة تقوم على تحفيز لردع وكلاء إيران مقابل حصول الأخيرة على استثمارات اقتصادية "قد تبني جسورا لعلاقات أمتن".
وبعدما كشفت "بلومبيرغ" عن تفاصيل العرض السعودي ذكرت وسائل إعلام إيرانية أن مسؤولي الدفاع من السعودية وإيران بحثوا التعاون العسكري "في أحدث علامة على أن الحرب بين إسرائيل وحماس تقرب بين الخصمين السابقين"، وفق الوكالة.
وقالت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية إن وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان أبلغ رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية محمد باقري أنه "يرحب بزيادة مستوى التعاون بين القوات المسلحة للبلدين".
تحفيز سعودي
ويوضح المحلل السياسي السعودي، مبارك آل عاتي أن "الدبلوماسية السعودية وتحديدا مع إيران أصبحت تندرج بالفعل ضمن سياسة التحفيز، من أجل تشجيع العلاقات على التحسن".
يشير آل عاتي إلى أن الوفود التي تبادلتها الرياض وطهران خلال الفترة الأخيرة كانت تجارية واقتصادية، وحتى أن أول وفد إيران وصل إلى المملكة كان برئاسة وزير الاقتصاد، إحسان خاندوزي.
ويقول لموقع "الحرة": "هذا يؤكد أن السعودية معنية بتحفيز إيران على وضعها في مسار الدولة الوطنية الحريصة على مصالحها في المنطقة".
والتعاون الاقتصادي والاستثماري في مقدرات البلدين "سيكون كفيلا بعلاقة معمقة"، كما يضيف آل عاتي.
ويعتبر أن "إيران وبكل تأكيد سيكون انفتاحها على السعودية اقتصاديا على درجة أولى، مقابل أن تنصرف عن الميليشيات التي أضرت باقتصادها".
ويتفق الباحث السياسي الإيراني، سعيد شارودي على فكرة أن "السعودية لديها أموال وتستثمر في عدة بلدان بالمليارات وأن إيران تريد قدوم هذه الاستثمارات.. ليس فقط في النفط والغاز بل بالبنى التحتية".
ويعتقد في حديث لموقع "الحرة" أن "الرؤية السعودية والمقترح الذي يدور الحديث عنه يعتبر إيجابيا"، وأنه "سيكون محل دراسة بالنسبة لطهران، كونها تريد التعاون في كافة المجالات، وترى أن الخلافات قابلة للحل عن طريق الحوار البناء".
وفي سياق أوسع يعتقد أن "إيران ترى أن الفصائل التي تدعمها أصبحت تعتمد على نفسها، ولا داعي لتدخل مباشر لدعمها سواء في اليمن أو العراق".
ورغم ما سبق يعتقد الباحث السياسي شارودي أن "إيران يمكن أن تعطي تطمينات للسعودية بأنها لن تقدم لا هي ولا حلفاؤها على أي خطوة ستهدد أمن المملكة عسكريا أو اقتصاديا".
وما إذا بدأ نوع من التعاون الاقتصادي والتجاري بينهما واستثمرت السعودية داخل إيران سيكون ذلك بمثابة "تعزيز كبير للعلاقة السياسية وإبعادها عن أي توترات قادمة"، حسب الباحث المقيم في طهران.
فيما يتعلق بـ"العرض السعودي لإيران" ومن وجهة نظر الباحث الإيراني، حميد رضا عزيزي فإن "الاقتراح بالاستثمار وإقامة علاقات اقتصادية أمر كان موجودا بالفعل قبل الحرب في غزة".
وبعد فترة وجيزة من الاتفاق بين إيران والمملكة العربية السعودية، صرح وزير المالية السعودي بـ"أننا نحن مهتمون بالاستثمار في إيران وإبرام هذا التعاون الاقتصادي".
يعتقد حميد رضا عزيزي وهو زميل زائر في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية (SWP) أن "الجانب السعودي واقعي بما يكفي ليعرف أنه من ناحية لا تتمتع إيران بنفوذ كامل على كل هذه الميليشيات في المنطقة، إذ يعمل بعضها بشكل أو بآخر على نحو مستقل إلى حد ما، أو على الأقل في قراراتهم التكتيكية".
ولذلك لا يبدو أن إيران تستطيع السيطرة عليهم، و"السعوديون يعرفون ذلك"، وفق حديث الباحث لموقع "الحرة".
استغلال أجواء
وكما نقلت "بلومبيرغ" عن مصدر وصفته "من الجانب السعودي" ولديه معرفة مباشرة بالاتصالات رفيعة المستوى فإن تركيز ولي العهد ينصب على وقف التصعيد مع إيران في الوقت الحالي.
وأضاف أن الأمير محمد بن سلمان ومساعديه عبروا في اجتماعاتهم مع المسؤولين الإيرانيين عن "مخاوف السعودية بشأن دعم إيران للجماعات المسلحة في العالم العربي وأيضا تطرقوا لفوائد التعاون".
الوكالة أشارت إلى أنه "على الرغم أن من غير الواضح مدى جدية طهران في التعامل مع مبادرة الرياض، إلا أنه تم حتى الآن تجنب نشوب حرب إقليمية".
وأضافت أن السعوديين وحلفاءهم العرب "لا يزالون يخشون احتمال حدوث هذا الأمر في حال مضت إسرائيل قدما" في عدوانها على قطاع غزة تحت مسمى القضاء على حركة حماس.
ويعتقد المحلل السياسي مبارك آل عاتي أن "المجتمع الدولي يراقب الآن مدى تطور العلاقات السعودية الإيرانية"، وأن "التحفيز السعودي لطهران وإن نجح سيكون أسلوبا معتمدا لدى النظام الدولي".
واعتبر آل عاتي أن "إبعاد إيران عن ميليشياتها في المنطقة يحتاج لعمل متواصل ودؤوب من المملكة التي تدرك بالفعل أن الاقتصاد الإيراني المتهالك يحتاج لوقفة حقيقة وانفتاح في الاستثمارات المتبادلة".
ومن المقرر أن يجري الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي زيارة إلى الرياض في الأيام المقبلة، وفق المحلل السعودي وكما أشار الباحث السياسي الإيراني، سعيد شارودي، والذي قال أيضا إن بلاده لا تنوي فتح كامل العلاقات مع السعودية فقط بل مع كل الدول العربية والإسلامية.
وكان المسؤولون الإيرانيون قد حاولوا الاستفادة من الجو الجديد الذي نشأ في أعقاب الحرب على غزة، كفرصة للتقرب من دول الجوار، وخاصة الدول العربية كالمملكة السعودية، حسب ما يوضح الباحث، رضا عزيزي.
ويقول: "من كان بوسعه أن يتخيل أن الرئيس الإيراني سيذهب إلى السعودية ليجتمع ليس فقط مع محمد بن سلمان ولكن أيضا مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي!".
كما أصبح وزير الخارجية الإيراني عبد اللهيان يجري اتصالات كل يوم بعد ذلك مع وزراء خارجية الدول الإسلامية الأخرى والدول العربية لمناقشة قضية غزة.
ومن الواضح، فيما يتعلق بإيران كما يوضح الباحث عزيزي أنّ "هناك محاولة لاستخدام الجو العام لدعم الانتقادات الموجهة لإسرائيل في فلسطين للتقرب من الدول الإسلامية بما في ذلك المملكة العربية السعودية".
لكن في نهاية المطاف فإن ما سبق يعتمد على عوامل كثيرة، إذ تأمل إيران، على سبيل المثال، أن تؤدي الحرب إلى إيقاف عملية التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل، وخاصة بين السعودية وإسرائيل.
لكن وكما يبدو بحسب تقدير الباحث "لن يحدث ذلك"، وبمجرد أن تهدأ الحرب سيدخل الطرفان مرة أخرى في مفاوضات من أجل تفاهم أفضل أو نوع من التفاهمات.
ويشير المحلل آل عاتي أن "اتجاه السعودية إلى الدبلوماسية لمعالجة خلافتها بات ملحوظا ويسجل مع كل الدول التي تفاوضت معها".
كما يرى أن بلاده "لديها أدوات ضغط كبيرة جدا لكنها تدرك أيضا بأن إيران معنية بأمن المنطقة والإقليم وأنها أول من ستنكوي بتفجير الأوضاع إن توسع الصراع خاصة أن أميركا حذرتها" لأكثر من مرة خلال الأسابيع الماضية.