مجزرة (15) ثانية!.. بعد (80) عامًا السنغال تطالب فرنسا بـ(اعتذار وتعويض)

مجزرة (15) ثانية!.. بعد (80) عامًا السنغال تطالب فرنسا بـ(اعتذار وتعويض)

(الأول) متابعة خاصة:

لا تزال حادثة القتل الجماعي للجنود الأفارقة على يد القوات الفرنسية في نهاية الحرب العالمية الثانية في السنغال محاطة بالغموض.

تقول الرواية السنغالية إن القوات الاستعمارية الفرنسية ارتكبت في عام 1944، مجزرة بحق الجنود الأفارقة الذين عادوا من فرنسا بعد قتالهم في الحرب العالمية الثانية.

ورغم مرور 80 عاما على هذه المجزرة، لا يزال السنغاليون، خاصة سكان بلدة تياروي، القريبة من موقع المجزرة حيث توجد رفات الجنود، يتساءلون: "لماذا قتلتهم فرنسا؟" و"كيف تم قتلهم؟".

وصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأسبوع الماضي، الأحداث بـ"المجزرة" في رسالة وجهها إلى نظيره السنغالي، ليكون أول رئيس فرنسي يصفها بهذه الطريقة. لكن الرئيس السنغالي، باسييرو ديوماي فاي، رد بقوله:

"هذا لا يكفي"، وأضاف في مقابلة مع صحيفة لوموند: "ما زلنا لا نعرف عدد القتلى، ولا لماذا، ولا كيف، ولا أين تم دفنهم؟".

المذبحة: 15 ثانية من الرصاص
في صباح الأول من ديسمبر/كانون الأول 1944، جمعت القوات الاستعمارية الفرنسية مئات من الجنود الأفارقة في معسكر في تياروي، في ضواحي داكار، التي كانت حينها عاصمة غرب أفريقيا الفرنسية.

كان يُفترض أن يكون هذا المعسكر آخر محطة لهم قبل العودة إلى أوطانهم، حيث كانوا ينتظرون تعويضات مالية عن سنوات خدمتهم. لكن الأموال لم تصل.

تفاقمت التوترات بين الجنود الفرنسيين وزملائهم الأفارقة السابقين، وقرر الضباط الفرنسيون "استعادة النظام"، وفقًا لتقرير عسكري فرنسي كتب قبل يوم من المجزرة.

جلب الفرنسيون أسلحة ثقيلة ودبابات وآليات عسكرية "لإظهار تفوقهم حتى لا يفكر المتمردون بالمقاومة"، بحسب التقرير.

 وفي الساعة 9:30 صباحًا، أطلقوا أكثر من 500 طلقة خلال 15 ثانية فقط، وفقًا للأرشيف الذي اطلع عليه المؤرخ الفرنسي مارتن مور.

ذكرت الحصيلة الرسمية الأولى مقتل 35 جنديًا إفريقيًا، ووصفت العملية بأنها "عملية جراحية لا غنى عنها"، وزعم الضباط الفرنسيون أنها كانت دفاعًا عن النفس ضد رجال مسلحين وعدائيين.

لكن مؤرخين من فرنسا والسنغال يعتقدون أن العدد الحقيقي للقتلى أقرب إلى 400، وأن الجنود الأفارقة لم يكونوا مسلحين.

يشير هؤلاء إلى وجود تناقضات في التقارير العسكرية واستعداد القوات الفرنسية، مما يدل على أن المجزرة كانت مخططًا لها مسبقًا. كما أن عدم الكشف عن هويات الضحايا أو أماكن دفنهم يعد من الأدلة التي تدعم هذه الفرضية.

إبقاء (تياروي) حية في الذاكرة

بينما لا تزال كثير من تفاصيل أحداث 1944 غير معروفة، إلا أن مجزرة تياروي لا تزال ماثلة في الوعي العام السنغالي من خلال المسرحيات والقصائد وأغاني الهيب هوب.

واليوم، تعمل حكومة السنغال على تحويل المجزرة إلى قضية سياسية. فقد نُصبت لوحات إعلانية عديدة في شوارع داكار الرئيسية لإحياء الذكرى الثمانين للمجزرة. وفي تياروي، يقوم العمال بتجديد مقبرة عسكرية ستُقام فيها مراسم إحياء الذكرى الرسمية.

ومع ذلك، لا تزال السنغال تطالب بالمزيد، حيث تطمح إلى الحصول على اعتذار رسمي من فرنسا وتعويض مالي لأسر الضحايا.