الكشف عن الدور قادم للوزير الأسبق للواء الصبيحي وبدعم أمريكي كبير
مساع أمريكية لكسب حلفاء ونفوذ على الشريط الساحلي لغرب الجنوب وبحر العرب توجه إقليمي دولي لإحياء المسار العسكري ضد الحوثيين وتأمين الملاحة الدولية
(الأول) عن الأيام:
تمثل منطقة باب المندب، للولايات المتحدة والقوى الدولية الكبرى، أهمية استراتيجية كبيرة للأمن البحري والتجارة الدولية، فخلال الأيام الماضية كشفت واشنطن عن رغبة وتوجهات لتعزيز حضورها في هذه المنطقة الحساسة عبر تحسين علاقاتها مع القوى المسيطرة، وعلى رأسها المجلس الانتقالي الجنوبي والقوات المنتشرة هناك، مع التركيز على الشخصيات الجنوبية ذات التأثير.
في خطوة تحمل أبعادًا سياسية وعسكرية متعددة، التقى السفير الأمريكي لدى اليمن، ستيفن فاجن، بوزير الدفاع الأسبق اللواء محمود الصبيحي، ووفقًا لما أعلنته السفارة الأمريكية، تمحور اللقاء حول بحث سبل التصدي لجماعة الحوثي وتحقيق السلام والاستقرار في اليمن. هذه الخطوة أثارت تساؤلات حول دلالاتها في سياق الوضع اليمني المعقد.
لماذا محمود الصبيحي؟
يحظى اللواء الصبيحي بقبول واحترام واسعين في الأوساط القبلية والعسكرية جنوب اليمن، خاصة في المناطق الممتدة من باب المندب حتى مناطق الصبيحة. هذا القبول جعله شخصية محورية يمكن أن تسهم في إعادة التوازن في منطقة ذات أهمية استراتيجية على المستويين المحلي والدولي، وتعكس هذه الخطوة رغبة أمريكية لبناء تحالفات جديدة في هذه المناطق الحيوية، خصوصًا مع التراجع في أداء أطراف الشرعية اليمنية التي فشلت في تحقيق مكاسب عسكرية أو سياسية ملموسة.
يبدو أن اللقاء يمثل إشارة واضحة من واشنطن إلى الجنوبيين بأنها بدأت تأخذ بعين الاعتبار قضيتهم ومطالبهم في ظل المعادلة الراهنة للصراع بين الشمال والجنوب، وتسعى الولايات المتحدة إلى تعزيز نفوذها من خلال شخصيات تحظى بثقة واحترام في الجنوب مثل اللواء الصبيحي. في المقابل ليس من المستبعد أن تكون واشنطن تمهد الطريق لإجراء تغييرات جوهرية في بنية الشرعية اليمنية، سواء في مجلس القيادة أو الحكومة أو حتى في مؤسسة الجيش، ومن الممكن أن يكون للواء الصبيحي دور قيادي في هذه التغييرات، نظرًا لخبرته العسكرية ومواقفه المتوازنة التي تحظى بقبول مختلف الأطراف.
تميز اللواء الصبيحي بمواقفه المهنية التي جعلته يسمو فوق الصراعات السياسية بين مشاريع الوحدة والانفصال، ويتمتع الرجل بعلاقات إيجابية مع مختلف الأطراف، بما في ذلك المجلس الانتقالي الجنوبي والشرعية اليمنية. هذا التأثير يجعل منه شخصية مناسبة لتكون نقطة ارتكاز لأي ترتيبات سياسية أو عسكرية قادمة.
الاهتمام الأمريكي بلقاء اللواء الصبيحي في هذا التوقيت يحمل دلالات تشير إلى أن الولايات المتحدة تسعى لإعادة تشكيل خريطة التحالفات في اليمن بما يضمن تحقيق مصالحها الاستراتيجية، ويعكس اللقاء رغبة واشنطن في فتح قنوات جديدة مع القوى المؤثرة في الجنوب وتعزيز حضورها في المناطق الساحلية ذات الأهمية الحيوية، مثل باب المندب وسواحل بحر العرب.
اللقاء بين السفير الأمريكي واللواء محمود الصبيحي ليس مجرد لقاء بروتوكولي، بل يحمل في طياته رسائل واضحة ودلالات متعددة على الصعيدين السياسي والعسكري؛ فالولايات المتحدة، من خلال هذه الخطوة، تؤكد رغبتها في إعادة ترتيب المشهد اليمني بما يضمن استقرار المناطق الحيوية وتعزيز نفوذها فيها، وهو ما قد يمهد لتطورات كبيرة في المشهد اليمني خلال الفترة المقبلة.
تحركات ورفع جاهزية
تتزامن التحركات العسكرية والدبلوماسية في المشهد اليمني مع تحولات إقليمية ودولية تشير إلى إعادة إحياء المسار العسكري لمواجهة جماعة الحوثي، المدعومة من إيران، في ظل انتكاسات حلفائها الإقليميين مثل حزب الله اللبناني ونظام بشار الأسد. التصعيد يأتي كجزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى إنهاء تهديدات الحوثيين للأمن الإقليمي، وتعطيل خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر.
زيارة رئيس مجلس القيادة الرئاسي د. رشاد العليمي، أمس الأول، لمقر قيادة القوات المشتركة في الرياض تعكس مستوى التنسيق بين القيادة اليمنية والتحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات. هذه الزيارة تؤكد على تعزيز القدرات العسكرية اليمنية لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، إلى جانب رفع كفاءة القوات المسلحة في مواجهة الحوثيين.
في السياق ذاته، تأتي تصريحات قائد القوات البحرية اليمنية الفريق الركن عبدالله النخعي حول أهمية الجاهزية القتالية ورفع كفاءة القوات البحرية في وقت تتزايد فيه التهديدات الحوثية للملاحة الدولية، مما يعكس أهمية الاستعداد للتعامل مع تحديات الأمن البحري، التي تتجاوز البعد المحلي لتشمل الأمن الإقليمي.
دور أمريكي بارز
الولايات المتحدة دخلت على خط الأزمة بشكل أكثر وضوحًا من خلال تحركات سفيرها في الرياض ومبعوثها الخاص إلى اليمن، تيم ليندركينج لجيبوتي وتعزيز صلاحيات بعثة الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش (UNVIM) يعكسان تحولًا جديًا نحو منع تدفق الأسلحة للحوثيين عبر البحر الأحمر وميناء الحديدة، وهي خطوة تهدف إلى تحجيم القدرات العسكرية للجماعة وتقليل خطرها على السفن التجارية وخطوط الملاحة الدولية.
التقارير التي تشير إلى تعاون عسكري محتمل بين الحوثيين وروسيا تضيف بعدًا جديدًا للأزمة، خاصة مع استمرار الدعم الإيراني للجماعة. الدعم العسكري الإيراني، سواء عبر تهريب الأسلحة أو التدريب، مكن الحوثيين من تطوير قدراتهم الهجومية، بما في ذلك استخدام الصواريخ والطائرات المسيّرة لاستهداف الشحن الدولي.
محافظ الحديدة أكد على خطورة استمرار تدفق الأسلحة الإيرانية عبر الميناء، مما يفرض على التحالف العربي والمجتمع الدولي ضرورة تشديد الرقابة وفرض مزيد من الضغوط لوقف هذه التدفقات.
في ظل الانتكاسات التي يعانيها حلفاء إيران في المنطقة، يبدو أن التحالف العربي وأطرافًا دولية مثل الولايات المتحدة، قد أدركوا أن إنهاء التهديد الحوثي لن يحقق فقط الاستقرار في اليمن، بل سيعيد التوازن في المنطقة. الخطوات الأخيرة تشير إلى أن الخيار العسكري لم يعد مستبعدًا، خاصة مع الجهود الرامية لتعزيز القدرات البحرية والجوية لليمن والتحالف، ما يمهد لمرحلة جديدة قد تشهد عمليات نوعية لتقويض نفوذ الحوثيين.
التوجه الإقليمي والدولي الحالي يعكس تصميمًا على إنهاء تهديد الحوثيين كجزء من رؤية أوسع لاستعادة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتأمين خطوط الملاحة الدولية. الخيارات العسكرية، بالتوازي مع الإجراءات الدبلوماسية، تبدو الأكثر حضورًا على الطاولة، مما يشير إلى مرحلة قادمة قد تشهد تصعيدًا حاسمًا ضد الحوثيين وتحجيم دور إيران في اليمن.