تمكين مغيّب في زمن التضليل

في زمن تُشكل فيه المعلومات قوة ناعمة توجه الرأي العام وتُصاغ بها السياسات، تصبح المعلومات المضللة سلاحًا مزدوج الحدة، لا سيما حين تُستخدم لتقويض دور النساء وعرقلة مشاركتهن في مواقع صنع القرار، إذ باتت المعلومات المضللة والوصم الاجتماعي والتأطير النمطي تشكل أثرًا كبيرًا وتمثل أحد أبرز معوقات تمكين النساء، وتحديات كبرى أمام انخراطهن في المشاركة السياسية.

تتعرض النساء لحملات تشويه ممنهجة عبر منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، تتحول فيها القضايا الفردية إلى معارك عامة تستهدف وجودهن في الفضاء العام، فبمجرد أن تبرز إحدى النساء في موقع مؤثر تبدأ آلة الشائعات بتشويه سمعتها، وتضخيم أخطائها الشخصية، والتشكيك في كفاءتها ومهنيتها، في محاولة لإسكات صوتها وتقويض حضورها، حيث أصبحت هذه الحملات تتخذ طابعًا إقصائيًا جماعيًا يهدف إلى إبعادهن عن مواقع التأثير، وإضعاف أدوارهن الحيوية في الدفع نحو السلام والمشاركة في مراكز صنع القرار.

يبدو المشهد السياسي في اليمن اليوم خاليًا من الحضور النسوي الفاعل إذ باتت النساء محصورات في مناصب هامشية لا يُعتد بها، في انعكاس واضح لتأثير المعلومات المضللة والنظرة النمطية التي تكرّس الإقصاء والتهميش.

مؤخرًا باتت هناك حرب نقدر نقول إنها مُمنهجة تستهدف النساء، وتحديدًا اللواتي تميزن بحضورهن في الحياة العامة ومواقع القرار، عبر حملات إعلامية مُضللة تهدف إلى تشويه صورتهن، والإساءة إلى أدوارهن ونضالهن وتاريخهن المشرف، ودفعهن نحو العزلة والإقصاء، وكأنما هناك من يرفض أن يكون للمرأة صوت أو تأثير.

ثمة حاجة ماسة لتضافر الجهود على المستوى المحلي والدولي من أجل مكافحة المعلومات المضللة ضد النساء في اليمن تحديدًا، وتوفير بيئة مدنية وإعلامية آمنة ومنصفة بالإضافة إلى تعزيز مشاركة النساء في عمليات صنع القرار مع عدم النظر إليهن كامتياز أو هبة بل كحق أصيل وضرورة استراتيجية لضمان استدامة السلام.

إن تمكين المرأة وحمايتها من خطاب الكراهية والمعلومات المضللة أصبح اليوم ضرورة وطنية وإنسانية، فاليمن برغم الحرب والمعاناة الطويلة ما يزال زاخرًا بالنساء القادرات على رسم ملامح الغد، كما فعلت كثيرات من قبلهن، ويتوجب علينا وكل من يمتلك منبرًا إعلاميًا أن يكون حليفًا للعدالة لا لتكريس التهميش أو تشويه الكفاءات.