السياسة العُمانية.. حكمة تُبنى ولا تُهدِّد

بين يديَّ الآن كتاب "عُمان 97"، الذي أهدانيه حسين السقاف - السائق السابق في الملحقية العُمانية بعدن. وأنا أتصفَّح صفحاته، لفت نظري غيابُ لغة التهديد أو الوعيد التي اعتادتها دول الجوار عند الحديث عن بناء قواتها المسلحة. لغة السلطنة هنا مختلفة: أقرب إلى الهمِّ الذاتي ببناء الذات، منها إلى بثِّ الرعب في الآخرين.
يؤكد الكتاب أن معادلة بناء القوات العُمانية تقوم على جعلها "سياجًا منيعًا لحماية مسيرة النهضة"، و"ركيزةً لاستراتيجية السلام" التي تتبناها البلاد. هذه الحكمة لا تذكرنا فحسب بحلولها النموذجية لأزمات الحدود مع بلادنا مطلع التسعينيات، بل تُظهر كيف حوَّلت السلطنة مناطق النزاع إلى فضاءات للتعاون ومدِّ جسور الأخوة بين الشعبين.
ولم تكتفِ بذلك. فكما أخبرني الباحث المهراوي محمد القميري، ساهمت السلطنة بشكلٍ فعّالٍ في شق طريق "شحن - الغيضة" (٢٤٥ كم) ليربط بين البلدين. بل تتواصل اليوم - بعد إنجازها طريق "حوف-الغيضة" - لتتبرع بمولدات كهربائية لمديرية حوف. لكنّ المفارقة المُرّة أن المجلس الرئاسي رفض الهبة بحجة "السيادة"!
نقول: نعم لسيادة الوطن.. ولكنْ!
أليس من واجبكم توفير الكهرباء لأبناء المهرة الذين يعيشون في ظلامٍ يتجاوز ١٢ ساعة يوميًا؟.
إذا كنتم غيورين على السيادة، فلتُظهروا الغيرةَ نفسَها على مواطنٍ يُطفئ المصباح ويُشعل الشمعة!