من المنافذ إلى الحساب العام!.. (الرئاسي) يفرض سيطرته المالية على المحافظات

أصدر مجلس القيادة الرئاسي، بموجب القرار رقم (11) لسنة 2025م، خطة أولويات للإصلاحات الاقتصادية الشاملة، يتصدرها بندٌ لتوحيد كافة الإيرادات العامة وتحويلها إلى حساب الحكومة العام لدى البنك المركزي اليمني في العاصمة المؤقتة عدن. 

من المنافذ إلى الحساب العام!.. (الرئاسي) يفرض سيطرته المالية على المحافظات

تقرير (الأول) المحرر الاقتصادي:

ويأتي هذا القرار في سياق ضغوط مالية متصاعدة، إذ تواجه الدولة اليمنية صعوبات في تحصيل الإيرادات وتنسيق الإنفاق، الأمر الذي استدعى تحركاً رسمياً لوضع حدّ لتعدد الحسابات المالية وإيرادات خارج السيطرة المركزية. 

بنود القرار الأساسية
من أبرز ما تضمنه القرار:
- إلزام جميع المحافظات بتحويل الإيرادات – مثل الضرائب والجمارك وعائدات الموانئ والغاز والنفط – إلى الحسابات المعتمدة لدى البنك المركزي اليمني. 
- منع تدخل المحافظ أو أي جهة محلية في أعمال المنافذ البرية أو البحرية أو الجمركية أو التحصيل والإعفاءات خارج الأطر القانونية. 
- إغلاق الحسابات الموازية المفتوحة في البنوك التجارية أو لدى الجهات الخاصة، وتوحيد الحسابات الإيرادية تحت مظلة الدولة. 
- فرض آليات رقابية مشددة على المنافذ والموانئ وربطها بالرقابة المركزية، لضمان أن تدفقات الإيرادات تخضع لنظام الدولة المالي. 

الموقف الأولي للمحافظات!
محافظة حضرموت
أعلنت السلطة المحلية في حضرموت، خلال اجتماع المكتب التنفيذي برئاسة المحافظ مبخوت مبارك بن ماضي، موافقتها على القرار وتعهّدت بتوريد الإيرادات المركزية إلى الحساب العام. 
كما قرّرت اعتماد ميناء الشحر كمنفذ جمركي رسمي، إلى جانب تشكيل لجنة لإعداد موازنة العام 2026 تشمل حصة التنمية والالتزامات المالية. 
لكن التزام التنفيذ الكامل ما يزال في مراحله الأولى، وهناك مكوّنات محلية تشدّد على ضرورة ضمانات لتوزيع الموارد والخدمات.

محافظة المهرة
أصدرت رئاسة الوزراء مذكرة تطالب بمجلس القيادة الرئاسي التدخّل لإلزام محافظ المهرة بتنفيذ القرار، بعد امتناع السلطة المحلية عن الالتزام وتحكّمها بعائدات المنافذ. 
هذا يشير إلى وجود مقاومة محلية أو تأخر في تطبيق القرار في المحافظة، مما يعكس تنوّعاً في مستوى الالتزام على مستوى البلاد.

محافظة مأرب
أثار الكاتب والصحفي ماجد الداعري تساؤلات حول موقف السلطة المحلية في محافظة مأرب من قرار توحيد توريد الموارد العامة إلى الحساب العام في البنك المركزي اليمني بالعاصمة المؤقتة عدن، وقال الداعري في منشور له، إنّ "باقي مأرب وتكتمل أركان عملية استعادة موارد الدولة الرئيسية"، متسائلًا عمّا إذا كان محافظ مأرب اللواء سلطان العرادة سيوافق على توريد الإيرادات إلى حسابات الحكومة في عدن، أم سيواصل التوريد إلى فرع البنك المركزي في مأرب الذي يعمل بشكل مستقل عن المركزي في عدن، "بحجة تخصيص موارد المحافظة لأولويات الجبهة"، حدّ قوله.

محافظات أخرى
بيان من مجلس القيادة الرئاسي شدّد على أن توحيد الأوعية الإيرادية «أولوية قصوى» لتعزيز الانضباط المالي، مع متابعة مصفوفة التنفيذ بين المركزي والمحافظات. 
المصدر إعلامي ذكر أن الحكومة أصدرت تعميماً لإغلاق الحسابات في البنوك وتحويل الأرصدة إلى البنك المركزي، كخطوة تنفيذية من القرار. 

التحديات والمعوقات
المقاومة المحلية: بعض السلطات المحلية معتادت على صناديق الإيرادات أو موارد المنافذ، وقد تواجه قرار التوريد المركزي باعتباره تقييداً لصلاحياتها أو دخلها.
البُنية التقنية والتنظيمية: تنفيذ الربط المصرفي والجمركي ومراقبة الأموال يتطلّب قدرات تقنية وإدارية قد تكون متفاوتة بين المحافظات.
مسألة التوزيع والعدالة: إذا ما تم اقتطاع الموارد من محافظات كبيرة دون ضمانات واضحة بتوظيفها محلياً، قد ينشأ شعور بعدم العدالة ويُعقّد قبول القرار.
الظروف الاقتصادية العامة: تراجع الإيرادات العامة وارتفاع الإنفاق الجاري يضعان ضغطاً على توقيت تنفيذ الإصلاح، خاصة في سياق الحرب والدوّل المتعددة. 

دلالات سياسية واقتصادية
يرمز القرار إلى رغبة مركزية في استعادة السيطرة المالية للدولة، وتقليص التشتّت في النظام المالي.
إذا نجح التنفيذ، فإنه يمكنه أن يعزز ثقة المانحين والمستثمرين بالدولة اليمنية، ويشكّل أحد متطلبات الإصلاحات التي تربطها المؤسسات الدولية بدعمها.
من الناحية السياسية، يشكّل الاختبار لحوكمة الدولة بعد سنوات من التفكّك المالي، ويعدّ مؤشراً لوحدة القرار الوطني بين الحكومة والمحافظات.

قرار مجلس القيادة الرئاسي بتوحيد وتوريد الإيرادات إلى حساب الحكومة العام لدى البنك المركزي في عدن يمثل تغييراً محورياً في مسار المالية العامة في اليمن. تطبيقه يبدأ من محافظات مثل حضرموت التي أبدت التزاماً أولياً، بينما محافظات أخرى مثل المهرة تواجه تأخّراً أو مقاومة محلية. نجاح التنفيذ يعتمد على الإرادة السياسية، والإشراف المركزي، والضمانات المحلية بتوظيف الموارد لصالح الخدمات والتنمية.