بائع اعلاف المواشي "سعيد الجمال "... قصة الكفاح في عدن

يتجول بشكل يومي في شوارع وأحياء مديرية الشيخ عثمان بمدينة عدن (جنوبي اليمن)، على عربة يقودها جمل، بملامحه السمراء وتجاعيده التي تلخص قصة كفاح من أجل لقمة العيش، أصبح جزءًا من يوميات أحياء الشيخ عثمان

بائع اعلاف المواشي "سعيد الجمال "... قصة الكفاح في عدن

كتب / د. الخضر عبدالله

يتجول بشكل يومي في شوارع وأحياء مديرية الشيخ عثمان بمدينة عدن (جنوبي اليمن)، على عربة يقودها جمل، بملامحه السمراء وتجاعيده التي تلخص قصة كفاح من أجل لقمة العيش، أصبح جزءًا من يوميات أحياء الشيخ عثمان بطيبته وخدماته وتعامله المثالي مع الناس.
إنه الخمسيني سعيد الجمال، صاحب عربة الجمل وبائع أعلاف المواشي، الذي يمتهن هذا العمل -كما يقول- منذ أكثر من 15 سنة.
كل يوم وبصوته الجهوري المتميز، وعبارات الترويج التي يُطلقها بعفوية لتسويق بضاعته منذ الصباح الباكر، يتجول الجمال في الأحياء التي يمتلك أهلها أغنامًا، لبيع الأعلاف، بكل شغف وبهجة، رغم شدة أجواء عدن المشمسة والحارة في فصل الصيف.

كفاح من أجل لقمة العيش

سعيد يعمل في بيع الأعلاف في مديرية الشيخ عثمان

وفي حديثه لـ”الأول”، يعتبر الجمال سعيد، أن العمل في بيع الأعلاف على عربة يقودها جمل، مشقة كبيرة، والعمل -حسب وصفه- رحلة كفاح من أجل رزق حلال. ورغم ما تسببه له من تعب وألم في جسمه، فهي تهون كما يقول “مقابل أن يعيش الإنسان عزيزًا لا يمد يده لأحد، ولا يعتمد على الغير”.
أكثر من 15 سنة من العمل في أحياء مديرية الشيخ عثمان، أصبح سعيد يحتل محبة وحضورًا مميزًا لدى السكان، وبخاصة الأطفال. يقول إن عمله يعكس فرحة عند الأطفال وسعادة غامرة حينما يشاهدون الجمل يجر العربة ويلتفون حوله بإعجاب، حسب تعبيره.
العمل في بيع الأعلاف مصدر رزق مناسب حسب سعيد، يوفر له متطلبات المعيشة له ولأطفاله الأربعة.
يقول: “الإقبال على شراء الأعلاف يتفاوت من يوم إلى آخر، وهناك زبائن معروفون لديَّ، يأتون لشرائها منتصف أو نهاية الأسبوع، ويتراوح سعر “حزمة” العلف الواحدة من 500 إلى 1000 ريال، والعائد المادي يتفاوت من يوم لآخر”.
ويضيف: “عند بيع الأعلاف كاملة أقوم بعمل آخر، وهو توصيل حاجيات المواطنين الاستهلاكية التي يشترونها من المحلات التجارية، إلى منازلهم القريبة”.
وحول المعوقات التي تعوق أحيانًا عمله على العربة التي يقودها الجمل، هي الازدحام في الشوارع، الذي يعوق سرعة تنقله وعمله بشكل أسرع.

يعمل العشرات من الأشخاص في عدن، على عربات الجمال، لكن ما يعانيه العاملون على تلك العربات هو زحمة السيارات ومضايقة رجال المرور وبعض السائقين، بخاصة في الأماكن المزدحمة.

عربات الجمال في عدن

وفي السياق ذاته، ذكر المرحوم المؤرخ عبدالملك الشيباني، في حلقلة تلفزيونية إن عربات الجمال بعدن كان لها رواج كبير في خمسينيات القرن الماضي، حين كانت الوسيلة المثلى لنقل جميع البضائع، في حين ضعف عملها حاليًا جراء الانتشار الواسع للسيارات ووسائل النقل الأخرى، وأصبح عملها مقتصرًا على نقل الأشياء البسيطة للفقراء، حسب تعبيره.
ويشير الشيباني إلى أن وجود تلك العربات كان في السابق يمثل منظرًا حضاريًا، أما اليوم فقد اختلف الأمر، إذ أصبح وجودها يمثل منظرًا غير حضاري، لأنه قد يعطي انطباعًا بأن الشعب مازال متخلفًا ويعيش في حقبة قديمة، حد وصفه.

أمنية

وفي ختام حديثه، الجمال سعيد يقول: “ينتابني الحزن والأسى بسبب ما وصل إليه الحال في البلاد، وأتمنى أن يعم السلام في اليمن، وتعود الحياة إلى طبيعتها كما كانت، وأن يحدث ذلك خلال المستقبل القريب إذ لم يعد أحد يحتمل الوضع الحالي”.