حكيم العرب.. عطاء لا مثيل له في دعم القضية الفلسطينية
(إن النفط العربي ليس أغلى من الدم العربي).. لن نخوض أو نتعمق في المعنى اللفظي أو الدلالي لهذه العبارة، لأنها في لفظها ودلالتها المعجمة بسيطة جدا، لكن إن نسبنا هذه العبارة لقائلها وضعناها في زمانها ومكانها لعظم لفظها وتعددت دلالتها لأنها كانت سببا رئيسا لانتصار العرب ضد الكيان الصهيوني في حرب 1973م.
تقرير / أبو مصطفى السالمي:
حكيم العرب وفلسطين:
لحكيم العرب الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مواقف تاريخية داعمة للدول العربية عامة لدولة فلسطين خاصة لأنه يعدها أهم قضية للأمة العربية، فقد اتسمت موقفه منها بالوضوح والثبات تجاهها، ففي العديد من المناسبات والمنابر الدولية أكد التمسك بالحق المشروع للشعب الفلسطيني في وجه العدو الصهيوني، ففي افتتاح الجلسة الأولى في دور الانعقاد العادي الثاني للمجلس الوطني الاتحادي قال الشيخ زايد رحمه الله "إن دولة الإمارات أعلنت دعمها وتأييدها لشعب فلسطين في نضاله العادل ضد قوى البغي والعدوان، لأنه لا يمكن إقرار السلام في الشرق الأوسط طالما أن شعب فلسطين قد حرم من حقوقه وأرض أجداده، وطالما لم يتراجع الكياني الصهيوني عن أطماعها التوسعية بالاستيلاء على الأراضي العربية بالحرب والعدوان".
ومن هذه المواقف المهمة والتاريخية للحكيم زايد أنه دوما كان إلى جانب أخيه الرئيس الراحل ياسر عرفات ما كان شد من أزره بموقفه الجاد اتجاه القضية الفلسطينية، وذلك بتحرير الشعب والأرض وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
حكيم العرب والأمة العربية:
سعى الحكيم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان خلال مشواره السياسي إلى توحيد الرأي العربي فقد أولى لقضية التضامن العربي أهمية قصوى، لإيمانه التام بأنها السبيل الوحيد لمواجهة جميع التحديات والمخاطر التي يتعرض لها الوطن العربي.
ودعا حكيم آل نهيان والعرب في مارس 1975 الدول العربية للتضامن والالتحام مع دولة الإمارات العربية المتحدة؛ لتتمكن من تحقيق وحدة المنطقة والتصدي للتهديدات التي تتعرض لها الأقطار العربية، حيث قال: "ليقرر إخواننا العرب النسبة التي يريدونها ويتفقوا عليها فسيجدوننا في مقدمة المساهمين فيها".
فلو وجدت دعوة حكيم الإمارات والعرب الشيخ زايد بن سلطان آذانا صاغة آنذاك لحققت دعوته الحكيمة ونظرته الثاقبة الحلم العرب، ولما رأينا اليوم الكيان الصهيوني يرتكب جرائم حرب في حق المدنيين في قطاع غزة، ولما رأينا الغرب يبرر للكيان الصهيوني ما يرتكبه من جرائم حرب بحق الفلسطينيين في قطاع غزة بحجة أنه يدافع عن نفسه، ولما تجرأ الرئيس الأمريكي بايدن اليوم بإلصاق قصف مستشفى المعمداني بحركة (حماس) والذي استشهد فيه (1300) شهيدا وعدد آخر من الجرحى معظمهم من النساء والأطفال.
حكيم العرب والإنسانية:
(إننا نؤمن أن خير الثروة التي حبانا بها الله عز وجل يجب أن يعم أشقاءنا وأصدقاءنا).. فبهذه المقولة لحكيم العرب الشيخ زايد بن سلطان كتب التاريخ في صفحاته الإنسانية اسمه ولقبه بـ(زايد الخير)، والذي سطر بأفعاله ومواقفه ملاحم إنسانية ظلت وستظل راسخة في ذاكرة التاريخ والبشر، ليرتبط اسمه (زيد الخير) بالإنسانية والخير والعطاء والسلام والمحبة في العالم أجمع.
فقد خدم حكيم العرب الإنسانية كلها، فلم تمنعه الحدود الجغرافية والزمانية والعرقية والدينية من تقديم الدعم والمساعدة للإنسانية، فصارت مبادرات الحكيم ومواقفه حديث القاصي والداني ليترك مسيرة خير وعطاء لا تزال تؤتي أكلها إلى يومنا هذا.
العالم يشهد لحكيم العرب:
لم سجل التاريخ الإنساني الحديث اسما أجمع عليه العالم كله بشرقه وغربه وشماله وجنوبه وبعربه وأعجمه وبأبيضه وأسوده كإجماعهم على الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، فقد منحته المنظمة الدولية للأجانب في جنيف (الوثيقة الذهبية) باعتباره أهم شخصية للعام 1985 لدوره البارز في مساعدة المغتربين على أرض بلاده وخارجها في المجالات الإنسانية والحضارية والمالية، كما اختارته هيئة (رجل العام) في عام 1988 في باريس، وذلك تقديراً لقيادته الحكيمة والفعالة ونجاحه المتميز في تحقيق الرفاهية لشعب دولة الإمارات وتنمية بلاده أرضاً وإنساناً، ومنحته جامعة الدول العربية (وشاح رجل الإنماء والتنمية) عام 1993، وذلك تقديراً لجهوده المقدرة في مجال العمل البيئي والإنساني.
وقدمت جمعية المؤرخين المغاربة للحكيم (زايد الخير) (الوسام الذهبي للتاريخ العربي) في 1995، وذلك تقديراً منها لجهوده المتواصلة في خدمة العروبة والإسلام، واعترافاً بأياديه البيضاء على العلماء واعتزازاً بشغفه بعلم التاريخ والدراسات التاريخية، كما اختير في عام 1995 (الشخصية الإنمائية) على مستوى العام، من خلال الاستطلاع الذي أجراه مركز الشرق الأوسط للبحوث والدراسات الإعلامية في جدة، وشارك فيه أكثر من نصف مليون عربي.
وحصل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان على جائزة (شخصية العام الإسلامية) من قبل المسؤولين عن جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم في عام 1999.. كما منحته منظمة الأغذية والزراعة العالمية التابعة للأمم المتحدة في 2001 ميدالية (اليوم العالمي للأغذية)، تقديراً لجهوده العالمية في هذا المجال.. وفي هذه العجالة لن نستطيع حصر كل ما شهد به العالم للشخصية الاستثنائية بكل ما تحمله الكلمة من معنى.