من يشتري مني مسؤولاً؟
من يشتري مني مسؤولاً تربّع على الكرسي واستأثر بالحكم، فلم يقم بواجبه، ولم يصن أمانته، ولم يخدم رعيته، ولم يحافظ على شعبه؟..
من يشتري مني مسؤولاً كان يحدثنا عن الأمانة والنزاهة والصدق، وحين تقلد المنصب وأمسك زمام الأمر تبدلت أحواله وتغيرت طباعه، ودخل عالم اللصوصية من أوسع أبوابه؟.
من يشتري مني مسؤولاً ينام على أنين الأطفال ويصحو على صراخ الثكالى، ويرقص طرباً وفرحاً على دموع الأرامل والجياع؟.
من يشتري مني مسؤولاً يسير على أنقاض المباني وركام الحرب ودماء الشهداء وجثث الأبرياء وحطام الصراعات وتصفية الحسابات الشخصية.؟
من يشتري مني مسؤولاً تقَيَّأت جيوبه من أموال البسطاء، وتدلّت أمعاؤه من خيرات الوطن المكلوم، بينما الشعب يموت جوعاً ويصرخ ألماً؟.
من يشتري مني مسؤولاً تهاوت عملته وتدهورت، وجنّ جنون الأسعار، وهو يركب السيارات الفارهة، ويسكن الفنادق السامقة، ويفترش الموائد الفاخرة، ويتعرى في المسابح وجزر اللهو والمياعة؟.
من يشتري مني مسؤولاً يموت الأطفال أمام ناظريه ولا يحرك ذلك فيه ساكناً، ولا يرف له جفن، أو ينتفض له ضمير، أو تثور آدميته الآسنة؟.
من يشتري مني مسؤولاً يسقط الفقراء أمام مكاتب البريد وهم ينتظرون فتات الراتب الذي بات حلماً يرقد في جنبات المحال، وهو يثور لمباراة خسر فيها فريقه ولم يكسب الرهان مع أصدقائه؟.
من يشتري مني مسؤولاً يموت المرضى في المستشفيات بسبب غلاء الأدوية وانقطاع الكهرباء، بينما حاشيته يتعالجون في أفخم مستشفيات العالم، ولا يشعر بوجع أب سيفقد طفله، أو أم ستفارق فلذة كبدها؟.
من يشتري مني مسؤولاً يتناوح الطغاة أرضه وشعبه ويقتلونهم، وهو يقدم التنازلات تلو التنازلات مقابل حفنة من الدولارات يتم إيداعها في حسابه؟.
من يشتري مني مسؤولاً ذُلّ شرفاء وطنه، وسُكب ماء وجوههم، وأُهدرت كرامتهم، ونخر الوجع دواخلهم، وهو لا يزال يقبل أيادي أسياده ليرضوا عنه بريالات بائسة لا تسمن ولا تغني من جوع؟.
من يشتري مني هؤلاء جميعاً، وكل من على شاكلتهم، ويعطيني وطني سليماً معافى، حراً أبياً شامخاً...؟