الرئيس القادم

لست خبيرا في الشأن الاميركي، لكن الحالة في الولايات المتحدة الأمريكية تنعكس على احوال كثير من بلدان العالم ومنها بلادنا، على وجه الخصوص، مع اشتعال حمّى السيطرة على الممرات الملاحية الهامة ومنها باب المندب حيث يمر (٣٠%) من النفط التي تحتاجة الصناعة في النصف الشمالي من الكرة الارضية.
ومرد عدم اهتمامنا المتواضع بالشان الامريكي يرجع الى ان في بلادنا الكثير من الاوجاع التي تحتاج إلى اكثر من اهتمام فردي نتيجة الآثار الكارثية للسياسات المتخبطة التي اوصلت الناس الى (التجويع المسيّس) الذي سيصل قريبا الى كل بيت بما في ذلك من يتوهمون انهم في الأمان، بعد ان جعلت هذه السياسات الكارثية الخدمات الضرورية (الكهرباء والماء والتطبيب والتعليم) احلام بعيدة المنال.
ايلون ماسك والرئيس ترامب حصل معهما ما حصل مع عيال الشيخ وعيال الرئيس عندما كبر العيال وتناطحت المصالح واستثمر هذا التباين في قيام ثورة شارع الستين الشمالي في صنعاء، وهي ثورة ممولة ومدعومة خارجيا، وكان اول ضحاياها الحراك الجنوبي عندما تسابقت التصريحات اليمنية من ثوار حزب الاصلاح والحوثي بالاعتراف بحق أبناء الجنوب والقبول بما يرتضية ابناء الجنوب، ثم بعد ذلك قلبوا لنا ظهر المجن وصاروا يتسابقون على السيطرة على الجنوب واعادته الى بيت الطاعة في سوق الملح.
صراع ماسك وترامب ليس صراعا (عالم ثالثي) فهو صراع على قمة العالم في البلد الأكثر ثراء والاكبر قوة على الكرة الارضية، البلد الاكثر تراكم معرفي الذي يستثمر كل شيء لصالحة حتى الحركات التي تدعي انها تقف في وجه أمريكا.
قيل ان ايلون ماسك قد ينشئ حزبا جديدا بعد ان انكماش الحزب الديمقراطي، ويسعى الحزب الديمقراطي الامريكي إلى احتضان ايلون ماسك وربما تمكينه من الزعامة، وهكذا سيتحول صراع الرجلين من خلافات حول بعض التعيينات في المناصب الى الصراع على الزعامة في امريكا وقد نرى (اذا طالت بنا الاعمار ونجونا من المجاعة المسيسة) قد نرى ايلون ماسك هو المرشح الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية الامريكية القادمة.
لن يتغير شيء في امريكا ولا في سياساتها ولكن تتغير الادوات التي يستخدمها كل طرف امريكي لضمان مصالح امريكا وسيجد ايلون ماسك والديمقراطيون مطبلون (وشقاة) جدد في العالم العربي وغير العربي.
الا نستحق ان نتعلم من المدرسة السياسية الاميركية بأن نجعل تنافسنا تحت سقف وقدسية الوطن، وان نجعل العقد الاجتماعي حاكما بيننا بدلا من ثقافة الصراع؟.
لن يتغير شيء طالما لم نتغير نحن فلا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم، وكما تكونوا يولّى عليكم.
عدن - ٩ يونيو ٢٠٢٥م