لتضع قمة الدوحة الصراع مع إسرائيل في المسار الصحيح

أدمنت اسرائيل الاستهتار بالعرب جميعاً وبقضية فلسطين في المقدمة. وقد فضح العدوان الصهيوني على العاصمة القطرية الدوحة بهدف اغتيال قيادات حركة المقاومة حماس التي كانت في مهمة تاريخية لإنقاذ شعب غزة من الإبادة الجماعية والتجويع والتشريد تمهيداً للتطهير العرقي الذي أصبح سياسة معلنة لنظام الفاشي بنيامين نتنياهو المدعوم دعماً مطلقاً من الولايات المتحدة مؤسساتاً ورئيساً.
إن العدوان الصهيوني على الدوحة وقبلها غزة والضفة المحتلة إحدى ذرى الغطرسة الصهيونية وتطبيقاً فعلياً لما قاله نتنياهو ووزيري الحرب كاتس والخارجية جدعون ساعر أن الشرق الأوسط كله وبدون استثناء في مرمى النيران الإسرائيلية. يقولون ذلك لأنهم يعون أن ترسانات السلاح العربي ليست للدفاع لا عن غزة ولا عن غيرها من العواصم العربية ولا عن دولة جارة. العدوان على الدوحة كان حلقة في سلسلة اعتداءات طالت بيروت ودمشق وصنعاء والحديدة وطهران واغتالت قيادات للمقاومة.
إن جريمة الحرب ضد قطر انتهكت فيها دولة الإبادة الجماعية والتجويع والتطهير العرقي سيادة قطر ولم تراع دورها المحمود في الوساطة لإنهاء الحرب على غزة وإنقاذ الأسرى الإسرائيليين الذين لامانع لدى نتنياهو من فقدانهم لحياتهم ولو بنيران القوات المعتدية طالما أن هدف إعادة احتلال غزة هو الأهم. ومن نتائج العدوان التي لا يعبأ بها نتنياهو أن بعض أركان نظامه الفاشيين منعوا من دخول عدة دول غربية وفرضت عليهم عقوبات لممارساتهم وأقوالهم التي لم تأت على ألسنة النازيين والفاشيين وكل قوى الاستعمار الغربي التقليدية. كان هؤلاء يخجلون وينمقون خطاباتهم أما نتنياهو وبن غفير وسموتيرتش فيشعرون بأن لا رادع لهم حتى وهم يتحدثون عن الحضارة والديمقراطية لثقتهم بأن امريكا في ظهرهم وأنها لسان لهم وسلاح بأيديهم.
إن هدف إسرائيل الاستراتيجي هو تصفية القضية الفلسطينية بتواطؤ امريكي، ويجب عربياً وإسلامياً ودولياً أن لا يمر هذا المخطط الشرير حتى مرور اللئام. وبجانب دعم موقف دولة قطر يجب ربط هذا الدعم باستمرار دعم قضية فلسطين كقضية تحرر من الاحتلال وعدم نسيان الضحايا الفلسطينيين شهداء العدوان الإسرائيلي الذي تم بموافقة امريكية وبسلاح امريكي وبعلم مسبق أو خلال العدوان.
جريمة الدوحة جريمة حرب كاملة الأركان تُضاف إلى جرائم دويلة الاحتلال العديدة، خصوصاً وأنها استهدفت الدور السياسي والعروبي والإنساني الذي تقوم به قطر من أجل وقف القتال وإطلاق الأسرى من الطرفين ووقف النار بجهد تقوم به بدون كلل مع مصر. إسرائيل التي أعماها جنون القوة لم تراعِ خصوصية العلاقات القطرية - الامريكية الوثيقة وماليس محلاً للشك بأن قاعدة العديد الامريكية رصدت طائرات العدو وهي تنتهك المجال الجوي القطري ثم تابعت مجريات العدوان أولاً بأول ولامجال هنا لإنكار التورط الامريكي. ومن رسائل إسرائيل في العدوان على قطر أن لا أحد في مأمن من ذراعها العدواني الطويل حتى لو كان حليفاً لأمريكا لأنها تشارك في صناعة قرارتها الخاصة لسياساتها في منطقة الشرق الأوسط بعربه وعجمه، إن لم تكن هي وحدها من يطبخ القرار.
إسرائيل بعدوانها على قطر برهنت من جديد أنها لا تريد السلام ولا وسطائه ولا تقدر مواقف دول تعمل لتحقيقه ولا تُقيم وزنًا لميثاق الأمم المتحدة ولا لقواعد القانون الدولي.
لقد استنكر العالم كله هذا العمل الإجرامي ضد قطر، وبدورنا ندينه وندين الاعتداءات الإسرائيلية التي لم تتوقف منذ قرابة عامين على الشعب الفلسطيني بل منذ عام 1948, وندين استهداف قافلة الصمود التضامنية بمسيرة إسرائيلية قبل انطلاقها من تونس لكسر حصار غزة ودعم شعبها غذائياً ومعنوياً وسياسياً. ففريق دعم صمود غزة يضم متضامنين من شتى دول العالم ومن بينهم كبار الفنانات والفنانين الامريكيين والاوربيين والشابة السويدية جريتا ثونبرج.
إن القمة العربية - الإسلامية في العاصمة المعتدى عليها يجب أن تكون قمة بمستوى الحدثين، محاولة اغتيال قيادة مقاومة مشروعة والعدوان على دولة عربية ذات سيادة وعضوة في جامعة الدول العربية لمواجهة المشروع الصهيوني الحربي التوسعي الذي يستهدف بجانب فلسطين أراضي ست دول عربية.
إن الشعوب العربية تطالب نظمها أن تكون على مستوى هذه المسؤولية التاريخية لمواجهة المشروع الصهيوني التوسعي بمشروع عربي عملي يطبق ولا يعلن فقط يضع حدًا للذل العربي ولطموح كيان العدوان بالهيمنة وللتخاذل العربي والدولي. لقد فقدنا حتى تفعيل أدوات الردع وقبل أن يقع الفأس في كل الرؤوس لابد من اليقظة والعمل المشترك الذي لابديل له لتحرير الشعب الفلسطيني واقامة دولته وعاصمتها القدس.


*